غريزة الحب.. وأجيال الغد!
بقلم: أحمد عادل مهدى
كاتب وأديب
إن الحب قد أوجده الله لتصفو به النفوس وتعلو به الهمم وبه يصل الناس إلى أعلى مراتب المودة والرحمة، فالحياة بدون حب كالشجرة الشامخة ولكنها ليست مثمرة ولكن ما أقصده هو أن يتحول الحب بين أبناء جيلنا إلى شهوة، فقد طرأت علينا في السنوات القليلة الماضية العديد من المسميات التي تبتعد كل البعد عن مضمونها الحقيقي، فوجدنا ان الفراغ العاطفي أصبح دافعًا لإقبال الكثيرين على ما يسمونه بالحب، فالحب ليس أن ينفرد أحدهم بالآخر ليُطلق له مشاعر مؤقتة تتآكل وتتهاوى بمرور الوقت، لا تُصدقوا أنفسكم فليس هكذا يكون الحب.
* ألم الإختيار!
وقد يرى البعض أن حياته لن تستقيم إلا بوجود طرف آخر في علاقة كان العقل بريئاً منها ، فحينما نسلم أنفسنا للعاطفة دون أن يشاركها العقل في اتخاذ القرار فلا حاجة لنا بالندم بعد أن نتجرع ألم الاختيار ، فكل مرحلة تعتبر بمثابة العثور على ما تتطلبه المرحلة ، فنجد أطفالاً يحيون و يتبادلون الرسائل، فهل هذا حب ؟ و هل هذه المرحلة من متطلباتها أن يبحث أحدهم عن الحب؟! بالتأكيد نحتاج إلى وقفة لتصحيح مفاهيم قد أودت بحياة الكثيرين من النجاح إلى الفشل و من الأمل إلى اليأس و الإحباط . و قد يرى البعض أن الحب يعني أن تمتلك من تحب فيصير مقيداً لا يمتلك القدرة على إصدار قرار و ليس له حق الاختيار.
* صراع عاطفى!
قد نجد في بعض الأحيان أحد الشباب مرتبط عاطفيًا بفتاة و صديقه المُقرب ليس كذلك، هنا تحدث ثورة في الوجدان ويطرح أحدهم السؤال، هل هو أفضل مني لكي يكون له فتاة يحبها و تحبه، فيبدأ هو الآخر في البحث عن فتاة تملئ هذا الفراغ الموجود الذي سرعان ما يمتلأ بوجود إحداهن ولكن ماذا بعد ذلك؟ كم علاقة فشلت وأودت بطرفيها إلى الهاوية ، و كم شخص فقد الثقة فيمن حوله نتيجة تعرضه لصدمة لم يكن يتوقعها من أقرب المقربين . و نفس الشيء يحدث مع بعض الفتيات حينما ترى إحداهن أن صديقتها تعيش حالة من الحب و الهيام فترى نفسها أحق بهذه الحالة فتتسابق دون وعي لعلاقة قد كُتب عليها الفشل قبل أن تبدأ.
* مسألة معايير!
قد نري معايير اختيار شريك الحياة قد اختلفت كثيراً في هذه الأيام عما كانت عليه في السابق، فأصبح الشاب يبحث عن فتاة فاتنة الجمال ، عيونها خضراء و شعرها أشقر و غير ذلك من المواصفات التي ربما تزول في حادث أو في غيره فليس الجمال من ثوابت الإنسان، متناسين أن هناك روح هي التي تبقى في النهاية، و قد أوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبحث عن ذات الدين فقال ” فاظفر بذات الدين ترِبت يداك ” و قال أيضاً ” لا تَتزَوَّجوا النساءَ لِحُسْنِهِنَّ فعَسَى حُسْنُهُنَّ أن يُرْدِيَهُنَّ ، وَلَا تَزَوَّجوهنَّ لِأَمْوالِهِنَّ فَعَسى أَمْوالُهُنَّ أن تُطْغِيَهُنَّ ، ولَكِنْ تَزَوَّجوهُنَّ عَلَى الدِّينِ ، وَلَأمَةٌ سوداءُ خرماءُ ذاتُ دِينٍ أفضلُ ” فهذه وصية الرسول لنا لنربي جيلاً يحمل تعاليم ديننا و لا يُقلد الغرب فالدنيا متاع و خير متاعها الزوجة الصالحة.
* ليس عيباََ.. ولكن..!
وأيضاً نجد العديد من الفتيات تبحث عن صاحب الأموال الطائلة و السيارات الفارهة والبراندات التي تجذب انتباه العديد من أمثالهن، فليس عيباً أن تبحث عن ذلك و لكن أن تضعه شرطاً و مقياساً للقبول او الرفض فذلك هو النقص الذي ينتج عنه التخلي مستقبلاً لو نقصت أمواله أو ذهب منصبه ، و قد أوصاهم رسولنا الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : ( إِذَا جَائكُم مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ كَبِير ) و الفساد هنا قد بدا جليَّاً هذه الأيام فقد رأينا الكثير من الشياب يُقبلون على أعمال غير مشروعة من أجل أن يظفروا بفتاة أحلامهم التي تجاوزت مطالبها حدود العقل و المنطق و لكن هذا الجيل كان ضحية لضعف ايمانه فسقط في نهاية المطاف في مستنقع الدنيا التي لن تعطيه أكثر مما يستحق.