تخليد يوم الشاعر الايراني حافظ الشيرازي في النجف الاشرف
بقلم: حميد حلمي البغدادي
تحت شعار “الشاعر الخالد حافظ الشيرازي ومكانته في الوسط الثقافي العربي” اقامت القنصلية العامة للجمهورية الاسلامية الإيرانية في مدينة النجف الأشرف ندوةً ثقافية استذكارًا لهذا الشاعر العظيم حضرها مجموعة من الباحثين العراقيين وعدد من عشاق الادب
الدكتور علي رضا عنايتي
……………………………
افتتحت الندوة بكلمة عبر الفيديو كنفرانس لمساعد وزير الخارجية ومدير عام دائرة الخليج الفارسي بوزارة الخارحية الايرانية الدكتور عليرضا عنايتي أشار فيها الی دور الثقافة و الادب والشعر فی تمتین العلاقات بین البلدین الشقیقین ایران و العراق و شعبیهما.
وتحدث د. عنايتي بهذه الندوة عن إلمام حافظ الشیرازي بالادب العربی و ثقافته قائلا : ان الملمعات بحد ذاتها هي تقریب بین اللغتين الفارسیة و العربیة لکننا نستلهم منها لتکون رمزا بین بلدینا ایران و العراق فانهما بثقافتیهما یشکلان فی مزیج أدبي نموذجا ملمعا فی هذا الاقلیم.
ورحب عنايتي بتوافد الزوار والسياح العراقيين على الجمهورية الاسلامية عبر استشهاده ببيت من غزلیات حافظ الشيرازي يقول فيه:
قدمت خیر قدوم
نزلت خیر مقام
مخاطبا شعب وادي الرافدين بالمجيء الی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة حیث یتلقون نفس الحفاوة التی یتلقاها الایرانیون عند ذهابهم الی العراق.
محاضرة الدكتور امير الكلابي
……………………………….
الدكتور امير كاظم عباس الكلابي رئيس قسم اللغة الفارسية في كلية اللغات بجامعة الكوفة تقدم بمحاضرة تحت عنوان (منزلة حافظ الشيرازي في الادب العالمي) شكر فيها القنصلية العامة الايرانية على عقدها هذه الندوة وقال :عندما نتحدث عن جمهورية ايران الاسلامية، نتذكر التاريخ العريق لهذه الامة وما تركه ابناؤها من الانجازات العلمية والمعرفية في شتى المجالات التي لاتزال تخدم الانسانية الى يومنا هذا، فهم من قال فيهم رسولنا الاكرم صلوات الله عليه وعلى اله في الحديث الشريف: لو کان العلم معلقا بالثریا لتناوله رجال من ابناء فارس.
اما ان تناولنا الادب الفارسي لوجدناه من اروع الاداب التي ترجمت لمختلف لغات العالم الحية ففي كل يوم يولد شاعر في هذه الارض المعطاءة . واقترن اسم حافظ الشيرازي بكتاب الله عز وجل لحفظه القرآن وشمول اشعاره على كثير من المفاهيم القرانية والافكار العرفانية ، فلايكاد يخلو بيت ايراني من ديوانه الذي يوضع جنبا الى جنب مع القران الكريم تيمنا بكلامه والتفأُل به. وقيل انه حفظ القران باربعة عشر رواية، لذلك نرى في اشعاره اشارات كثيرة ومضامين عديدة مقتبسة من القران الكريم.
يقول في احد اشعاره:
عرضه کردم دو جهان بر دل کار افتاده ،، بجز از عشق تو باقی همه فانی دانست
عرضت العالمين على قلبي البصير ،، فرأى ان كل شيء يفنى الا عشقك.
وهو بذلك يشير الى الاية الكريمة : (کل من علیها فان. ویبقی وجه ربّک ذوالجلال والاکرام) الرحمن اية 26،27.
ويتربع حافظ على عرش الادب الفارسي ويكاد يبلغ منزلة المتنبي عند العرب فهو شاعر الغزل بلا منازع ولان اشعاره كانت عابرة للزمان والمكان، ترجمت لاغلب لغات العالم الحية وتأثر فيه الشاعر الالماني غوته واهدى اليه ديوانه الغربي الشرقي وقال فيه : ياحافظ ان شعرك عظيم كالخلود.. لانه ليس له بداية ونهاية.
واختتم الدكتور امير كاظم الكلابي محاضرته بالقول: علينا ان نستثمر رسالة هذا الشاعر العظيم بما يحمله من فكر نير لامة عظيمة كانت ومازالت تقدم وترفد الانسانية بالعلم والادب والفكر كرسالة سلام وتقارب ووئام بين شعوب العالم.
الاستاذة فاطمة بلاسم
________________
وقدمت الباحثة الاستاذة فاطمة بلاسم عزيز موضوعا تحت عنوان (مكانة الشاعر حافظ الشيرازي في الأدب العربي) جاء فيه أن شعر حافظ يتميز بطابع عربي واضح مما جعله مميزا عند العرب و يرجع هذا الى وحدة الدين حيث يضم العالم إلاسلامي شعوبا , متعددة اللغات , وقد جمع إلاسلام بين هذه الشعوب المختلفة , واحتلت اللغة العربية مكانة كبيرة عند شعوب هذا العالم لأنها لغة القرآن الكريم والمسلمون يحتاجون إلى دراسة القران و فهمه ؛ ولذلك جاءت حاجتهم إلى دراسة اللغة العربي التي تعد لغة الثقافة والعلم والدين . و ان للغة العربية صلات قوية بلغات العالم الاسلامي كصلتها مثلا باللغة الفارسية و تعود هذه الصلة بين اللغتين العربية و الفارسية الي زمن سابق على الاسلام بسبب الجوار الجغرافي بين بلاد العرب و بلاد العجم.
الباحث الاستاذ عبد الهادي المظفر
………………………………….
أما الباحث النجفي الاستاذ عبد الهادي المظفر فأوضح في محاضرته (حافظ الشيرازي في ضمير الشعبين العراقي والايراني) قائلا أن الشاعر الشيرازي توغّل في عالم غير محسوس ليبحر في أعماق المعنى لإنتاج منظومة معرفية أخرى قوامها ترك المسلّمات و التوجّه الى ما لم يُرَ.
و عن شاعرنا الخالد قال المظفر: ” حافظ الشيرازي كان الأكثر حضورا في الضمير الإيراني الذي يحفظون شعره و يلهجون به في حِكمهم ولا يقولون اسمه ما لم يُسبق بلقب ” حضرة ” و هذا دليل على حضوره في وجدانهم و يكاد لا يخلو بيت إيراني من كتابين المصحف الشريف و ديوان حافظ “
الدكتور باسم عبد الحسين الحسناوي
……………………………………………….
وفي محاضرة له تحت عنوان (الغزل العرفاني في الشعر العربي والشعر الفارسي/ حافظ الشيرازي وابن الفارض مثالا) قال الدكتور باسم عبد الحسين راهي الحسناوي
استاذ الدراسات القرآنية واللغوية/الكلية التربوية المفتوحة/مركز النجف الأشرف :
ليس من الصحيح فهم الشعر الغزلي عند ابن الفارض أو عند حافظ الشيرازي بصفته غزلاً عادياً، بل لا بدَّ من افتراض أنَّ لهذا الغزل ظاهراً وباطناً، والمهم المهم هو المعنى الباطني في هذا الشعر، وإن كان هذا لا ينفي أن يكون لهذا الشعر ظاهرٌ أنيق وجميل، يجعله في الذروة العالية قياساً بأشعار الغزل عند الشعراء الآخرين من غير شعراء العرفان.
واضاف : كان حافظ عارفاً باللغة العربية وآدابها، ناهيك عن أنه حافظٌ للقرآن الكريم عن ظهر قلبٍ من أوَّله إلى آخره، ومطَّلعٌ على السنة النبوية الشريفة بلغتها الأصلية، وبحكم كونه إمامياً إثني عشرياً فإنه كان مطَّلعاً أيضاً على التراث الروائي لأهل البيت عليهم السلام، ومن الطبيعي أن يكون لكلِّ هذه الثقافة الدينية والأدبية المتشعِّبة أثرها البارز في شعر حافظ، فهو مثلاً كثير الإستشهاد بالقصص القرآني متخذاً منه وسيلةً لتكثيف الصور الفنية في شعره، كما انه كان شديد التأثر بتراث اهل البيت لا سيما كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام. كما إنه كان متأثراً بالتراث الشعري العربي، حتى لو لم يكن هذا الشعر ذا طابعٍ إشراقيٍّ أو عرفانيٍّ،
وقال في الندوة :مما لانختلف حوله هو أن حافظ رفض واقع النفاق الذي عم عصره، وحاول التعبير بقوة عن ذلك الرفض، لكن هل كلام الرجل ينتهي عند حروفه، أم أن كلماته تتحرر من قيود رسومها وتحلق بعيدا في سماء المعاني، فلا يبقى الدير ديرا ولا المجوس مجوسا، ولا تصبح للشراب أي علاقة بالخمرة التي نعرفها، وتصير الكلمات كلها إشارات لمعاني متعالية، لا تدرك إلا بالحس الروحي ولايفهمها إلا من يستشعرها من الناس. إن من يقرأ حافظ في أصله الفارسي، سيدرك تماما أن الرجل بعيد كل البعد عن أجواء اللادينية ومسار المجون، فمتانة كلام حافظ وتعالي معانيه، وقوة شبكة المضامين التي تحكم نصوصه، كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أنه يعني شيئا آخر غير ما يعرب عنه ظاهر لغته، وإلا بماذا سنفسر حربه على النفاق وإعلاءه للصدق الإيماني والنقاء القلبي.
الدكتور محمد جمال الطيف
_____________________
اما الدكتور محمد جمال الطيف أستاذ اللغة الفارسية جامعة كربلاء فقد تحدث عن حياة ومكانة الشاعر الكبير حافظ الشيرازي و مدى تاثيره في الشعب الإيراني و تطرق الى اراء المختصين حول الانتماء المذهبي له حيث يذكر بعض الباحثين بانه شيعي اثني عشري ويذهب الاخرون الى انه صوفي اشعري أيضا تطرق الى الاتجاهات الفكرية التي عاصرها حافظ الشيرازي وكيف استطاع ان يبرز في ظل حكومة الاحتلال المغولي وتاثيرهم على الواقع الثقافي والسياسي في تلك الفترة الى جانب ذلك ذكر الباحث بعض الترجمات الى اللغة العربية واللغات الأخرى ومكانتها في الوسط الادبي للعرب وختم ورقة البحث بقراءة في رباعيات حافظ الشيرازي في اللغة الفارسية وترجمتها الى اللغة العربية.
الاستاذة ايمان عبد اللطيف
……………………………..
وقد تقدّمت الباحثة الأستاذة إيمان عبد اللطيف المحمّد الباحثة في الأدب المقارن في جامعة البصرة/ كلية التربية للبنات، بورقة بحثية عبر الفيديو كنفرانس بعنوان “المرجعيات الثقافية العربية في شعر حافظ الشيرازي” ركّزت فيها على أبرز الروافد العربيّة التي أثرت ثقافة حافظ الشيرازي الفارسيّة وصقلت موهبته الشعرية بثقافة عربية كانت أبرز مرجعياتها المرجعية الدينية والمرجعية الأدبية.
واوضحت الباحثة ايمان المحمد قائلة: يبقى حافظ الشيرازي الشاعر العظيم في إيران بشعره الذي مثّل اسمى آيات العروج إلى الذات الإلهية وأقدسها، واليوم لعظمته نراه قد ارتقى إلى منزلة الأدب العالمي فقلّما نجد من لا يعرف حافظ فالقارئ لشعره ينعم بهدوء شيراز الخضراء ويستروح عطر بلاد فارس ويرحل لعالم الروح حيث معاني الشوق والوجد والعشق الخالص، فالخبّاز حافظ رقى بعظمته إلى التنور الذي إلى اليوم نقتات منه خبز الحب.
صفوة القول : ان هذه الندوة التي رعتها القنصلية العامة الايرانية في النجف الاشرف كانت ناجحة شاملة تضمنت اوراقا علمية متنوعة سلطت الضوء على منزلة الشاعر العظيم حافظ الشيرازي ومنجزاته. كما دعا بعض المشاركين الى تبني مشروع توأمة بين الأدباء العراقيين و الإيرانيين و عقد جلسات مشتركة تترجم فوريا أو
واعتبر البعض أن هذه الندوة ونظيراها تشدد ارتباط الشعبين الايراني و العراقي وتعمق روح الاخوة في ما بينهما اكثر فأكثر.