ثقافةسلايدر

مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية: إطلاق 17 قمر صناعى منذ عام 2000

استمع الي المقالة

أشرف أبو عريف

تواكب المملكة العربية السعودية اليوم الدولي للرحلة البشرية للفضاء الذي يصادف الـ 12 من أبريل الحالي، حيث تعول على مجال الفضاء لإحداث نقلات كبرى في المجالات العلمية والتقنية والاقتصادية، بتأسيسها الهيئة السعودية للفضاء بدعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وقناعته الراسخة بأهمية هذا القطاع الكبير.

جاء تأسيس الهيئة السعودية للفضاء، والتي يترأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، امتداداً لأنشطة مبكرة بدأتها المملكة في مجالات الفضاء منذ نهاية السبعينات، وأخذت تتبلور مع أول رحلة فضاء شاركت فيها المملكة بفريق علمي وأول رائد فضاء عربي مسلم عام 1985م، وهو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، بمشاركة أكثر من 30 عالماً سعودياً لتعزز علاقتها بعلوم الفضاء منذ أكثر من 35 عاماً في رحلة المكوك الفضائي ديسكفري ، ليمتد على إثر ذلك نقل وتوطين التقنية في مجالات الفضاء محلياً والاستفادة منها في مجال الفضاء والاتصالات إلى جانب إطلاق أقمار صناعية بنيت وطورت بأيدي سعوديين.

ويناط بالهيئة التي تأسست عام 1440هـ جمع كل ما له علاقة بالفضاء والانطلاق نحو المستقبل، في ظل ما تقبل عليه المملكة من نهضة كبيرة في مجال الفضاء، والارتقاء وتحقيق الإنجازات في شتى العلوم والمجالات، وفي مقدمتها ريادة الفضاء وبناء الكوادر والاستثمار في قطاع الفضاء، استمراراً لتحقيق رؤية 2030 من خلال تطوير قطاع الفضاء وتوجيه الجهود بما يحقق للمملكة الريادة والمكانة الدولية التي تستحقها.

عملت الهيئة السعودية للفضاء على تنظيم “برنامج أجيال الفضاء” هذا العام الذي يُعنى بتنمية رأس المال البشري في قطاع الفضاء تماشيًا مع أهداف رؤية 2030، وذلك في إطار اهتمام الدولة بتطوير الكوادر الوطنية الشابة والاستفادة من دور الخيال العلمي في رفد المعرفة مع معطيات الواقع التي لا يتقوقع الخيال عندها بل يطورها ويبني عليها ليكوّن واقعاً جديداً ، حيث يسهم البرنامج في إنشاء قاعدة وطنية لرأس المال البشري في قطاع الفضاء، وتشجيع الاهتمام بالبحث العلمي وتعلم مختلف مجالات الابتكار، إضافة إلى التعاون مع الجهات الأكاديمية المتخصصة؛ لتحقيق المزيد من التقدم في الأبحاث المتعلقة بعلوم الفضاء وتطبيقاته، وإيجاد بيئة تعليمية مزدهرة في المملكة من خلال تأسيس بيئة محفزة وممكّنة لقطاع الفضاء؛ لتكون منصة ينطلق منها مسارات اقتصادية وعلمية كبيرة بالتعاون مع جميع شرائح المجتمع.

ودعت المملكة ممثلة في الهيئة السعودية للفضاء إلى عقد الاجتماع الأول لـ “قادة اقتصاد الفضاء 20” وذلك في إطار رئاستها مجموعة العشرين هذا العام ضمن برنامج المؤتمرات الدولية بهدف تنسيق جهود الاستخدام السلمي للفضاء من قبل الوكالات في أكبر 20 دولة اقتصادياً على مستوى العالم ودعم الجهود القائمة والمستقبلية للدول الأعضاء للنهوض بمستوى الاستثمار العلمي والاقتصادي لقطاع الفضاء ورفع تنافسيته واستدامة أنشطته.

وبالرجوع إلى عام 1977م يسجل التاريخ إنشاء المملكة “المركز الوطني العربي السعودي للعلوم والتقنية” ليضطلع بدوره في إجراء البحوث العلمية التطبيقية لخدمة التنمية والتطور ،الذي تحول اسمه بمرسوم ملكي صدر عام 1985م إلى “مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية” للعمل والنهوض بهذا القطاع الحيوي ومنه رسم خطة نقل وتوطين تقنية الأقمار الصناعية عام 1988م عندما التحق بالمركز الوطني لتقنية الأقمار الصناعية مجموعة كبيرة من المختصين في مجالات وأقسام هندسية مختلفة تشمل الميكانيكا والكهرباء والإلكترونيات والتحكم والضوئيات والبرمجيات وغيرها.

وتمكنت المملكة ما بين أعوام 2000م – 2021م من إطلاق 17 قمراً صناعياً سعودياً إلى الفضاء بإشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية “كاكست” سُجل آخرها القمر السعودي “شاهين”، الذي أطلِق في 22 مارس 2021م ، حيث يجري تصنيع الأقمار الصناعية السعودية كأجزاء هيكلية في الورشة الميكانيكية التابعة للمدينة التي أصبحت الآن جزءاً من مركز الصناعة الرابعة ، كما يعمل فريق خاص لدى معهد بحوث الفضاء والطيران بالمدينة على إنتاج الألواح الإلكترونية المطلوبة لتكامل تشغيل القمر الصناعي بالشكل الأمثل في الفضاء التي يقوم بتصميمها مسبقاً مهندسين مختصين في المركز بحسب المتطلبات وفقاً للمعايير الدولية.

وحرصت المملكة رفعاً لمستوى اهتمامها بقطاع الفضاء على التعاون مع الجهات العلمية الدولية، حيث نفذت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تجارب علمية في الفضاء بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” ، وجامعة ستانفورد على متن القمر “سعودي سات 4” ، وشاركت في مهمة استكشاف القمر “تشانق اي 4” بالتعاون مع وكالة الفضاء الصينية عام 2018 في مهمة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي من القمر .

وأنشأت المملكة ممثلة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وفي إطار الإنجازات السعودية في مجال الفضاء “مركز تميز الفضاء والأرض” بالتعاون مع معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا كالتك “Caltech” ، ومركز تميّز أبحاث الفضاء والطيران المشترك مع جامعة ستانفورد الأمريكيّة ، وقامت بتعزيز مستوى التعليم في علوم الفضاء والطيران والبرامج التعليميّة وتنمية الكوادر الوطنيّة.

كما أبرمت المملكة عدة اتفاقيات في مجال تقنية الفضاء الخارجي وتطبيقاته مع دول عدة كالولايات المتحدة الأميركية والصين والاتحاد الروسي وألمانيا وفرنسا وكازاخستان ، وتماشياً مع التطورات المتلاحقة في صناعة الفضاء أنشأت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية محطّات لاستقبال الصور والبيانات الفضائية.

ويُنتظر في المستقبل القريب إقرار الدولة للإستراتيجية الوطنية للفضاء التي تتضمن مشاريع طموحة وواقعية تليق بمكانة المملكة المهمة ، وتعتمد على ممكّنات منها تأسيس برنامج تمويل للمشاريع الناشئة والبحثية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحفيز الابتكار، وتؤكد التزام المملكة بالاستثمار في هذا القطاع الاقتصادي الكبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى