رأى

الاخوة الانسانية وطلابنا فى المدارس

استمع الي المقالة

أميرة عبد الحكيم

فى الاحتفال باليوم العالمى للأخوة الانسانية، فاجأتنا وزارة التربية والتعليم بمبادرة متميزة عن اعدادها لحقيبة تدريبية بهدف تعزيز الحريات الدينية ونشر ثقافة التسامح الدينى ونبذ التعصب فى المجتمع المدرسى تأكيدا على القيم الانسانية والدينية التى ترسخ التعايش المشترك واحترام الاخر وقبوله. وما لفت الانتباه أيضا ليست مبادرة جديدة فحسب، بل سبقها خطوة مهمة قامت بها الوزارة حينما اعدت منهجا عن القيم واحترام الآخر بدأ تدريسه هذا العام (2020-2021) بالصف الثالث الابتدائى متضمنا مبادئ الاخوة الانسانية.

ولا شك أن هذه المبادرة تمثل ركيزة أساسية فى بناء المستقبل إذا اردنا أن نحمى وطننا من خطابات التطرف ومخططات الارهاب، خاصة إذا شملت المبادرة محورين اساسيين: الاول تضمين كافة المناهج الدراسية بشكل مباشر وغير مباشر لمنظومة القيم التى تنبذ العنف وترسخ التسامح وتحترم التعددية وتعلى من أهمية الاختلاف كونه ثراء. أما المحور الثانى، يتعلق بضرورة تضمين المبادرة كذلك مجموعة من الانشطة المدرسية التى ترسخ هذه القيم وتؤكد على معايشتها اليومية، حتى لا تتحول إلى مجرد مواد يتعلمها الطالب، خاصة إذا كان لا يفقه كيف يطبقها او لا يعلم أهميتها فى إدارة شئون حياته، وهو ما يستوجب ان تكون هناك ممارسات يومية وتطبيقات عملية على منظومة القيم التى تضمنتها الحقيبة التدريبية.

إضافة إلى ما سبق، يمكن القول أن نجاح هذه المبادرة فى أن تؤتى ثمارها بتخريج جيل من الطلاب ينبذ العنف ويحترم الآخر، ويقبل الاختلاف والتعددية مرهونا بدور مجتمعى معاون ومساند، فمن غير الممكن ان يتلقى الطالب فى مدرسته دورس ويمارس انشطة تحث على هذه القيم فى حين أن بقية مؤسسات التنشئة الاجتماعية وفى مقدمتها الاسرة والاعلام يقدمان خطابات مغايرة، بل والدراما والسينما كذلك يقدمان قصص وحكايات عن العنف والقتل وخلافه، ورغم ما يحاول البعض تبرير ذلك بأن هذا هو ما قد يحدث فى الواقع، إلا أن نقله بهذه الصورة وتضخيمه بهذا الحجم يجعله كأنه هو القاعدة الرئيسية فى المجتمع وأن ما يدرسه الطالب فى المدرسة هو الاستثناء او ما يجب ان يكون عليه السلوك، فيتعامل الطالب مع المنظومة القيمية من منطلق مواد مهمة لدراستها لتحصيل الدرجات او على الاقل لضمان النجاح دون أن تنعكس هذه القيم على ممارساته اليومية ومعاملات وحواراته مع الاخرين، فيصبح الطالب إزاء انفصام بين واقع معاش يتعارض مع منهج تعليمى رفيع المستوى، فيدرك حينها الطالب ان ثمة خلل فى هذا المجتمع، وهو ما قد يدفعه إما الى الهجرة بعيدا عن هذا المجتمع الذى يعانى من خلل بنيوى أو ينحرف بفكره وتوجهاته ضد هذا المجتمع، فيزداد الوضع تعقيدا وتشابكا.

ما نود قوله إن منظومة التربية الهادفة إلى غرس قيم حقيقية فى ابناءنا وطلابنا يجب ان تكون منظومة توافقيه تحظى بمساندة كافة المؤسسات التعليمية والتربوية والاعلامية والثقافية حتى لا يضيع الجهد سدى ونعيد الكرة من جديد، فهل يدرك الجميع تلك المسئولية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى