إشتباك دبلوماسي
بقلم: أحمد طه الغندور
قد يبدو من المستعجل أن نتطرق إلى توصيف السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي “بايدن” خلال الأيام القليلة التي تقلد فيها حكم الولايات المتحدة، ولكن على عادة المرشحين الأمريكيين للرئاسة، فإن “بايدن” أطلق العديد من الوعود فيما يتعلق بسياسته الخارجية، مؤداها أنه يرغب في التخلص من “إرث ترامب” ـ كما يحلو للسيد “دينس روس” أن يطلق عليه ـ وهو الإرث الذي اتسم بكونه حالة من “الاشتباك السياسي” في العديد من المناطق على مجمل الخريطة العالمية، كما سبق أن ناقشته في مقال سابق.
لكن “قيادات تل أبيب” وداعميها من “الصهاينة الأمريكان” كونهم أحسنوا استغلال فترة “ترامب” من أجل تنفيذ وتطوير خططهم “الصهيونية” في فلسطين والعالم العربي؛ يرون أن ذلك إرثاً هاماً، لا يجب للرئيس “بايدن” أن ينقلب عليه ـ كما هو حال السياسات في الإدارات الأمريكية المتعاقبة ـ!
فهم يرون أن لـ “بايدن” الحق في رفض سياسات “ترامب” بشأن الهجرة للولايات المتحدة، وسياسة دخول الأراضي الأمريكية، والجدار مع المكسيك، والعودة إلى اتفاقية المناخ، واتفاقية سارت 3، والعلاقة الجدلية مع الصين، ولكن هناك إنجاز ضخم واختراق لم يسبق له مثيل للسيد “ترامب”!
وهو “الاتفاقيات الإبراهيمية” أو ما يُعرف بمسمى “التطبيع العربي مع الاحتلال”، ويفسرون ذلك بأنها خطوات هامة في سبيل التأثير على الفلسطينيين في الرجوع إلى مسار المفاوضات!
والغريب أنهم كـ “سحرة فرعون” يريدون أن يموهوا على الحقيقة، رغم أن “ربيبتهم” هي من “رفست” المفاوضات والسلام، وتمادت في “الاستيطان الاستعماري” ولا زالت تشجع “المستوطنين المتطرفين” على العربدة في الأراضي الفلسطينية، ويمارسون الجرائم التي يجب أن تجد جواباً لها أمام محكمة الجنايات الدولية!
ومن المهم التذكير أن في فترة حكم “أوباما/ بايدن” مجلس الأمن أدان “الاستيطان”، إذاً لم يكن الفلسطينيون ـ بأي حال من الأحوال ـ هم الذين تخلوا عن السلام، أو حل الدولتين.
ولم يكونوا هم من أصدر قانون “القومية اليهودية” وسعى إلى حصار القيادة والشعب الفلسطيني!
وأنهم في الولايات المتحدة يعلمون حق العلم، بأن بعض الممارسات لأطراف “الاتفاق الإبراهيمي” تخالف العديد من المواثيق الدولية؛ وعلى رأسها ” ميثاق الأمم المتحدة “، و ” ميثاق روما ” الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية التي فرض “ترامب” عقوبات ضد طاقمها!
ولا بد أن نعترف أن هذه المحاولات القادمة من “تل أبيب” لكل من “كوخابي”، “يوسي كوهين”، “مائير بن شبات” واتصالاتهم بنظرائهم الأمريكان، وتصريحاتهم، بالإضافة إلى ما يكتبه “الصهاينة” الأمريكان عبر مراكز الأبحاث المرموقة في الولايات المتحدة قد بدأت تأتي أوكلها في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية التي لم تنجح في الانقلاب على سياسة “ترامب” في “الاشتباك السياسي” لتعود سياسة الولايات المتحدة إلى الحوار البنّاء والتعاون الدولي النابع من احترام القانون الدولي، أصبحت سياسة الولايات المتحدة اليوم حالة خاصة من “الاشتباك الدبلوماسي” بداية من تشكيل طواقمها العاملة في أجهزة السياسة الخارجية، وحتى الخطط والمواقف الجديدة التي أضحت تُعبر عنها!
فما هو الحل، وكيف يُمكن التغلب على هذه الحالة أو الظاهرة في العلاقات الدولية؟!
بدايةً؛ يجب أن نعلم أن هذه الظاهرة طارئة، ولا يمكن أن تُشكل استراتيجية عمل في العلاقات دولية، فرضتها في الأساس “حالة القلق” التي تعيشها الإدارة الأمريكية نتيجة “أحداث الكونغرس” التي جرت في السادس من الشهر الحالي بتحريض من “ترامب”، وبالتأكيد هو ليس وحده بل هناك شركاء يجب البحث عنهم!!!
هذا القلق، والانشغال بالقضايا الداخلية لمكافحة وباء كورونا، والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أمريكا يأخذ جهداً خاصاً من الإدارة الجديدة.
ولكنها لم تعزل نفسها تماماً عن العالم الخارجي، وتغلق الباب على نفسها، بل وضعت أولويات لسياستها الخارجية بدءً من دول الجوار، التي شرع بها الرئيس مع نظرائه في كندا، والمكسيك، وأوروبا، بينما أفراد الطاقم يديرون الحوارات مع باقي الدول!
وهم يعلنوها صراحة من خلال هذه الممارسة “ناتنياهو” ليس على قائمة المفضلين لدى الإدارة الجديدة، وأن الإدارة ترفض سياسة “الابتزاز” التي يمارسها “قادة الاحتلال” لكن عليكم أن تبادروا، ولا تتركوا الأمر على هذه الحال!
ما هي مبادرتنا التي يُمكن أن نطرحها؟!
مع كل الاحترام والتقدير؛ لا يكفي أن نستمع إلى ” هادي عمرو ” ـ ذلك اللبناني الأنيق ـ العائد إلى الخارجية كعضو هام في الطاقم!
متي سنطير إلى الولايات المتحدة لنطرح ما نريده، من مؤتمر السلام، ولجم الاحتلال، وحقوقنا المشروعة؟!
لا تتركوا الساحة للخصوم!
من هو سفيرنا إلى الولايات المتحدة؟!
متى ستفتح البعثة الفلسطينية أبوابها في واشنطن؟!
قصة القانون الأمريكي، وإجراءات الكونغرس لا تقنع أحد، فقد تعاطت الإدارات السابقة مع العديد من قضايا الدول التي شابت علاقاتها عقوبات كالسعودية، والسودان وغيرها!
متى نُحسن توظيف جاليتنا الفلسطينية والعربية في أمريكا، وقد وصل أبناؤنا إلى البيت الأبيض؟!
يا سادة؛
الاشتباك الدبلوماسي هو دعوة للحوار والاختيار بين المواقف!
متى ستنطقون؟!
عليكم تحريك شفاهكم ليسمعكم العالم!