رأىسلايدر

مجلس الشيوخ البلجيكي للبيع… مقابل يورو واحد

استمع الي المقالة

بقلم: عبدالله مصطفى

بين الحين والاخر يخرج حزب فلامس بلانغ “اليميني المتشدد ” في بلجيكا بمبادرات او فعاليات تثير الدهشة والجدل واحيانا الغضب من جانب الجاليات العربية والاسلامية وايضا الاوساط السياسية والحزبية في البلاد.

فمثلا نراه يعلن عن تنظيم رحلات سفر مجانية لابعاد المهاجرين الاجانب خارج بلجيكا واحيانا يطلق حملة للابلاغ عن وجود مساجد او اماكن للصلاة قريبة من المنازل وتثير مخاوف وقلق سكان المنطقة وذلك في اطار حملة لليمين المتشدد الاوروبي تحت عنوان ” لا ..لأسلمة اوروبا “.

واحيانا اخرى نجد بوسترات وصور لسيدة منقبة ترتدي الملابس السوداء بجانب اكياس القمامة السوداء ، ومؤخرا شهدنا فيديو لقيادات في الحزب وهي تغطي على اسماء محلات مكتوبة باللغة العربية ، في شوارع مدينة انتويرب شمال البلاد معقل الحزب وذلك لمواجهة انتشار اي لغة اخرى غير لغة البلاد وهي الفلامنية الى جانب اللغة الاخرى وهي الفرنسية لغة النصف الاخر من البلاد وهو الجزء الوالوني ..

 وقبل ايام قليلة صدر تصرف عن الحزب وصفه البعض بالمثير للضحك ولكن البعض الاخر ينظر اليه على انه تصرف يدل على وجهة نظر معينة ويريد توصيل رسالة هامة فماذا حدث ؟

 عرض الحزب اليميني المتطرف مجلس الشيوخ البلجيكي للبيع على الموقع المخصضص للأغراض المستعملة ” سكند هاند ” زاعماً أن المجلس عديم الفائدة وغير ضروري. وحسب وسائل اعلام محلية قال جاي دي هايسلير زعيم قائمة الحزب المتطرف في مجلس الشيوخ في إعلانه على الإنترنت: “سنعرض مجلس الشيوخ للبيع على موقع ” سكند هاند” مقابل 1 يورو، ونأمل أن يتمكن المشتري المحتمل من وضع هذا المبنى الجميل في خدمة السكان بطريقة أكثر فائدة” .ووفقًا للإعلان الذي تمت إزالته مباشرةً من على الموقع ، عرض الحزب هذا السعر المنخفض حتى يترك للمشتري الجديد المجال لإزالة أي سياسيين أو رؤساء حاضرين يتظاهرون بأنهم أكثر أهمية من مهامهم” ، وفقًا لتقرير صحيفة “هيت نيوسبلاد“.

وقال دي هايسلير ،إن الغرفة العليا في البرلمان الفيدرالي توقفت عن كونها مفيدة وأصبحت “جمعية غير ضرورية تمامًا”.مدعيًا أن مجلس الشيوخ يكلف دافعي الضرائب حوالي 40 مليون يورو سنويًا ، أشار دي هايسلير إلى أن الوقت قد حان للتخلص منه في وقت تلوح فيه المشاكل المالية لبلجيكا ، بحجة أن القيام بذلك من شأنه أن “يساعد على مصداقية السياسة . ”في الإعلان المحذوف ، أشار حزب فلامس بيلانج أيضاً إلى أن مجلس الشيوخ هو موطن للعديد من الأعمال الفنية التي تبرعت بها المتاحف على مر السنين ، مما يجعلها “فرصة إستحواذ رائعة لهواة تجميع الأعمال الفنية”.

إستقطب الإعلان المضحك ردود فعل كبيرة من المؤيدين على وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث وافق الكثيرون على إنتقادات الحزب بأن مجلس الشيوخ كان “مجرد إهدار لأموال دافعي الضرائب” وتنكر لحقيقة أن بلجيكا لديها عدد من الحكومات . وما ادراك ماتتكلفه هذه الحكومات من اموال طائلة على حساب دافعي الضرائب ايضا …

نعم يوجد في بلجيكا عدد من الحكومات ومنها حكومة المنطقة الفلامنية ، واخرى في المنطقة الفرانكفونية وايضا حكومة منطقة بروكسل العاصمة وحكومة الجزء الناطق بالالمانية في البلاد والحكومة الفيدرالية وايضا برلمان فيدرالي وبرلمانات جهوية وهذا يعود الى وجود عدة مكونات للمجتمع البلجيكي الذي يعيش في بلد له حدود مع هولندا فاصبح الجزء القريب من حدودها يتحدث الهولندية او الفلامنية وايضا له حدود مع فرنسا وسكان هذه المنطقة يتحدثون الفرنسية وكذلك الامر بالنسبة للمنطقة القريبة من حدود المانيا.

و اخر مفاجأت اليمين المتشد هي انتقاد لاذع لدور مجلس الشيوخ البلجيكي ولكن في هذا الصدد يمكن القول انة هناك دولا يوجد بها مجلس شيوخ الى جانب مجلس النواب وان اختلفت المسميات من دولة الى اخرى وبالعودة للتاريخ نجد ان مجلس الشيوخ الروماني أول مجلس شيوخ على وجه الأرض وقد اخذت الدول الديمقراطية الحديثة نفس مبادئه ..ولكن هناك دول اخرى لايوجد بها مجلس شيوخ او مجلس المستشارين او اي اسم اخر.

 ولكن المهم في الموضوع ان هذه الدول التي يوجد بها مجلس للشيوخ تستفيد من وجود هذا المجلس ويكون له دور مفيد ومؤثر في مناقشة واتخاذ القرارات التي تهم مصلحة البلد ومنها على سبيل المثال دور مجلس الشيوخ الاميركي ونقاشاته حول القوانين والملفات الهامة.. ولا يستطيع الرئيس الأمريكي التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات والقرارات المهمة من دون استشارة وموافقة مجلس الشيوخ، وفى بريطانيا نجد مجلس اللوردات البريطاني الذي يعد أحد غرفتي البرلمان فى المملكة المتحدة، وهو أقل سلطة من مجلس العموم الذي يمثل الهيئة الأكبر فى التشريع والرقابة، ويتمثل دوره فى دراسة القوانين بعد موافقة مجلس العموم عليها، ويمكن له أن يطرح تعديلات فنية عليها، بشرط ألا تتعارض مع المبادئ الأساسية الخاصة بها، وفي فرنسا يتمتع مجلس الشيوخ بصلاحيات أقل من الجمعية الوطنية.

وفي مصر مجلس الشيوخ سيكون بمثابة الغرفة التشريعية الثانية وهذا النظام معمول به فى أغلب دول العالم من أصحاب التاريخ الطويل فى الحياة البرلمانية واتذكر هنا تصريح على لسان المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، والذي أكد خلال إحدى اللقاءات التليفزيونية أن مجلس الشيوخ ليس بدعة، أو تقليد مصري خالص غاب ثم عاد مرة أخرى، ولكن نظرا لظروف سياسية واستثنائية في وقت ما تم الغائه بإرادة الشعب، وعودته أيضا بنفس الإرادة من خلال الاستفتاءات الدستورية، وأن الكثير من دول العالم البرلمان بها يتكون من غرفتين “النواب والشيوخ”. وقد يتفق معه البعض او يختلف في الراي ومصدر الاختلاف ان الظروف الاقتصادية في مرحلة اعادة البناء لاتتحمل نفقات أكثر ولكن هناك من يرى ان عودة التجربة سيكون له فوائد تفوق بكثير ما يمكن الحديث عنه من انفقات.

وخلاصة القول ان كل مؤسسة لها دور في العمل التشريعي يجب ان تمارس دورها المؤثر والمفيد ولامانع من تقييم الامر بعد فترة والنظر في مدى جدوي الامر من عدمه . اختلف البعض معي او اتفق فان نجاح التجربة سيكون له ايجابيات كثيرة وفي حال العكس سيجرى تقييم الامر واتخاذ القرار الصائب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى