سلايدر

للنساء حول العالم دوراً كبيراً في وضع حدّ للعنف المسلّح ويجب أن يعكس عملنا لأجل السلام هذا الواقع

استمع الي المقالة

بقلم إيزومي ناكاميتسو

الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، والسفيرة سلمى أشيبالا موسويي (ناميبيا)

في 31 أكتوبر، بتاريخ الذكرى السنوية للقرار 1325، ومن المقرر عقد المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن حول المرأة والسلام والأمن في 27 أكتوبر الجاري. 

إنّ الجائحة العالمية فرضت علينا جميعًا العيش في حالة من المعاناة وعدم اليقين. بالنسبة لأولئك الذين يعانون أيضًا من العنف – إمّا بسبب النزاع المسلّح الدائر خارج المنزل، أو بسبب القائم داخل المنزل – إنّ واقع المعاناة وانعدام الأمن يتمّ حجبهما كل ساعة من كل يوم.

في ظلّ أوامر البقاء في المنزل التي فرضت على الجميع في وقت سابق من هذا العام، وجدت العديد من النساء والفتيات حول العالم أنفسهنّ فجأة محجوراتٍ بعيداً عن الأنظار، وقابعاتٍ مع شركاء مسيئين، بعضهنّ تحت تهديد السلاح. بعد ذلك بوقت قصير، أفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنّ العالم يشهد “طفرة عالمية مروّعة في العنف المنزلي”.

قد يؤدي إنهاء الجائحة إلى إغاثة هؤلاء النساء قليلاً، لا سيما في المجتمعات التي دمّرها الصراع المسلّح والعنف. إذا تُركت الجائحة دون معالجة، فسوف يستمرّ العنف ضدّ هؤلاء النساء بالتزايد بشكل مطرد.

للنساء في كل مكان نفس القدر من الأهمية في وضع حدٍّ للعنف المسلّح، وعلى العالم أن يمنحهنّ كل أداة ممكنة لمواجهته في المنازل والمجتمعات المحلية وفي جميع أنحاء العالم. إنّ الفيروس الرهيب الذي يسيطر على حياتنا يجعل هذه المهمّة أكثر إلحاحًا.

منذ عشرين عامًا، تبنّى مجلس الأمن الدولي القرار 1325، وهو واحد من عدّة قرارت تعترف وتؤكّد أهميّة دور المرأة في تعزيز السلام والأمن. نحن اليوم نفهم، أفضل من أي وقت مضى، كيف يؤثّر النوع الاجتماعي على التجارب الفردية للنزاع والعنف، بما في ذلك استخدام الأسلحة. نحن الآن نلحظ أيضاً بشكل أفضل وجود قوى خفيّة تُخنِق وتُبِعد بشكلٍ منهجيٍّ أصوات النساء عن جهود صنع وبناء السلام والوقاية من النزاع والعنف.

ومع ذلك، وبالرغم من مرور عشرون عامًا على اعتماد مجلس الأمن أول قرار له بهذا الشأن، تظلّ أوجه عدم المساواة الأساسية بين الجنسين واقعاً نتعايش معه طوال حياتنا.

إنّ النقص في وجود أليّة فعّالة لتحديد الأسلحة ونزع السلاح هي إحدى العقبات التي تحول دون تحقيق السلام والعدالة بين الجنسين. كما ويؤدي انتشار الأسلحة الصغيرة إلى تمكين العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي داخل مناطق الصراع وخارجها. إنّ سباقات التسلّح بين الدول والإنفاق العسكري يستغرقان حصصًا متزايدة من الأموال العامة التي من شأنها تحسين الفرص الاجتماعية والاقتصادية لكلّ من النساء والرجال على حدٍّ سواء. فالأسلحة – من المسدسات إلى القنابل النووية – تغذّي بدورها الأعراف والأسباب الجذرية وعلاقات القوة التي تمكّن وتعزز عدم المساواة بين الجنسين.

تمثّل معالجة هذه القضايا أولوية قصوى لدى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي قال إنّ “نزع السلاح يمنع العنف ويضع حدّأً له. نزع السلاح يدعم التنمية المستدامة. ونزع السلاح يتماشى مع قيمنا ومبادئنا”.

إنّنا نؤمن بأنّ الحكومات والمنظمات تستطيع تركيز جهودها لمعالجة آفة العنف القائم على النوع الاجتماعي ومعالجة عدم المساواة بين الجنسين المتجذّرة في أدوات العنف. فيما يلي أربع طرق تسمح للرجال والنساء بالمساهمة على قدم المساواة في منع النزاعات وحلّها وبناء السلام والأمن.

أوّلاً، يجب على جميع الدول تبنّي سياسات للحدّ من التسلّح ونزع السلاح تعالج كيفية تأثير الأسلحة على الرجال والنساء بشكل مختلف. على سبيل المثال، يوجد في العالم أكثر من مليار قطعة سلاح ناري، أغلبها يملكه رجال مدنيّون. إنّ حيازة مسدس واحد في المنزل، تزيد بخمسة أضعاف من إمكانيّة أن يصبح الشريك الحميم للمرأة قاتلاً.

ثانياً، يجب أن تشارك المرأة مشاركة كاملة في المجالات المهنية ومفاوضات السلام وبناء السلام وتحديد الأسلحة ونزع السلاح ومنع الصراع. بصفتنا نساءً كرّسنا حياتنا المهنية لهذه المجالات، فإنّنا نعي جيدًا معنى أن نكون النساء الوحيدات في غرفة مزدحمة من واضعي السياسات. للأسف، الصورة في الأمم المتحدة ليست مشجّعة بشكل خاصّ. أثناء اجتماع الدبلوماسيين العام الماضي في جلسة لجنة الجمعية العامة لنزع السلاح والأمن الدولي، صدرت ثلاثة من أربع بيانات من قبل رجال. لذلك يجب على الدول إذاً، داخل الأمم المتحدة وخارجها، أن تبذل قصارى جهدها لضمان تمتّع كلّ من النساء والشباب والمجموعات الأخرى الممثلة تمثيلاً ناقصاً بأصوات تمثّلهم.

ثالثًا، يجب على الحكومات والوكالات الدولية تشكيل تحالفات متنوّعة مع منظمات المجتمع المدني النسائية وغيرها من المجموعات غير الحكومية. النساء اللواتي تعملن في مجال بناء السلام والأخريات اللواتي تدعم السلام تقمن بتغيير المجتمعات في جميع أنحاء العالم وتكافحن انتشار الأسلحة. إنّ الحركات النسائية، على الصعيد العالمي، لعبت دوراً محوريّاً في حظر التجارب النووية في المجال الجوّي خلال الحرب الباردة ودعم معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017، والتي إزاءها، فازت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية -والتي تقودها نساءٌ- بجائزة نوبل للسلام في ذلك العام.

رابعًا، نحن نحتاج إلى أدلّة أكثر صلابة، على شكل بياناتٍ مصنفةٍ، تبرز التجارب المختلفة للنساء والرجال والفتيات والفتيان فيما يتعلق بالأسلحة والعنف. من خلال جمع هذا النوع من المعلومات وتبادل الممارسات مع بعضها البعض، ستتمكّن الحكومات والمنظمات من تطوير استجابات مستنيرة وأفضل لمواجهة تحديات السلام والأمن.

في خضمّ كلّ هذه الفوضى، توفّر هذه اللّحظة فرصةً لوضع مسألة المساواة بين الجنسين في صميم عملنا من أجل السلام والبناء نحو مستقبل يعود بالفائدة علينا جميعًا. دعونا نغتنم هذا الوقت لإحداث تغيير فعليّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى