سلايدر

أوزبكستان.. اتفاقية حقوق الشباب تتطلب حشد القدرات العالمية

استمع الي المقالة

أشرف أبو عريف

فى كلمته التى ألقاها يوم الثالث والعشرين من سبتمبر لعام 2020 بالدورة السنوية الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى تم عقدها لأول مرة عبر تقنية الإتصال المرئي، دعا رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف  المجتمع الدولى إلى تبني اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق الشباب.

وقد صارت تلك الدعوة تمثل إحدى المبادرات الهامة الإحدى عشرة لرئيس أوزبكستان بالجلسة الدورية للجمعية العامة، والتى تهدف إلى تعزيز السلم والاستقرار، وضمان التنمية المستدامة، وتعميق الحوار البناء على الصعيدين الإقليمى والعالمى، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات، فضلا عن مواجهة التحديات والتهديدات المعاصرة. بما فى ذلك مشكلة تغير المناخ وقضايا الأمن الغذائى، والقضاء على العوز والحد من الفقر.

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس أوزبكستان فى كلمته بالدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر لعام 2017 بمدينة نيويورك، تقدم أيضا باقتراح لإعداد اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لحقوق الشباب لتأخذ شكل – الوثيقة القانونية الدولية الموحدة الهادفة إلى تشكيل وتحقيق السياسة الشبابية فى ظروق العولمة، والتطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

إن هذه المبادرة الهامة شأنها شأن خمسة مشاريع دولية أخرى طرحها رئيس أوزبكستان قد حظيت بالدعم الواسع من المجتمع الدولي وجدت انعكاسا لها على أرض الواقع. فعلى وجه الخصوص، وبدعم من الأمم المتحدة واليونسكو، ومنظمة التعاون الإسلامى ومنظمة شنغهاى للتعاون، ورابطة الدول المستقلة وغيرها من الهيئات الدولية، جرى عقد منتدى سمرقند لحقوق الإنسان “شباب عام 2020: التضامن العالمى والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان”، وذلك فى أغسطس من العام الجارى.

وناقش المشاركون فى المنتدى مشروع الاتفاقية الدولية لحقوق الشباب، التى أعدت بمبادرة من رئيس أوزبكستان. وقد صارت الاتفاقية، باعتبارها وثيقة جديدة وحيوية بصورة خاصة، تعكس حقوق الشباب، التى يجب الآن الاعتراف بها على الصعيد العالمى. كما أصبح الإعداد لهذا المشروع وعرضه للنقاش من قبل المشاركين فى منتدى سمرقند، شاهدا على رغبة أوزبكستان فى تجسيد مبادراتها ليس بالكلمات فقط، ولكن أيضا من خلال اتخاذ التدابير العملية الملموسة.

وقام قادة الأمم المتحدة ولجنة البندقية ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا وأمناء لجان المظالم الأجانب وغيرهم من المشاركين البارزين فى منتدى سمرقند، بالتأكيد على أن نتائج المنتدى سوف تدفع بمشاركة الشباب فى إعداد وتعزيز “الأدوات القانونية للمستقبل”، “ويمثل هذا الأمر أفضل السبل لضمان الاستدامة لاستراتيجية الأمم المتحدة للشباب حتى عام 2030. و تهدف هذه الإستراتيجية إلى إشراك الشباب بنشاط فى تنفيذ مشروعات التنمية المستدامة”.

وسوف يسهم اعتماد اتفاقية حقوق الشباب، فى الاعتراف والأخذ فى الاعتبار بالمصالح المشروعة للشباب فى العالم الحديث، وبضرورة التطوير الشامل والذاتى والمهنى للشباب فى جميع أرجاء العالم.

كما هو معروف، فإن الشباب الذى يتطلع إلى المستقبل، يمثلون المنبع الذى تتولد منه الأفكار الجديدة والحلول الإبداعية الهادفة إلى جعل الحياة على كوكبنا أكثر ازدهارا ورخاءً.

وتؤكد استراتيجية الأمم المتحدة للشباب على أن “الشباب هو المورد القيم شديد الأهمية، الجدير بالاستثمار به، حيث أن هذا الاستثمار سوف يؤتى ثماره عدة مرات”.

وأنا أؤيد بشدة هذا الموقف، حيث إننى، بصفتى عميدا لإحدى كليات جامعة القاهرة، ينبغى على التواصل بشكل يومى ومباشر مع جمهور الشباب. ففى عالم اليوم سريع التغير، من المهم للغاية أن يُسمع صوت الشباب. وينبغى أن تتاح له الفرصة للمشاركة بشكل مباشر فى تطوير وتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج القومية والإقليمية والعالمية، التى تهدف إلى تلبية احتياجاته الملحة وحماية حقوقه ومصالحه المشروعة.

الحقيقة فإن مصر تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية قد قطعت شوطا طويلا في الاهتمام بالشباب من خلال منتديات الشباب التي يحرص الرئيس السيسي علي عقدها بصفة مستمرة وإشراك الشباب في مشروعات التنمية والتطوير وتدريب الشباب من خلال برامج محددة علي الإدارة والمشاركة في صنع القرار وهو ما يتماشي مع الدعوة التي أطلقها فخامة الرئيس شوكت ميرضيائيف للاهتمام بالشباب وهو المحور الأساسي والنهج الاستراتيجي التي تنتهجه الدول الواعدة ذات المستقبل المشرق مثل مصر واوزبكستان حمي الله بلادنا من كل سوء وابعد عنها كل شر وجعلها تسير دائما بخطي ثابتة نحو التقدم والازدهار.

من الجدير بالاهتمام، أنه فى ظل الأوضاع الصعبة الحالية، يواجه الشباب بجدارة تحديات العصر، بما في ذلك انتشار الأوبئة، وذلك من خلال مبادراتهم الواعدة ومشاريعهم الاجتماعية. وفى جميع أنحاء العالم، يشارك المتطوعون بنشاط فى المشاريع الخاصة بمساعدة طبقات محدودى الدخل من السكان، وتعزيز البرامج الاقتصادية والإنسانية الجديدة.

وفى أوزبكستان، حيث يشكل الشباب أكثر من نصف السكان، يمثل ضمان حقوقه وحرياته ومصالحه المشروعة أحد أولويات سياسة الدولة. ويتم اتخاذ التدابير الهامة فى البلاد لدعمه وتثقيفه وتنويره، وكذلك التوسع فى إتاحة فرص التعليم والحصول على المؤهلات العليا على جميع المستويات.

وتجدر الإشارة إلى أنه فى السنوات الأخيرة فقط، تم اعتماد عدد من القوانين التشريعية، بهدف المساعدة الشاملة والتنمية المتناغمة لجيل الشباب، بحيث يمكن لكل فرد أن يتبوأ المكانة اللائقة له فى المجتمع. كما تم تشكيل برلمانات الشباب فى غرف البرلمان، وإنشاء وكالة شؤون الشباب والمجلس المشترك للإدارات.

فى الوقت الراهن، يجرى تطوير مفهوم “شباب أوزبكستان – 2025″، ويتم تطبيق المعايير الموحدة لتقييم فعالية العمل مع جيل الشباب، والمؤشر القومى لتقييم السياسة الشبابية.

كما هو معروف، فإن معظم القضايا التى تواجهه البشرية اليوم – مثل تهديدات السلم والأمن، والإرهاب والتطرف، والعنصرية، وتغير المناخ، فضلاً عن وباء COVID-19 – تتطلب اتخاذ التدابير العالمية المتضافرة والمشاركة النشطة من الشباب فى حل تلك القضايا.

وللأسف، فلا توجد وثيقة دولية محددة فى هذا الاتجاه، مما يعقد عملية تشكيل القاعدة التشريعية الحديثة للسياسة الشبابية. فى الوقت نفسه، فإن تطوير المعايير الدولية يمثل أمرا حيويا بدوره لتحديد مسألة: “من الذى ينتمى إلى شريحة الشباب من السكان؟”.

فى هذا الصدد، فإن اعتماد اتفاقية حقوق الشباب، التى بادرت بها أوزبكستان، سوف يمثل عاملا هاما لضمان حقوق أكثر من مليارى شاب وفتاة فى جميع أنحاء العالم، وسوف يؤدى إلى توسيع التعاون متعدد الأطراف من أجل التثقيف والدعم الاجتماعى لجيل الشباب، وحماية مصالحه وتهيئة الظروف المواتية لتحقيق ذاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى