سلايدر

كلمة أبو الغيط أمام وزراء التعليم العرب

استمع الي المقالة

أشرف أبو عريف

القى أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة فــي اجتماع وزراء التعليم العرب لمناقشة وثيقة البرلمان العربي

حول “تطوير التعليم في العالم العربي” جاءت على النحو التالى:

23 سبتمبر 2020

معالي الدكتور/ حمد بن محمد آل الشيخ

وزير التعليم في المملكة العربية السعودية

أصحاب المعالي والسعادة وزراء التعليم في الوطن العربي

معالي الدكتور/ مشعل السلمي

رئيس البرلمان العربي

معالي الدكتور/ محمد ولد أعمر

المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم

أصحاب المعالي والسعادة .. السيدات والسادة الحضور

يسعدني أن اشارك معكم في هذا الاجتماع الهام وأن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية على تنظيم أعمال هذا الاجتماع، بالتنسيق مع مؤسستنا العريقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.. كما أثمن جهود البرلمان العربي في إعداد وثيقة “تطوير التعليم في العالم العربي”، وأتمنى أن تُكلل أعمال هذا الاجتماع بالنجاح والتوفيق…

السيدات والسادة،

برغم كل ما تشهده منطقتنا من تحولات كبيرة، وتحديات خطيرة على أكثر من صعيد.. فإن اقتناعي ظل دائماً أن التعليم هو قضيتُنا الأولى .. هو الرهان على المستقبل .. وطوق النجاة الأهم من مُشكلات الحاضر.

إن التعليم هو عِماد النهضة الاقتصادية.. وهو وقودها ومحركها.. ذلك أن الاقتصاد في هذا العصر يعتمد على المهارات والمعرفة.. بل إنه يعتمد على قدرة الأفراد على اكتساب المهارات وتطوير المعرفة عبر سنوات العمر… فالمعارف تتجدد وتتضاعف، والمهارات المطلوبة لسوق العمل تتبدل بسرعة.. ومن يعجز عن مواكبة هذه التحولات المتسارعة يتقهقر ويتأخر عن الركب.. أي أن الاهتمام بالتعليم في صوره التقليدية لم يعد كافياً، بل يتعين أن يقترن التعليم الجيد بالتدريب المستمر، وبتعزيز القدرة على التعلم الذاتي لدى الأفراد عبر سنوات العمر.. هذا ما يفرضه علينا الواقع الاقتصادي والتكنولوجي الجديد بكل ما ينطوي عليه من تحديات وتحولات.

والتعليم ثانياً هو ركيزة الوعي.. والبنية الأساسية التي تقوم عليها الروح الوطنية والانتماء القومي.. وهنا؛ علينا أن نقف ونسائل أنفسنا ملياً عن العلاقة بين تدهور مناهج وجودة التعليم في الكثير من هذه البلدان العربية، وبين ما تشهده منطقتنا من تجليات مختلفة للفكر الديني المتطرف.. وما أدى إليه انتشار هذا الفكر من تصدعات في الجدار الوطني .. ومن شروخ في وعي الأمة.. التعليم يظل -في نظري- السبيل الأنجع لاستعادة هوية وطنية جامعة .. صلدة وغير قابلة للكسر أو الاختراق .. تتأسس على مبدأ المواطنة.. وتنطلق من مرجعية الولاء للأوطان .. وتستلهم التاريخ الوطني في عصوره المختلفة والثقافة الإسلامية الرحبة في نسيج متضافر يسمح بتشكيل شخصية قومية واعية بذاتها، معتزة بثقافتها وهويتها.

والتعليم، ثالثاً، هو البوابة الذهبية لترسيخ مبدأ التسامح في المجتمع .. وهو مبدأ يتعرض للتآكل والتراجع في الكثير من البلدان العربية.. حيث صارت الصراعات تتخذ صبغة مذهبية مقيتة.. وتتفشى أمراض ثقافية عضال كرفض الآخر وكراهيته.. إن نشر التسامح، وتربية النشء على مبادئه، هو ما يفرز جيلاً جديداً، منفتحاً على الثقافة العالمية.. وقادراً على التفاعل معها-أخذاً وعطاءاً- من موقع الثقة والندية من دون خوف أو وجل.. وبغير رفض أو كراهية.

لكل هذه الأسباب، أولت الأمانة العامة اهتماماً خاصاً بقضايا التعليم، وتبنت عدداً من المبادرات في هذا الخصوص.. ومن بينها مثلاً المبادرة التي أطلقتها للارتقاء بالتعليم الفني والمهني، وذلك تنفيذاً للقرار الصادر عن القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت يناير/2019..  حيث سيتم وضع خطة تطوير شامل لمنظومة التعليم الفني والمهني تتواكب مع احتياجات سوق العمل العربي والعالمي بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، واليونسكو.

كما اهتمت الأمانة العامة بالبحث العلمي.. حيث اعتمدت عام 2017 الاستراتيجية العربية للبحث العلمي والتكنولوجي والابتكار بالتعاون مع شركائنا أعضاء لجنة التنسيق العليا للاستراتيجية (وهم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، اتحاد مجالس البحث العلمي، اتحاد الجامعات العربية).

إن دراسة أحوال التعليم في الوطن العربي ووسائل تطويره وتحديثه لملاحقة التطورات والتغيرات المتسارعة تعد إحدى أولوياتنا الأساسية .. فالعملية التعليمية منظومة تتألف من حلقات مرتبطة يؤثر بعضها في بعض.. تشمل المُعلم وأساليب التدريس وأهداف التعليم ومحتواه، ونظم التقويم والتجهيزات الأساسية لكل ذلك … ويجب النظر لتلك العوامل جميعاً جنباً إلى جنب … وتنفيذاً لهذه الرؤية فقد اعتمد القادة العرب خطة تطوير التعليم في الوطن العربي، والتي اقرت في قمة دمشق / مارس 2008، كما أصدرت القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في عام 2009 بالكويت  قراراً في هذا الخصوص … وكانت خطة تطوير التعليم في الوطن العربي سباقة في تحقيق غايات الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة وهو ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.

السيدات والسادة،

لا ننسى أيضاً أوضاع الأطفال العرب من اللاجئين والنازحين .. وتولي الأمانة العامة أهمية خاصة للأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة.. وتسعى لإطلاق مبادرات تتبنى حقهم في التعليم.. بهدف الحصول على عمل لائق وحياة كريمة.. وذلك عبر العمل على توفير منح دراسية للطلاب في المراحل الجامعية بالتعاون مع الشركاء خلال عام 2013.. كما تم التوقيع مؤخراً على مذكرة تفاهم تسهم في تمكين اللاجئين والنازحين من الحصول على الحد الأدنى الضروري من التعليم ليكونوا أفراداً قادرين على العيش والمشاركة البناءة في المجتمع .. عبر توفير عدد من المنح الدراسية والفرص التعليمية لهم.

وختاماً..

فإنني إذ أتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا النجاح والتوفيق.. فأؤكد على أن الأمانة العامة تضع كافة إمكانياتها وقدراتها ومنظماتها المتخصصة في دعم جهود الحكومات العربية لتحقيق نقلة نوعية في مجالات التعليم والبحث العلمي… ونتطلع إلى يوم قريب نشهد فيه مستويات التعليم في بلادنا وقد صارت قادرة على المنافسة والاسهام في صناعة مستقبل جديد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى