مهند أبو عريف
>> المجموعة اطلقت مبادرات لإنقاذ الدول الأكثر تضررًا من “كورونا”.. ودعمت الاقتصاد العالمي بحوالي 10 تريليونات دولار.. وساندت القطاع الصحي بأكثر من 21 مليار دولار
تحتفي المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، بذكرى اليوم الوطني الـ90 للمملكة. وبنهاية هذا الشهر أيضًا تكون المملكة قد أمضت قرابة العام على رأس مجموعة العشرين التي تعد المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي الدولي، وتضم أكبر الاقتصادات على مستوى العالم لمناقشة القضايا المالية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية.
ومع اقتراب قيام المملكة بتسليم راية رئاسة مجموعة العشرين لإيطاليا، يمكن القول أن السعودية أظهرت قدرات استثنائية في قيادة أعمال المجموعة خلال حقبة استثنائية من تاريخ البشرية، وتمكنت باقتدار مشهود من تطويع أدوات عمل المجموعة لصالح دعم الاستقرار الاقتصادي وتفعيل أدوات التنمية المستدامة، ودعم برامج المجموعة المرتبطة بتمكين المرأة والشباب، والحفاظ على البيئة، وتعزيز رأس المال البشري، وتعزيز عمليات تدفق التجارة والاستثمارات والتحول الرقمي، كما امتلكت المرونة الكافية للمناورة والتعامل المسؤول مع الأزمات غير المتوقعة التي باغتت العالم بفعل تفشي وباء كورونا.
وتمثل دول مجموعة العشرين 90% من الناتج الإجمالي العالمي وثلثي سكان العالم، وتعد المملكة العربية السعودية أول دولة عربية تقود وتتولى أعمال رئاسة المجموعة.
وبالنظر إلى هذا العام الاستثنائي الذي اجتاح فيه العالم فيروس “كوفيد-19″، فقد بذلت المجموعة تحت قيادة المملكة مجهودا استثنائيا من أجل تقديم الدعم اللازم إلى الدول الأكثر احتياجا، ووضع اليات مرنة لتيسير حركة التجارة بعد الجمود الذي أصاب العالم جراء الوباء, حيث قامت المملكة في السادس والعشرين من شهر مارس الماضي وبصفتها رئيسا للمجموعة بالدعوة لعقد قمة القادة الاستثنائية الافتراضية لمجموعة العشرين تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله –، التي استهدفت دعم الاقتصاد العالمي خلال أزمة كورونا، وتعزيز الاستجابة السريعة للقطاعات الأكثر تضررًا، وكان من أبرز نتائج أعمالها إعلان دول المجموعة عن الالتزام بتقديم مبلغ خمسة تريليون دولار للاقتصاد العالمي، وتقديم ما يلزم من الدعم للدول الفقيرة.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل امتد أيضا لقيام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- بدعوة دول مجموعة العشرين والمجتمع الدولي بأسره ومؤسسات المجتمع المدني القطاع الخاص لدعم مبادرة المملكة، الرامية لسد الفجوة وتمويل المنظمات الصحية العالمية التي تحتاج تقريباً لـ 8 مليارات دولار كدعم فوري لمواجهة جائحة كورونا، ولإجراء الأبحاث التي يحتاجها العالم لمواجهة هذه الجائحة، وكان نصيب المملكة من تلك المساعدات نحو نصف مليار دولار أمريكي، خصصت منه نحو 200 مليون دولار أمريكي لدعم منظمة الصحة العالمية في مكافحة الوباء على مستوى العالم، و150 مليون دولار أمريكي لدعم التحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI) للحصول على لقاح لمساعدة الدول المحتاجة، و 150 مليون دولار أمريكي لدعم التحالف الدولي للاستعداد للوباء والابتكار (CEPI) في تطوير اللقاح، إضافة لتقديم 10 ملايين دولار أمريكي لدعم صندوق منظمة الصحة العالمية لدعم البلدان ذات النظم الصحية الهشة.
وعلى ذات النسق، قامت مجموعة العشرين تحت قيادة المملكة في شهر يوليو الماضي بتقديم 10 تريليونات دولار لدعم الاقتصاد العالمي، كما أفصحت عن ضخ 21 مليار دولار لسد عجز تمويل الفجوة الصحية دولياً وضمان تدفق الأدوات والوسائل الصحية اللازمة.
وامتدادًا لجهود المجموعة تحت قيادة المملكة للتخفيف من حدة التأثيرات الناجمة عن تفشي الوباء، اتفقت مجموعة العشرين في الخامس عشر من شهر إبريل الماضي على تعليق مدفوعات خدمة الدين لفترة زمنية محددة للدول الأكثر فقراً، وهي المبادرة التي تقدمت لها أكثر من 42 دولة من بينها 26 دولة إفريقية.
وأثبتت المملكة العربية السعودية خلال ما يقرب من العام على قيادة هذا العمل الاستثنائي، جدارتها برئاسة مجموعة العشرين بشهادة الدول الأعضاء وغير الأعضاء، كما حظيت مبادراتها بترحيب دولي واسع من قبل المؤسسات المالية الدولية والمنظمات الأممية، وذلك بعد أن عملت دول المجموعة تحت قيادة المملكة على استعادة التوازن الاقتصادي الدولي، ووفرت آليات للعمل على الحد من التأثيرات السلبية على القطاعات الإنتاجية والخدمية مثل الزراعة والسياحة والتجارة، كما عملت على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان انتظام سلاسل الغذاء وعدم فرض قيود على الصادرات الغذائية والزراعية والطبية سعيًا للحد من مضاعفات تأثير وباء كورونا على الدول الأقل دخلا، واستخدمت المملكة ثقلها الدولي وقدراتها المالية في سبيل ذلك حيث تُعدّ المملكة العربية السعودية لاعبًا رئيسًا في المنطقة، كما تؤدي دورًا مهمًّا في استقرار الاقتصاد العالمي. وترتبط رؤية السعودية 2030 ارتباطًا وثيقًا بجوهر أهداف مجموعة العشرين من حيث التركيز على الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة وتمكين المرأة وتعزيز رأس المال البشري وزيادة تدفق التجارة والاستثمارات.
ومن المقرر أن تكون قمَّة قادة مجموعة العشرين في عام 2020م هي الاجتماع الخامس عشر لمجموعة العشرين، حيث تتوجه أنظار العالم إلى مدينة الرياض التي تستضيف القمة المقررة في شهر نوفمبر المقبل، وستكون هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها المملكة هذه القمة في تاريخها.