رأى

الذكاء الاصطناعى بين رؤيتين

استمع الي المقالة

بقلم: د. اميرة عبد الحكيم

لم تكن مقولة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين خلال زياراته لمؤسسة تعليمية مُختصَة بالبَرمَجة الإلكترونية عن الذكاء الاصطناعى بأن مَن يمتلك الذكاء الاصطناعى سيحكُم العالَم، مقولة عابرة بقدر ما تعكس واقع العالم مستقبلا، حيث تعدَدت مَظاهر تغلغُل أجهزة الذكاء الاصطناعى فى حياتنا بشكلٍ كبير خلال السنوات القليلة الماضية، فقد بدأنا فى تحويل انشطتنا وخدماتنا عبر الفضاء الالكترونى، وقد زاد من ذلك ما عاشه العالم خلال هذا العام (2020) من تفشى فيروس كوفيد 19 والذى اجبر الجميع على المكوث فى منازلهم لفترات طويلة مع فرض الحظر فى مختلف دول العالم. صحيح أن هذه الاجراءات قد خففت مع تراجع معدلات الاصابة بالفيروس وإن عاودت الارتفاع مرة ثانية فى ظل تحذيرات عديدة من وجود موجة ثانية قد تهاجم العالم مع قدوم فصل الشتاء فى ظل عدم الاجماع على اللقاحات التى اعلنت، وعدم التوصل حتى اللحظة إلى علاج ناجع لهذا الفيروس القاتل.
بعيدا عن مشكلة الفيروس وتداعياته، نعود إلى فكرة المقال الرئيسية المتمثلة فى رؤية تأثير الذكاء الاصطناعى على مختلف حياتنا التى تحولت إلى نوع جديد يمكن ان نصفها بحياة الرقمنة، حيث يوجد الان الحرب الرقمية السيرانية، الاقتصاد الرقمى، الطب الرقمى، بل الاخطر علم الاجتماع الرقمى ذلك المرتبط بشيوع وسائل التواصل الالكترونية وتأثيراتها الممتدة إلى مختلف مناحى حياتنا، فنادرا ما تجد احد لم يعد لديه استخدام لمثل هذه الوسائل كل لحظة، فكم مرة نتصفح تليفوناتنا المحمولة فى الساعة؟ وكم مرة نراجع صحفتنا فى الفيس بوك وتويتر وغيرها من هذه الوسائل؟
كل هذا جعل الباحثين والخبراء يقيمون مستوى ما وصلت إليه حياتنا فى ظل الذكاء الاصطناعى وتأثيراته ما إذا كانت ايجابية ام سلبية؟ وهو التساؤل الذى لا يزال يراوح مكانه حتى الان ما بين توجه يرى أن الذكاء الاصطناعى سيؤول إلى إسعاد البشرية، فكل تقدم يتحقق فى مجال الذكاء الاصطناعى سيخدم الإنسان فى العديد من المجالات الحياتية. فى حين يرى توجه آخر أن الذكاء الاصطناعى سيُفضى إلى فناء البشرية ودمار بنى البشر، فكل تطور فى الذكاء الاصطناعى يعنى احتمالية إحلاله محل البشر، بما ينقلنا إلى شكل جديد غير محدد الملامح عن الحياة.
والحقيقة أنه ما بين هذين الرأيين يجب ان نكون واعيين ومدركين لحجم التحدى الذى سنواجه فى المستقبل، ففى الوقت الذى لا يمكن لنا أن نتجاهل ما حققته التكنولوجيا فى حياتنا فجعلتها أكثر رفاهية من خلال إسهامها فى بناء حضارة متطورة. إلا أنه من ناحية أخرى تركت تأثيراتها السلبية على كثير من جوانب حياتنا بدءا من طبيعة الاعمال مرورا بالجوانب النفسية والامنية، وصولا إلى التأثيرات على شكل الدول ومستقبل سيادتها.
نهاية القول إن الذكاء الاصطناعى اضحى لغة العصر وقوته، فتجاهله لا يعنى القدرة على مواجهته وإنما خوض غماره يعزز من قدرتنا على تعظيم الاستفادة من مزاياه وتقليل مخاطره وتداعياته، وهو ما يستوجب دراسة ابعاده المختلفة وتأثيراته المتعددة وصولا الى رؤية وطنية تسهم فى كيفية الاستفادة منه فى تحقيق اهداف رؤية مصر 2030.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى