رسائل عاجلة
بقلم: أحمد طه الغندور
ربما كان من الأدعى كتابة أكثر من مقال، ولكن الظروف التي نحياها اليوم في قطاع غزة في ظل تفشي وباء كورونا بالإضافة إلى جملة الظروف الإضطهادية المفروضة علينا لا تمكن أي إنسان من القيام بأبسط نشاطاته اليومية.
على كل حال، ليكن مقالي هذا وفقاً للقاعدة المعروفة؛ ” ما لا يُدرك جله، لا يُترك كله “، وبسم الله أبدأ رسائلي.
الرسالة الأولى إلى: “نادي الثمانين” لا شك أن اجتماع أمناء الفصائل الفلسطينية “العابر للحدود” بين ” رام الله ” و ” بيروت ” كان له أثر طيباً في النفس، خاصة أن تأخير انعقاده خلال الفترة السابقة كان “شماعة” لمنع انهاء الانقسام بين مُنقسمي ومقسمي الوطن، ولعل مخرجات هذا الاجتماع الطيب، الذي حمل كثيراً من الود والمشاعر الطيبة بين قادة الفصائل؛ يُخبرنا بأن “غابة البنادق” قد شاخت، فلم يشتم أحد، ولم ينفصل أحد ليُشكل فصيلاً جديداً، ولم يذهب أحد ليستقوي بأي نظام عربي ….
ولا شك بأنه طغى على المشهد ” كبر السن ” وهذا ليس عيباً ـ لا سمح الله ـ أو تقليلاً من احترام إخوة أفاضل قدموا ” زهرة شبابهم ” لفلسطين، ولكنها ” يا سادة ” ” السنن الكونية ” ـ لله في خلقه شؤون ـ فرض على الخلق؛ سنة الاستخلاف!
نعم يمضي جيل، ليأتي جيل بعده وتستمر مسيرة الحياة!
فما المانع وأنتم ” أهل التضحية والفداء ” أن يسبق الانتخابات العامة المطالب بها، إصلاح الفصائل وأن يكون هو المدخل الشرعي لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، أليس من الأجدى والأنسب لكبر سنكم أن تفتحوا الباب للشباب كي يتولوا المرحلة!
ولعلهم الأنسب اليوم لمقارعة الأعداء ـ وهم كثر ـ عبر وسائل لم تعهدوها ولا قِبل لكم بها.
هذا لن يقلل من مكانتكم لدى الجماهير، ولن يُمس حقوقكم؛ تنحـوا يرحمكم الله!
الرسالة الثانية: إلى ” رجال الظل ”
سبق أن كتبت لكم وعنكم في أكثر من مقال؛ حين تحدثت عن ” الدبلوماسية الأمنية ” وعن قضايا الأمن القومي، ولكن المشهد أخذ في التعقيد، وقد يحتاج إلى المواجهة داخلياً، وخارجياً!
داخلياً، يجب التصدي بكل حزم لمن يحاول الوقوف في وجهكم بحجة “هذا دورنا وواجبنا”، وأيضا الوقوف في وجه من “يسرب المعلومات الهامة للخارج” ـ عرباً أو عجماً، فهم سواء ـ
التدخل الأمني في الشرق الأوسط وصل ذروته هذه الأيام، ويأخذ جوانب عديد من التعاون المحمود في العلاقات الدولية، نزولاً إلى الحضيض والخيانة!
على سبيل المثال، ما نشهده من دور فرنسي ” محمود ” لإنقاذ ” لبنان لا يرجع للرئيس الفرنسي “ماكرون”، بل يرجع لـ “برنار إيمييه” مدير الإدارة العامة للأمن الخارجي في فرنسا “جهاز الاستخبارات الخارجي”، وقد سبق أن كان سفيراً لفرنسا في لبنان، هو ـ من وراء ستار ـ من يختار الوزراء، ويعمل على نزع فتيل أي انفجار طائفي، ويسعى إلى الاستقرار!
وكمثال على الخيانة والدس والمكيدة، دور مستشاري الأمن القومي للولايات المتحدة، و “تل أبيب”، و “الإمارات”،
يخرجون على الجمهور بمشهد احتفالي حول “سلام مزعوم”، ولكن ما الحقيقة؟
حرب دينية في الشرق الأوسط لصالح الطائفة الإنجيلية “المسيحية ـ الصهيونية”، ومن أجل الحصول على دعمها في إعادة انتخاب “ترامب”، ايضاً استخدام “التطبيع” أو معادلة “السلام مقابل السلام” دعماً لـ “ناتنياهو” في الحكم، والإفلات من العقاب!
ولكن ما المقابل؟!
الإمارات تبحث عن السيادة الإقليمية والتميز بكل ثمن!
ولكن ماذا عن سجل حقوق الإنسان؟ الجرائم الاقتصادية؟ الجرائم الدولية التي يجري مواجهة “الإمارات” بها على الساحة الدولية؟
فهل تكفي “الخيانة” لسد الذرائع فيما سبق طرحه، وهل طائرات أف 36 تحقق السيادة؟!
على الجانب الأخر “ناتنياهو” يكذب في زعمه الاعتراض على صفقة الطائرات، وعلى إيقاف الضم، و”أمريكا” تُجهز “نسخة مقلدة رديئة” عن طائرات أف 36 “منزوعة الأسنان” لتزويدها لـ “العربان”!
كل هذه السيناريوهات يديرها الأمن، فما دورنا في المرحلة القادمة؟!
وهنا أطرح جملة من القضايا الهامة:
• ما الذي ينتظرنا هذا العام في “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، في ظل العمل وفق بروتوكولات الصحة العامة الخاصة بكورونا؟!
• ما العمل لإعادة الإمارات الشقيقة إلى حضن الأمن القومي العربي، وكذلك منع “الدول المنتظرة” من الانزلاق للهاوية؟!
• أليس من الجدير الأن، قيام “ورشة عمل” صريحة مع مصر أولاً ودول الطوق من أجل تضميد ما أصاب ” الأمن القومي العربي “؟!
• هل ستشكل “القيادة الموحدة” المطالب بتشكيلها خرقاً في جدار “التغول الصهيو ـ أمريكي” المفروض على فلسطين، في الساحتين الداخلية، والخارجية؟!
• لعل استرداد أموال المقاصة في هذه الأثناء ضروري للضرب على يد “الاحتلال” في زمن الكورونا، لما لا يتم التباحث مع الأوروبيين والجهات الدولية الأخرى، من أجل استرداد هذه الأموال؟!
أخيراً، في هذا الجانب، إن الوضع الذي تمر به قضيتنا يستدعي التركيز أكثر على الجانب الدولي من أجل حماية مشروعنا القومي في تحقيق الحرية لشعبنا من الاحتلال، ونيل حقنا في تقرير المصير وتملك مواردنا الطبيعية.
وأنتم بلا أدنى شك أهلٌ لها.
أما رسالتي الثالثة اليوم والأخيرة؛ فهي للمؤسسة الدبلوماسية الفلسطينية بكافة أجهزتها وعناصرها!
نعم؛ على قدر ما أنجزتم في السنوات القليلة الماضية إلا أن المهمة لم تنتهِ بعد، والقادم أخطر، فهناك ما ينتظرنا هذا الشهر في اللقاء السنوي للجمعية العامة فما المطلوب؟!
• في البداية، يجب أن نقر بأن بعثاتنا الدبلوماسية ليست على نفس الدرجة من الكفاءة؛ بل بعضها يُشكل أعباءً على المقر، فيجب تنشيطها بـ “التهديد” بالعقاب وانهاء الخدمة، لا بمزيد من “المكافآت” حتى يجري استبدالها!
• وقد يكون من الأنسب الأن، تزويد كافة البعثات من خلال “التعليمات” الاتصال بكافة الدول المضيفة باللقاءات المباشرة أو الرسائل المتطابقة لكل المسؤولين من أجل اطلاعهم على أخر ما تتعرض له القضية الفلسطينية من كافة الجوانب، والحرص على تأكيد دعمهم في المنتديات الدولية.
• تفعيل كافة أشكال الدبلوماسية الفاعلة، من خلال المؤسسات كافة؛ الأمنية، والبرلمانية، والأكاديمية، والثقافية والشعبية على كافة المستويات وصولاً إلى “الفرد الواحد” في أي جالية، أو يكون له دور مميز في دعم القضية الوطنية.
• بعض السفراء يكاد أن يقتل “القضية” من شدة احتضانه لها، عليه أن يفهم بأن الدور الوطني تكاملي، شق دبلوماسي له، وأخر قانوني، سياسي أو أمني يقوم به شخص أخر، وربما بصورة أفضل منه، لذلك قد يفرض الأمر أن ينتقل الموضوع إلى المحاكم الدولية، أو منديات أخرى متخصصة؛ فما المانع؟!
• أخيراً على الجميع أن يُدرك جيداً بأن العمل الدبلوماسي ليس “مكسب شخصي” لـ “شخص مميز”، فالظروف الخاطئة وضعت الكثير من “الأشخاص غير المناسبين في أماكن تفوق قدراتهم وإمكاناتهم” وربما جاء البعض بـ “تدخلات دولية أو إقليمية”، لذلك يجب التواضع واحترام عقول الناس!
في الختام آمل أن تجد رسائلي صدً طيباً لديكم.
عاشت فلسطين حرة مستقلة رغم أنف كل المتآمرين!