عندما يرثي الأستاذ.. أستاذه
بقلم: نرمين الحوطي
أسبوع مر على رحيل عاشق المسرح الأستاذ سناء شافع، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، الكثير ممن رثاه والعديد ممن كتب بما قام به يوربيديس العرب سناء شافع في المسرح العربي، ومن هذا وذاك استوقفني مقال «الصعلوك الذي خرج على مناهج المسرح» للأستاذ يوسف الحمدان الذي كتبه في صفحته على «Face book» يرثي من خلال سطوره العديد من أساتذته في المسرح، ويحكي لنا من خلال كلماته جزءا بسيطا مما قام به سناء شافع من تغيرات في المسرح العربي والخليجي أيضا.. وإليكم الجزء الخاص بيوربيديس المسرح العربي سناء شافع رحمه الله.. عندما يرثي الأستاذ.. أستاذه:
ولعل الورطة الكبرى أن يتبنى تجربتك الكتابية فنان مبدع قرين للقلق متمرد على الثوابت والسائد في الحياة وليس في المسرح فحسب، لا يحفل بالمنهجية الصارمة التي درج على تمثلها أغلب أساتذة المعهد، بل له الفضل في تحطيمها بجسارة تفوق التصور، فنان تتكئ وتعتمل رؤاه على مجمرة الخلق التي شكلت بحة صوته المميزة، حيث السيجارة لا تغادر فمه مشتغلا أو مفكرا أو سارحا وكما لو أنها زاد روحه ومخيلته ورأسه، وحيث القهوة المرة تصاحب حواره الذي يعتصف بأفكار كثيرة ومحفزة على الخلق، وحيث السهد الذي يرتسم على ضفاف عينيه ومحجريه وكما لو أنه يقدم من خلالها الخامة المعملية الأولى لخلقه في كل سانحة لقاء بك، هو صعلوك المسرح الأول والحقيقي في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، والذي يبحث من خلال قلقه المصاحب لحياته عن قصيدة مسرحية لم تكتب بعد، هو الذي لا يحفل بهندام (الأساتذة) الذي ينبغي أن يحتذى به من قبل الطلبة في حضرة التدريس أو التدريب، بل إن بساطة هندامه تشعرك وكما لو أنه أحد طلبة المعهد، بل تشعرك تجاهه باطمئنان غير عادي، فهو صديق حميم للطلبة، كائن لا يستقر جسده على مقعد، دائم التفكير والحركة والتندر.
جو.. يا جو
هي الورطة الكبرى إذن..
تعال يا جو.. عاوزك في مشروع..
ربنا يستر..
جلسنا في جانب من مقهى المعهد، واقترح علي ما لم يكن في الحسبان توقعه، أن أكتب نصا لتخريج دفعة 79 تمثيل وإخراج، وهي المرة الأولى في تاريخ المعهد التي يرشح فيها طالب بالسنة الثالثة لكتابة نص لتخريج دفعة جديدة بالمعهد، حيث لم يحدث ذلك قبل تماما، وكانت النصوص التي يتم اختيارها للتخرج غالبا ما تكون نصوصا من سلسلة المسرح العالمي، فكيف لي أنا الصعلوك الصغير المتمرد على مظهره الشارلستوني المبعثر أن يكون كفؤا لتمثيل هذه الدفعة؟
ولكنه أصر على أن أكتب النص بتزكية من أستاذي المفكر أمين العيوطي وبحدس منه في أنني كائن ينتمي لبعض ما يتميز به من صعلكة فارطة لا تعرف المؤطر والسائد في المسرح والحياة.
وكانت هذه التجربة أجمل وأصعب وأهم مخاض مسرحي عشته أثناء دراستي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، إذ من خلال هذا المخاض أصبحت أكثر قربا من حياة أستاذي المبدع الإنسان الخلاق الدكتور سناء شافع ومن معمله البريختي الذي لا ينغلق في تجربته عند حوافه كما يقع في ذلك كثيرون من أساتذة الأكاديميات، علما بأنه خريج مسرح بريخت وفرقة برلين إنسامبل، فكانت هذه التجربة لا تقف على النص فقط، إنما تتجاوزه إلى الاشتغال عند منطقة الدراماتورجية في المسرح، خاصة أن أستاذي يتفرد عن كثير من الأساتذة بدراسته الدراماتورجية في وقت مبكر، بل في وقت لم تكن الدراماتورجية مصطلحا شائعا ومستخدما في فضائنا المسرحي العربي، خاصة في ستينيات القرن الماضي.
مسك الختام: بعد الاستئذان من الأستاذ يوسف الحمدان بنشر ما يخص الغائب الحاضر سناء شافع، رحمه الله، إلا أنني كنت أود أن أنشر المقال بأكمله لأنه يحكي ليس فقط على أصرح المسرح العربي بل يحكي عن تاريخ المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت في فترة أعتقد أن التاريخ ومؤرخي المسرح لم يسلطوا الضوء عليه.. فمن أحب الاطلاع على المقال بأكمله.. فهي مدونة على صفحة الأستاذ يوسف الحمدان في «Face book» وأيضا نشرت في الهيئة العربية للمسرح.. وهو أهل لتوثيق المسرح الخليجي والعربي أيضا.. سلم قلمك على ما كتبت.. وسلمت سطورك على ما نقشت من رثاء لصروح أشادت المسرح الخليجي.. ورحم الله يوربيديس العرب أستاذنا سناء شافع.