أطفال بلا مأوى.. لا تزال الجهود مستمرة
د. أميرة عبد الحكيم
جهود عديدة تبذل ومجهودات عدة تقدم من جانب الجميع على مختلف المستويات رسميا ومجتمعيا، ولكن لا تزال بعض قضايانا تحتاج إلى مزيد من الجهود، وفى مقدمة هذه القضايا قضية حماية الاطفال بلا مأوى، إذ ما نشر مؤخرا فى التقرير الذى تلقته الوزيرة نيفين القباج حول جهود برنامج حماية هؤلاء الاطفال خلال الفترة الماضية (1 يناير-31 يوليو2020) وفى مواجهة جائحة كورونا، يؤكد على أن ثمة بلاغات عدة تلقتها الوزارة خلال الست اشهر الماضية، سواء عبر منظومة الشكاوى الحكومية، او من خلال المواطنين، او من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. صحيح أنه تم التعامل مع هذه البلاغات بصورة جدية وسريعة وبنسبة كبيرة، من خلال ما تقوم به الوزارة من برامج سواء بالتعاون مع صندوق تحيا مصر من خلال وجود 17 وحدة متنقلة تجوب المحافظات الاكثر كثافة للاطفال (13 محافظة) او من خلال تعاونها مع بعض الجمعيات والمؤسسات الاهلية المنتشرة فى مختلف محافظات الجمهورية. وهو ما يعكس أهمية العمل المشترك بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدنى بمؤسساته وجمعياته وافراده الحريصين على مواجهة واحدة من اخطر المشكلات تأثيرا على الامن والاستقرار المجتمعى.
والحقيقة أن قضية الاطفال بلا مأوى قضية متشعبة الابعاد ومتعددة التأثيرات نفسيا واجتماعيا وامنيا واقتصاديا، وهو ما يعنى أن مواجهتها لا يمكن ان تقتصر على جهود المؤسسات الرسمية فحسب، بل يستوجب الامر رؤية شاملة متكاملة تبدأ من تعديل التشريعات المغلظة لمن يرتكب مثل هذه الجريمة او يحاول استغلال هؤلاء الاطفال، مرورا بالتأكيد على تعزيز دور الجهات الحكومية المعنية والتنسيق فيما بينها مع اهمية التكامل مع جهود المؤسسات غير الرسمية (الاهلية) المعنية بقضايا الطفولة وحمايتها، وصولا إلى تسليط الضوء اعلاميا على مثل هذه القضية ومخاطرها مع الاخذ فى الاعتبار أن الدور الاعلامى هنا يجب ان يكون دورا علاجيا وليس مجرد تعريف بالقضية فحسب.
نهاية القول إن الاهتمام بقضايا الطفولة بصفة عامة واطفال الشوارع واطفال بلا مأوى وغيرهم إنما هو اهتمام ببناء المستقبل، إذ كيف يمكن للدول ان تبنى مستقبلها ولبناته فى الشوارع لا يجدون مأوى ولا مسكن ولا علاج لهم، وهذا ما حرصت عليه الدولة المصرية فى برنامجها حماية الاطفال والكبار بلا مأوى، إذ استهدفت إعادة تأهيلهم بهدف دمجهم فى المجتمع مرة أخرى سواء بالعودة إلى منازلهم أو إلحاقهم بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وذلك كله بهدف تعظيم الاستفادة من هذه القدرات البشرية التى إن احسن استغلالها اصبحت طاقات قوة وعمل وعزم تسهم فى البناء وإلا تحولت إلى عناصر هدم وتدمير فى مواجهة الدولة والمجتمع.