المرأة والمسرح.. قراءة فى تاريخ ثلاثة عقود
د. اميرة عبد الحكيم
على غرار الكثير من القضايا النسوية التى لا تزال تحتاج إلى مزيد من الدراسات والبحوث، يأتى موضوع علاقة المرأة المصرية بالمسرح، تلك العلاقة التى تتنوع بدءا من التمثيل مرورا بالكتابة والتأليف المسرحى، وصولا إلى الاخراج، فضلا عن المهن المسرحية المساندة كالاكسسوار والماكياج والملابس وغيرها. الامر الذي يكسب اي مؤلف فى هذا الموضوع اهمية خاصة تستحق العرض والمناقشة، وهو ما ينطبق على كتاب المؤلفة المتميزة الدكتورة غادة سويلم المعنون بالكتابة المسرحية النسائية المعاصرة فى مصر (1980-2010)، والذى قدم له الدكتور سامى سليمان أستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة، حيث يعالج الكتاب بعدا من أبعاد هذا الموضوع وهو البعد المتعلق بدور المرأة المصرية فى الكتابة والتأليف المسرحى على مدار ثلاثة عقود بداية من ثمانينيات القرن العشرين حتى نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وقد صنفت المؤلفة فى كتابها المكون من مدخل وخمسة فصول وخاتمة، الكتابة المسرحية النسائية في إطار ثلاثة اتجاهات أساسية؛ هي الاتجاه الاجتماعي والاتجاه التاريخي والاتجاه التجريبي، وحللت عبر فصول الدراسة عناصر التشكيل الجمالي لمجموعة من النصوص المسرحية النسائية التي اختارتها كتمثيلات دالة على تلك الاتجاهات.
كما رصدت كذلك أهم سمات الكتابة المسرحية النسائية في الفترة محل الدراسة؛ حيث لاحظت أن قضايا المرأة ومشكلاتها مثلت الاهتمام الأول للكاتبات، كما تناولن القضايا الاجتماعية العامة كالفقر والبطالة والهجرة من حيث تأثيرها على المرأة بشكل أساسي. وخلصت إلى ان الكتابة المسرحية النسائية – على تنوع اتجاهاتها وموضوعاتها وتشكيلاتها – تظل نوعاً من التجريب الإبداعي ترتد طبائعه المميِّزة إلى حداثة عهد الكاتبة المصرية بالكتابة المسرحية.
والحقيقة ان هذه الدراسة بنتائجها وخلاصاتها المهمة تكشف عن أمرين مهمين: الاول، أننا لا نزال نغفل الكثير عن دور المرأة فى المسرح تمثيلا وكتابة واخراجا، رغم أننا لدينا من الممثلات المتميزات اللاتى يعدن رائدات عربيات في مجال التمثيل المسرحي، منهم على سبيل المثال؛ سناء جميل، وسهير البابلي، وسميحة أيوب، ورغم اننا لدينا مبدعات مصريات فى مجال الكتابة والتأليف، ولكن نفتقر إلى المبدعات فى مجال الاخراج المسرحى إذ يظل الامر قاصرا على الرجال وهو ما يحتاج إلى مزيد من الاهتمام بهذا الفرع من فروع العمل المسرحى.
أما الامر الثانى، أن ثمة قصور منهجى واضح فى الكتابة عن العلاقة بين المرأة والمسرح رغم اهمية الدور الذى يلعبه المسرح فى حياة الشعوب والمجتمعات من ناحية وفى حياة الممثل كخطوة رئيسية فى اكسابه المهارات والمعارف التى تمكنه من ان يصبح ممثلا متميزا من ناحية أخرى، بل ربما يفسر ضعف وتراجع الاداء لدى كثير من الممثلين المصريين بسب عدم دخولهم المجال التمثيلى من بوابة المسرح، وهو ما يستوجب إعادة الاهتمام بالمسارح القومية وكذلك الخاصة فى اكتشاف المواهب وثقل القدرات وتنمية المهارات حتى تستعيد مصر رونقها الفنى ودورها الريادى فى المنطقة العربية كما كان لها سابقا.
وفى ضوء ما سبق اقترح على وزارة الثقافة بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة واكاديمية الفنون ممثلة فى المعهد العالى للمسرح أن تنظم ندوة موسعة تناقش فيه العلاقة بين المرأة والمسرح فى مختلف جوانبها، رصدا للواقع الراهن، وسعيا إلى طرح رؤى وافكار ومقترحات تستنهض الدور المرتقب للمسرح المصرى بصفة عامة وتعزز دور المرأة فى النهوض به على وجه الخصوص.