المرأة والتحديات الوطنية
أميرة عبد الحكيم
رئيس وحدة دراسات المرأة والطفل بمركز الحوار
تواجه الدولة المصرية فى الوقت الراهن تحديات جمة بعضها داخلى والاخر خارجى، بدءا من تحدي الارهاب الذى تراجع كثيرا خلال السنوات الخمس الاخيرة بفضل الضربات الاستباقية التى نجحت فيها الاجهزة الامنية، مرورا بالتحدى الاقتصادى المتعلق باستكمال بناء الاقتصاد الوطنى وتحقيق التنمية المستدامة وفقا لرؤية 2030 وقد نجحت الدولة فى تحقيق معدلات نمو متميزة لولا ازمة كورونا الاخيرة التى تركت تأثيرا على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الداخلية شأنها فى ذلك شأن بقية دول العالم، وصولا إلى التحدى على الحدود الغربية مع تفاقم الازمة الليبية وتشابكاتها، وكذلك التحدى المتمثل فى ازمة سد النهضة والعجرفة الاثيوبية فى البدء فى ملء السد دون اتفاق مع دولتى المصب مصر والسودان.
وفى ضوء كل تلك التحديات وغيرها يبرز دور المرأة المصرية فى كيفية مساندة الدولة فى ازماتها وتحدياتها، فالتاريخ بسجلاته يؤكد على دور فاعل للمرأة المصرية فى هذا الخصوص بدءا من مراحل ما قبل الاستقلال حينما خاضت المرأة معركة الاستقلال الوطنى، مرورا بمرحلة البناء الوطنى حينما شاركت فى كافة الاحداث التى واجهتها الدولة المصرية ما بعد الاستقلال، وصولا إلى الدور المشهود للمرأة المصرية فى مساندة الارادة الوطنية فى الثلاثين من يونيو 2013 ضد الجماعة الارهابية.
واليوم لا يزال دور المرأة المصرية مستمرا فى مواجهة هذه التحديات، وأن نجاحها فى ذلك مرهونا بأمرين: الاول، يتعلق برؤية الدولة وتقديرها لهذا الدور، وهذا الامر لا خلاف عليه إذ تؤكد الدولة فى كافة سياساتها ونهجها على دعمها للمرأة ومساندتها لقضاياها، ولعل أخرها النسبة المخصصة للمرأة فى البرلمان بغرفتيه، حيث مثلت 25% فى مجلس النواب، و10% فى مجلس الشيوخ، ليصل الحد الادنى لإجمالى نسبة المراة فى البرلمان 35%، هذا فضلا عن وجودها فى التشكيلة الوزارية. إضافة إلى المبادرات الرئاسية الهادفة لحماية صحة المرأة. كل هذا يؤكد على ان الدولة داعمة لدور المرأة فى المجال العام. اما الامر الثانى فيتعلق برؤية المرأة ذاتها لدورها من خلال الوقوف على متطلبات هذا الدور، فكم هو معلوم ان وجود الدور مرهون بتوافر الرؤية والتكاليف والمتطلبات، فغياب اي منهم يعنى تراجع الدور. وإذا ما طبقنا هذه الامور الثلاثة على الوضع الراهن يمكن القول إن المرأة المصرية يتوافر فيها المتطلبات للقيام بدورها، كما هى على اتم الاستعداد لبذل كل ما لديها لانجاح دورها فى مساندة الدولة، فى حين يبقى البحث عن الرؤية.
ومن هنا يبرز دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية العاملة فى مجال المرأة، بمسئوليتها عن وضع الرؤية حول طبيعة الدور المطلوب من المرأة فى هذه المرحلة الراهنة، فهل لدى هذه المؤسسات رؤية لدور للمرأة فى الازمة الليبية او ازمة سد النهضة؟ إذ أن مواجهة الازمة تتطلب تكاتف الجهود الوطنية المخلصة وتعظيم الاستفادة من هذه الجهود، وهو ما يتطلب بدوره وضع الرؤية ورسم الاستراتيجيات وتخطيط السياسات وتحديد الاجراءات المطلوبة من المرأة فى مواجهة تلك الازمة، وهذا هو الدور المنتظر من المؤسسات والاجهزة المعنية بقضايا المرأة. فقد بدأت المعركة ولا يمكن للمرأة ان تتأخر عن خوض غمارها.