“جورج فلويد” .. الكراهية حتّى الموت..!
د. حذامى محجوب
أعطوني عيوناً أبكي بها ، فقد جفّت مدامعي. تلك صرخة عجوز امريكي من اصول افريقية و هو يتأمّل صورة شهيد العنصريّة ” جورج فلويد ” .
اجتمع قادة الدين والسياسة و نجوم و مشاهير المجتمع ، احتشد النّاس من كلّ شرائح و فئات المجتمع في جامعة الشمال المسيحية المركزية في ” مينيابوليس ” تكريما لروح “جورج فلويد “.
انطلق الحفل ، الذي حضرته شخصيات سمراء مثل مغني الراب ” تي آي ” والكوميدي ” كيفين هارت ” ، بمعزوفة لـ Amazing Grace بعد أن جثم عمدة مدينة مينيابوليس ذي البشرة البيضاء على ركبتيه مجهشا بالبكاء أمام التابوت.
يدرك العمدة انّ قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت، بقدر ما هي قضية الباقين على الحياة .
تميز الحفل بحيّز من الصمت دام 8 دقائق و 46 ثانية ، و هو الزّمن الذي أقدم فيه الشرطي على وضع ركبته على عنق ” فلويد ” وهو رهن الاعتقال منبطحاً على بطنه.
ناشد ” فلويد ” الشرطي بإزاحة ركبته عن عنقه، قائلاً: “لا أستطيع التنفس”، إلا أن مناشداته لم تلق استجابة لا عند الشرطي ولا لدى زملائه من عناصر الشرطة الآخرين.
يؤكد تفاصيل الحادثة شهود العيان الذين كانوا على عين المكان ، يفيدون أنّه بينما كان ضابطان يقيدان حركة ” فلويد ” المكبل اليدين، ضغط الشرطي ” ديريك شوفين ” بركبته على عنق ” فلويد ” الذي صاح أكثر من مرة: “لا أستطيع التنفس”.
ندد شقيق الضحية المتوفى ، ” فيلونيس فلويد ” تحت وابل من تصفيق الحاضرين في كلمة ألقاها بما وصفه “بوباء العنصرية والتمييز” السائد ، قائلا : “لقد غيّرت العالم يا جورج” .
كما قام الزعيم الأمريكي للحقوق المدنية ” آل شاربتون ” ، Al Sharpton ، خلال هذا الحفل ، بتأبين مؤثر مشوب بنغمات سياسية حزينة مفعمة في نفس الوقت بالأمل في عالم أفضل ، مع وعد “بمواصلة النضال” .
قال ، أن القدم التي كسرت عنق ” جورج فلويد ” هي عنوان و رمز القمع “الأمريكي تجاه الأفريقي” في الولايات المتحدة” ، مضيفا : “ان مكان ” جورج فلويد ” ليس بين الأموات ، انه لم يغادرنا بسبب مشكل صحي ، لقد مات ظلما وبسبب خلل جوهري موجود في نظام العدالة الأمريكية ” .
طالب القس الشرطة القيام بمراجعات قائلا :
“ان ما حدث لفلويد يحدث كل يوم في هذا البلد ، في مجال التعليم و الرعاية الصحية وفي جميع مجالات الحياة الأمريكية اليومية. لقد حان الوقت أن نقف تكريما لجورج فلويد ونقول “ارفعوا أقدامكم عن أعناقنا”. ”
نصح القسّ المعمداني البالغ من العمر 65 عامًا الرئيس الامريكي ” دونالد ترامب ” “بفتح الكتاب المقدس وقراءته عوض إخلاء المنطقة المحيطة بالبيت الأبيض عسكريا و التظاهر أمام الكنيسة ممسكا بالكتاب المقدس ” . قال ، مستهزئا : “انني أقوم بالوعظ منذ صغر سني ، ولم أر في حياتي أحدا يحمل الكتاب المقدس بهذه الطريقة ، لكن دعونا نمر على هذا ، هناك قدم على عنق أمريكا السوداء ” .
في الوقت نفسه ، في مينيابوليس ، أمام الضريح الرمزي الذي أقيم في المكان ذاته الذي قتل فيه ” جورج فلويد ” ، وصلت رسائل القس و التقطها الحاضرون بدون نقصان رافعين شعار ” نريد أن نتنفس” ” ، قالت ” كايلا بيترسون ” ، مديرة الموارد البشرية في ضواحي المدينة لوكالة الأنباء الفرنسية : “هناك ركبة على عنق أمريكا السوداء اننا لم نكن أبدا أحرارًا ” .
الواضح اليوم انّ التفرقة العنصرية لا تنبع من البشرة بل من العقل البشري ، فالأوهام العقلية هي التي أفرزت هذه المفاهيم الزائفة، على مرّ السنين، عن تفوق جنس معيّن على آخر من الأجناس البشرية.
لمانديلا مقولة عظيمة ، انّ “العنصرية هى محنة الضمير البشرى”.