سلايدرسياسة

خاص – استراتيجية التوازن العُمانية .. يد تواجه كورونا وأخرى تدفع عجلة الإنتاج والاقتصاد

استمع الي المقالة

مهند أبو عريف

مسقط – تمثل استراتيجية التوازن نهجاً عُمانية ثابتاً وراسخاً، سلكته خلال مسيرة البناء والتنمية في أكثر من خمسين عاماً، وطبقته على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأدخلت عليه مسحة الجمع بين الأصالة والمعاصرة، حتى صار نموذجاً عمُانياً في الإدارة والبناء في التعامل مع ملفات وقضايا الداخل والخارج.

ولذلك سخرت سلطنة عُمان كافة إمكاناتها المادية والصحية للتعامل مع جائحة كورونا، حيث أمر السلطان هيثم بن طارق، بتشكيل لجنة عليا للتعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار الفيروس، لرصد حركة الفيروس ومتابعة الجهود المبذولة إقليميا ودوليا للتصدي له، واتخاذ القرارات والإجراءات ووضع الحلول والمقترحات والتوصيات المناسبة بناء على نتائج التقييم الصحي العام، على أن تستعين اللجنة بالأدوات والإمكانات اللازمة لإنجاح مهامها في التصدي لفيروس كورونا المستجد.

واتخذت اللجنة منذ انعقادها عددا من القرارات والإجراءات الاحترازية الصارمة، في إطار مساعيها الحثيثة لمحاصرة انتشار الوباء والحد من تداعياته، كما وضعت اللجنة صحة وسلامة المواطن العُماني في قمة أولوياتها، بالرغم من تدعيات كورونا السلبية على الاقتصادات العالمية الكبرى.

وفرت الحكومة العُمانية الإمكانات المادية اللازمة للتوسع في إجراء الاختبارات المعملية وأعمال التقصي الوبائي والفرز لمن تظهر عليه أعراض المرض، وتوفير أماكن مناسبة لحجر المصابين وفق توصيات منظمة الصحة العالمية، وسعت لتوفير العلاج اللازم وفق أحدث البروتوكولات العلاجية المستخدمة في دول العالم، ووفرت غرف العناية الفائقة وأجهزة التنفس الصناعي للحالات الحرجة، كما وفرت وسائل التعقيم والحماية والوقاية من انتقال الفيروس للأطقم الطبية؛ خط الدفاع الأول الذي تعامل مع “كورونا” في المستشفيات وأماكن الحجر المؤسسي، ووفرت فرق لمتابعة الموجودين في الحجر المنزلي.

كما قامت الحكومة العُمانية بتحمل تكاليف عودة العمانيين العالقين في العديد من دول العالم، وسيرت من أجل ذلك مئات الرحلات الخاصة إلى معظم قارات العالم لإعادة الطلبة والمواطنين العمانيين الراغبين في العودة إلى السلطنة، بعد تعليق حركة الملاحة الجوية الدولية نتيجة تحول “كورونا” لجائحة عالمية.

أخرى تدفع عجلة الانتاج

وبموازاة هذه الإجراءات، حرصت سلطنة عُمان على استمرار عجلة الإنتاج في دورانها، بل إن هناك قطاعات اقتصادية زاد نشاطها خلال أزمة “كورونا” كقطاعات الزراعة والثروة السمكية والصناعات الغذائية، التي نجحت في تلبية احتياجات السوق المحلي وتعويض أي نقص ناتج عن صعوبة الاستيراد من الخارج.

وكانت سلطنة عُمان سباقة في تطوير أدواتها التقنية لخدمة أغراضها الاقتصادية ودعم اقتصاد المعرفة ومن هنا يرتكز عمل مجمع الابتكار مسقط ، على عدة مجالات تعمل على إثراء مفاصل الاقتصاد الحقيقي على شكل استثمارات خدمية وصناعية وتجارية، واستثمارات ناجعة مستدامة وحقيقية، لإيجاد فرص عمل وتساعد على التعامل مع كثير من القضايا التي تواجهها معظم الدول في قطاعات الصحة، والطاقة والطاقة المتجددة، والغذاء والتقنية الحيوية، والبيئة والمياه.

كما شهد قطاع النقل والشحن البحري نشاطا ملحوظا، وانتظمت حركة التصدير والاستيراد وربط موانئ السلطنة بحركة التجارة العالمية، كما انتظم العمل في المناطق الصناعية المنتشرة في كافة ربوع عمان، مع تقيد مصانعها ومنشآتها الإنتاجية بالتدابير والإجراءات الاحترازية للحفاظ على الأيدي العاملة، وانتظام عجلة الإنتاج في معظم المنشآت.

فقد أسهمت الموانئ البحرية بسلطنة عُمان خلال العام الماضي 2019 في استقبال نحو 1ر76% من إجمالي كمية الواردات العُمانية السلعية المسجلة عبر المنافذ الجمركية، حيث سجلت نمواً بلغ 9ر17% مقارنة بعام 2018 الذي سجل إسهاماً بلغ 7ر69% لتلك الموانئ في استقبال كميات الواردات السلعية.

وفي الربع الثالث من العام الجاري وفي مطلع يوليو المقبل، تدشن سلطنة عُمان ، بدء الإنتاج التجاري في مُجمع “لوي” للصناعات البلاستيكية، والذي بلغت تكلفته الاستثمارية 6,7 مليار دولار، وذلك بعد تنفيذ المراحل النهائية من الأعمال الإنشائية لجميع الحزم الأربعة في المشروع.

وخلال يناير 2020 تم طرح أربع مناقصات لإنشاء المجمع الصناعي الرئيسي لشركة (تنمية نخيل عمان) لمنتجات النخيل، ويقدر حجم الاستثمارات التي تشمل الوحدة المركزية لمعالجة التمور والصناعات القائمة على التمور وكذلك الصناعات القائمة على المنتجات الثانوية بحوالي 92 مليون ريال عماني ، حيث تسعى الشركة إلى تطوير هذا المجمع المختص بمعاملات “ما بعد الحصاد” من أعمال النقل والتعقيم والتخزين والفرز والتعبئة وجميع الصناعات التحويلية ذات العلاقة وفق أفضل المعايير والممارسات في الصناعات الغذائية.

وهكذا سلكت سلطنة عُمان نهج التوازن بين إجراءات مواجهة ومكافحة جائحة كورونا، وبين استمرار مسيرتها التنموية في شتى المجالات كما هو مرسوم لها وفق خطط واستراتيجيات ثابتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى