رأى

كورونا والبحث العلمى..؟!

استمع الي المقالة

أميرة عبد الحكيم

رئيس وحدة دراسات المرأة والطفل بمركز الحوار

كشفت الازمة الصحية العالمية المعروفة بكورونا (كوفيد-19) عن ازمة أخرى بل ربما ازمات اخرى داخلية فى كثير من الدول والمجتمعات. قد يكون من السابق لاوانه تقييم تداعيات او اثار تلك الازمة على الواقع المجتمعى والدولى معا، إلا أنه رب ضارة نافعة، حيث اكدت هذه الازمة على أن ترتيب الاولويات فى كثير من الدول يحتاج إلى اعادة نظر، فحينما تستطيع الصين تجاوز الازمة باقل الخسائر وفى أسرع وقت ممكن رغم انها المصدر الاول لها، فى حين فشلت بعض هذه الدول الاخرى التى تجاوزت ضحايا هذا الفيروس السبعة الاف وما تزال الاعداد فى تزايد كما هو الحال فى ايطاليا. يمكن ان نجد تفسير ما يحدث فى ضوء تباين السياسات التى انتهجتها كل دولة وسرعة التعامل مع الازمة من بدايتها، وهذا امر صحيح. إلا ان الامر الاهم هو ان الازمة اعادت التأكيد على جانبين مهمين: الاول وهو ترتيب اولويات الانفاق والاهتمام من جانب الدولة والمجتمع، فقد شاع لدى البعض ان المستقبل او الطموح لدى الشباب هو ان يصبح فنانا او لاعب كرة قدم نظرا لحجم الاهتمام الكبير الذى يوليه المجتمع والدولة لهذه الفئات، ومع كل التقدير لاصحاب هذه الفئات، إلا ان الحقيقة المؤلمة ان الاطباء والعاملين فى مجال التمريض ظل يعانون كثير من عدم الاهتمام سواء تعلق الامر بالمرتبات الممنوحة لهم مقارنة بوظائف اخرى او بحجم المزايا المكفولة لهم، وهو ما أضعف من قدراتهم البحثية والمهنية كثيرا فى ظل تصاعد ضغوط الحياة وتزايدها، الامر الذى كشفته الازمة الراهنة وما تطلبه ذلك من ضرورة اعادة الاعتبار لهذه الفئات المهنية المهمة التى ترتبط بحياة الناس والتى هى الاهم حيث تتضاءل أمام تهديداتها اية قضايا اخرى. الامر الثانى يتعلق بأهمية البحث العلمى وحجم الانفاق المخصص للابحاث العلمية والدراسات الاكاديمية فى الموازنات العامة للدول، خاصة فى المنطقة العربية حيث لا تصل النسب المخصصة للبحث العلمى 0.5% بل ربما اقل من ذلك بكثير ليكشف ذلك عن نظرة هذه الدول إلى قيمة البحث العلمى ودوره فى حياتها وحياة مجتمعاتها، بل مما يزيد الطين بلة أن هذه النسبة رغم ضاءلتها إلا أنها تشمل كذلك مرتبات العاملين فى هذا الحقل إضافة إلى اللوجستيات المطلوبة من مبانى وانشاءات وخلافه، وهو ما يعنى أن ما يخصص لاجراء الدراسات والبحوث والاختبارات العلمية لا يمكن ان يقدم لنا مخرجات ذات قيمة تستفيد منها الانسانية جمعاء.
فى ضوء ما سبق، يصبح من المطلوب بل والضرورى أن تولى الدول خاصة فى منطقتنا العربية أولوية قصوى إلى البحث العلمى ووضعه فى مكانته التى تليق به كمحرك رئيسى لمسيرة التنمية والتقدم إذا اردنا ان يكون لنا موقع فى عالم لا يحترم إلى العلم والمعرفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى