رأىسلايدر

هل يرضخ عيد النوروز لأكاذيب كورونا؟!

استمع

د. حذامى محجوب

اننا على أبواب عيد النوروز أو رأس السنة الفارسية الذي يصادف يوم الاعتدال الربيعي أي 21 مارس /آذار من كل عام وتحتفل به كل الشعوب الآرية تقريبا التي كانت تعيش منذ آلاف السنين ببلاد فارس وغيرها، ولكن عيد النوروز هذه السنة سيكون له مذاق مر مع انتشار فيروس الكورونا covid 19 في ايران وسقوط العديد من الأرواح البشرية نتيجة تفشي هذا الوباء. فكيف سيحتفل به الإيرانيون ؟ خاصة وأن تقاليده وطقوسه تقوم أساسا على التجمع والتلاقي للاحتفال ؟
اذ تجتمع في هذا اليوم مناسبات تاريخية متعددة تكتسي أهمية كبرى وتتضمن دلالات عميقة ، فهو عيد رأس السنة السومرية (زكمك الأول) وعيد أكيتو البابلي والآشوري قديما وعيد شم النسيم المصري القديم وعيد نوروز الفارسي والكردي والتركماني والطاكجستاني والأوزباكستاني والقرغيستاني والكازخستاني.
وتحتفل به شعوب مقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وكوجارات …وهو عيد سرصالي الإيزيدي قديما وعيد برونايا البنجة المندائي قديما وعيد رأس السنة البهائي العشري وعيد الربيع وعيد الشجرة وعيد الأم وهو كذلك عيد الفصح المسيحي قديما ودورة السنة ويوم الخضرة وفرحة الزهرة والكسلة عند المسلمين وعند بعض الشيعة منهم هو اليوم الذي أخذ فيه الله العهد على بني آدم أن يعبدوه وألا يشركوا به شيئا ، وهو اليوم الذي استقرت فيه سفينة نوح على جبل جودي ، واليوم الذي كسر فيه سيدنا إبراهيم الأصنام ، واليوم الذي نجا فيه النبي موسى وقومه وقطع بهم نهر النيل .
ويحتفل بالنوروز اليوم أكثر من 300 مليون شخص حول العالم حسب منظمة اليونسكو التي أدرجت العيد في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في سنة 2009.
ويعتبر الإيرانيون أن عيد النوروز هو انتصار للنور على الظلام وللخير على الشر ، كما يسود الاعتقاد لديهم منذ آلاف السنين بأن أرواح أقاربهم وأحبائهم من الموتى تأتي الى زيارتهم في أيام النوروز المباركة.

لذلك يحتفل الإيرانيون بهذه المناسبة القومية التي تجمعهم حول مائدة واحدة على اختلاف أعراقهم وأديانهم من مسلمين ومسيحيين ويهود وأتباع باقي الديانات الأخرى كالزرداشتية .وعلى الرغم من مرور آلاف السنين على هذه التقاليد التي يعود تاريخها الى العهد الساساني ظل الإيرانيون يتوارثونها جيلا بعد آخر حيث يتبادلون التهاني بهذه المناسبة على الرغم من اعتناق أغلبهم الدين الاسلامي . ومن أهم الطقوس التي اعتاد الإيرانيون القيام بها منذ زمن طويل هي اعداد مائدة النوروز التي يطلق عليها ” سفرة هفت سين” حيث تشمل على 7مواد تبدأ كلها بحرف السين وهي “سكه” وهي عبارة عن مسكوكة ذهبية صغيرة و ” سمنو” نوع من أنواع الحلوى و” سيب” أي التفاح و” سركه” وهو نوع خاص من الخل و” السماق” و” سير” أي الثوم و” سنجد” وهو شبيه بالبلح المجفف أو ما يطلق عليه في بعض البلدان العربية التمر الأعجمي .ويعتقد الإيرانيون بأن اعداد هذه المائدة التي تبدأ بحرف السين تبركا بكلمة ” سبز” أي الخضرة من شأنها أن توسع في رزقهم . كما يهتمون بشراء الثياب الجديدة وتغيير أثاث منازلهم وغسل السجاد والستائر استعدادا للسنة الجديدة.
كما يخرجون في هذه المناسبة الى أحضان الطبيعة للاستمتاع بالمناظر الخلابة والطقس المعتدل وسط المناطق السياحية الخضراء.
ومهما كانت الاختلافات بين احتفالات الشعوب بعيد النوروز فهي تلتقي كلها على أنه عيد الربيع ودورة الحياة الجديدة التي تمد الانسان بالطاقة لذلك يبدأ زودياك الأبراج مع النوروز بالحمل.

فأجمل التبريكات للعالم كله بهذا اليوم الجميل وبدخول السنة الجديدة، وكل عام والعالم على غير ما هو عليه اليوم من هلع وعدم استقرار .كل عام وعالمنا بخير وبسلام وبصحة وبمحبة خاصة.
نتمنى لكل الشعوب أن تنجو من هذه الجائحة، وان شاء الله يكون عيد النوروز طالع خير على كل الذين يحملونه في قلوبهم حتى الذين لايستطيعون الاحتفال به هذه السنة.

ويبقى السؤال: هل يرضخ عيد النوروز لتهديدات كورونا؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى