أشرف أبو عريف – ربيع شاهين
وجه السفير راهوال كواليشيرايث سفير الهند كلمة الي الشعب المصري بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ71 للعيد الوطني لبلاده والذى يوافق يوم الاحد القادم 26 يناير واستعرض من خلالها تطور العلاقات الثنائية بين البلدين فى مختلف المجالات .
وفيما يلى نص الكلمة:
إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أقدم خالص تحياتي إلى شعب جمهورية مصر العربية الصديق والجالية الهندية في مصر بمناسبة عيد الجمهورية الحادية والسبعين للهند.
لقد قامت الجمعية التأسيسية للهند باعتماد دستور الهند في 26 نوفمبر 1949. وأعلنت حكومة الهند يوم 26 نوفمبر يوما سنويا للاحتفال بالدستور في 19 نوفمبر 2015 من خلال إشعار تم نشره في الجريدة الرسمية. ويذكرنا يوم الدستور بالقيم والمبادئ وكذلك بالواجبات الأساسية المنصوص عليها في الدستور ويشجع كافة الهنود على القيام بدور في تعزيز الديمقراطية والمجتمع الهندي. دخل دستورنا حيز التنفيذ في 26 يناير 1950. دعونا في يوم الجمهورية هذا نجدد التزامنا بتعزيز الديمقراطية وتثبيت دعائم المجتمع الهندي.
ومع دخولنا العقد الثاني من هذه الألفية، يجدر بنا أن نفكر في رحلة الهند الطويلة منذ استقلالنا في 15 أغسطس 1947. وتظهر الديمقراطية الهندية بشكل أقوى مع كل انتخابات تعقد: ففي عام 2019، قام أكثر من 600 مليون هندي بممارسة حقهم في المشاركة في الانتخابات العامة. وتعد الهند أكبر ديمقراطية في العالم وواحدة من أسرع الاقتصاديات الرئيسية نموًا في العالم. وقد طبقت الهند مبادرات حكومية قوية مثل مبادرة صنع في الهند والمشروعات الناشئة في الهند ومبادرة أمة واحدة ضريبة واحدة ومبادرات تبسيط الإجراءات القانونية والإدارية، مما مكنها من القفز 79 درجة على مؤشر سهولة أداء الأعمال خلال السنوات الخمس الأخيرة. وقد حققت أكثر من 660 شركة ناشئة ما يقرب من 13.6 مليار دولار في إطار برنامج الحكومة الرائد المشروعات الناشئة في الهند. وقد أطلقت الهند أيضًا واحدة من أكبر خطط التأمين الصحي في العالم، وهي خطة أيوشمان بهارات، والتي تهدف إلى توفير تغطية صحية لحوالي 500 مليون هندي. وفي ظل تطبيق أكبر خطة للشمول المالي في العالم، والتي تسمى بخطة جان داني يوجانا، تم فتح أكثر من 370 مليون حساب مصرفي في غضون خمس سنوات فقط. وفي الوقت نفسه، تعد الهند واحدة من الدول الرائدة في معالجة قضية تغير المناخ والاحتباس الحراري. ونحن نعمل بجد لتحقيق هدفنا المتمثل في توليد 450 جيجاوات من الطاقة المتجددة. وقد أطلقت الهند أيضًا تحالف عالمي للبنية التحتية المقاومة للكوارث، وهي شراكة دولية ستدعم البلدان المتقدمة والنامية في بناء بنية تحتية قادرة على التكيف مع المناخ والكوارث. وتركز الهند الحديثة تركيزا قوي على العلوم والتكنولوجيا. وتعد الهند من بين أهم الدول في العالم في مجال البحث العلمي واستكشاف الفضاء كما أنها من بين الوجهات الاستثمارية الجاذبة للمعاملات التكنولوجية في العالم. ونرى الآن تركيز قطاع التكنولوجيا الهندي على استغلال الابتكار كأداة رئيسية لبيع منتجاته. ويعمل عدد كبير للغاية من الشركات الناشئة التي تدعم التكنولوجيا على إحداث ثورة في مختلف القطاعات مثل مجال الرعاية الصحية والتعليم والخدمات المالية والسفر والسياحة والخدمات اللوجستية وما إلى ذلك.
وتضرب العلاقات بين الهند ومصر بجذورها في عمق التاريخ. وقد أشار بعض العلماء إلى أن الملكة حتشبسوت قد أرسلت سفنا تجارية إلى الهند. الأهم من ذلك هو أن الاتصالات البحرية بين الهند ومصر كانت موجودة قبل عدة قرون من ميلاد المسيح. وكان للمهاتما غاندي، كما نعلم جميعًا، علاقات خاص بمصر. تأثر غاندي بالزعيم الوطني المصري مصطفى كامل باشا، وكانت هناك رؤية مشتركة للمهاتما غاندي وسعد زغلول حول الاستقلال. كما أنه من المعروف أن الصداقة جمعت بين نهرو وجمال عبد الناصر. وقد عملت الهند ومصر معاً من خلال حركة عدم الانحياز والأمم المتحدة. وفي الماضي القريب، قام سيادة الرئيس السيسي بزيارتين إلى الهند، مما أسهم في تعزيز العلاقات الثنائية. وقد اتفق زعيما البلدين على إقامة شراكة جديدة لعصر جديد. ومن الأمور التي تبعث على الارتياح أن العلاقات الثنائية بين الهند ومصر تتسم بالدفء والمودة كما كانت دائماً، كما أن لدى البلدين رؤي وتصورات سياسية متقاربة للقضايا الثنائية والإقليمية والعالمية.
أقمنا على مدى العام الماضي العديد من الفعاليات للاحتفال بمرور مائة وخمسين عاماً على ميلاد المهاتما غاندي، حيث اختتمنا تلك الفعاليات بإقامة ندوة ومعرض للصور الفوتوغرافية، وذلك بالتعاون مع جامعة الدول العربية. وفي وقت لاحق، وبالتحديد في 6 نوفمبر 2019، أصدرت هيئة البريد المصري طابعاً تذكارياً عن المهاتما غاندي. كما تم إزاحة الستار عن تمثال نصفي للمهاتما غاندي بحديقة الحرية بالقاهرة. وننتهز هذه الفرصة لنعرب عن امتناننا لحكومة جمهورية مصر العربية وشعب مصر على ما قدموه من أجل إنجاح تلك الاحتفالات.
تهدف السياسية الخارجية الهندية إلى مشاركة ما تمتلكه الهند من خبرات ومهارات ومعارف مع غيرها من الدول النامية. ويعد برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي “أيتيك”، الذي تم إطلاقه يوم 15 سبتمبر 1964، نموذجاَ ساطعاً للشراكة بين دول الجنوب-جنوب في مجال بناء القدرات. وفي إطار برنامج أيتيك، يتم تخصيص 200 منحة دراسية سنوياً لمصر، حيث تشمل برامج التدريب 280 تخصصاً في 54 معهداً، وتشمل التخصصات تكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، واللغة الإنجليزية، وتنمية المهارات وخلق فرص العمل. ونستهدف من خلال برامج التعاون القائمة على الشراكة في مجال التنمية إلى تحقيق الفائدة المشتركة وأولويات شركائنا، كما نعمل على أن تصل تلك البرامج إلى الناس وتحدث فارقاً في حياتهم. ويعد مركز التميز في تكنولوجيا المعلومات الذي أقيم بجامعة الأزهر، ومعسكر جايبور فوت لتركيب الأطراف الصناعية الذي أقيم خلال الفترة من مايو حتى يونيو 2019 في أسيوط، حيث تم توفير 550 طرف صناعي لخمسمائة شخص في إطار مبادرة “الهند من أجل الإنسانية”، خير مثال على نهجنا.
وإنني انتهز هذه الفرصة لأعرب عن امتناني لمصر حكومة وشعباً لتعاونهم ودعمهم المتواصل. كما أشكر وأثني على الجالية الهندية في مصر، فهم بمثابة سفراء للهند حظوا بالسمعة الطبية والاحترام، وساعدوا على تعزيز العلاقات بين الهند ومصر.
وفي هذه المناسبة السعيدة، أتقدم بأطيب تمنياتي لجميع الهنود وأصدقاء الهند في مصر.