سلايدر

كف الأميرة.. ودموع اليتامى

استمع الي المقالة

ريم المطيري

تأتي في عتمة اليُتم كالضوء، تمسح بكفيها دموع اليتامى هُنا وهُناك، تُسابق الفقر لتلتقط قلوبهم قبل أن يلمُ بها، سكن اسمها في دعواتهم سرًا وجهرًا، وأصبحت أُمًا يسع قلبها لهم جمعيًا؛ إنها صاحبة السمو الملكي الأميرة أضواء بنت فهد آل سعود، فمن هي أُم الأيتام وما سِر تعلقها بهم!

هي صاحبة السمو الملكي الأميرة أضواء بنت فهد بن سعد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود، حفيدة الملك الثاني للمملكة العربية السعودية الملك سعود رحمة الله، وابنة لرجل عُرف بطيب الذكر وحُسن المعشر على الرغم من أنه توفي رحمه الله في شبابه، إلا أنه زرع في نفوس المقربين منه حُبًا يتنامى منذ رحيله وحتى اليوم كشجرةٍ ظليلةٍ دانيةٍ قطوفها.

أما والدتها التي تُعتبر نموذجًا للمرأة العربية الأصيلة، هي صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت فيصل بن سعود بنت عبدالعزيز آل سعود المرأة التي كانت ظهرًا ساندًا للأميرة أضواء مُنذ نعومة أظفارها ومُوجهًا تربويًا نحو الخير والتطوع وفكر العطاء والبذل، تلك القدوة المعطاءة التي وصفت الأميرة أضواء بذلها بقولها :” كُل ما أنا فيه اليوم هو بسبب رضا أمي ثم رضا زوجي”.

أضواء؛ التي لُقبت بأم الأيتام وابنة المسنين كرّست جُل وقتها لخدمتهم والوقوف على احتياجاتهم، حتى أصبحت القلب الذي يأنسون بقربه ويستمتعون بحديثه، حصلت على عضوية العديد من الهيئات الحكومية، منها عضوية في جمعية إنسان للأيتام، وعضوية جمعية مكنون لتحفيظ القرآن، وعضوية جمعية التوحد، وعضوية جمعية كفيف، وحصلت بالإضافة إلى ألقابها السابقة على لقب صديقة أطفال السرطان، وصديقة المسنات ودار الضيافة، ودار التربية الاجتماعية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، كما أنها عضو دائم لدى المنظمة الفيدرالية لأصدقاء الأمم المتحدة.

وحصدت عن استحقاق لقب السفيرة الممتازة من قبل منظمة الصحة العالمية، ولقب سفيرة التوعية الصحية من قبل وزارة الزراعة، كما حصلت على لقب “شخصية العام” لعام ٢٠١٩ م على مستوى الوطن العربي في مجال رعاية الأيتام والعمل الإنساني التطوعي، وسوف يتم تتويجها في نهاية هذا الشهر الجاري بالدكتوراه الفخرية من كلية الدراسات والأبحاث البريطانية لجهودها البارزة في الخدمة المجتمعية ورعاية الأيتام.

أضواء؛ ليست أم الأيتام وحسب ولكنها أيضًا صديقة الأمهات، فتلك اليد التي مُدت للأيتام من جهة، مُدت للمُسنين من جهةٍ أخرى، فأصبحت كالملاك الذي فرد جناحيه وأبى إلا أن يجتمع الشمل تحت جناحيه.

أميرة الإنسانية التي ورثت قلبها الرحيم أبًا عن جد قاتلت بشراسة من أجل حقوق الأيتام والمعاقين والمسنين، فكانت لها إسهاماتها التي برزت في ساحة التطوع الاجتماعي كبصمة خبير، وخارطةِ محترف، إذ دخلت مُعترك العمل التطوعي منذ ما يزيد عن ١١ سنة، وكانت بذرتها الأولى هي تأسيس فريقها التطوعي ” فريق معًا نحقق الأمل” الذي بدأ بأربعة أشخاص ونما على يديها حتى أصبح عدد المُنتسبين له يُقارب المئتي متطوع.

حصلت مؤخرًا على منصب نائب ثاني لرئيس الاتحاد العربي للتضامن الاجتماعي التابع للوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، ورئيسة لأعضاء الاتحاد في المملكة العربية السعودية، وكعادتها المُبادرة تبرعت بمقر للاتحاد وارتأت أن يكون في مكة المكرمة، العاصمة المقدسة لجميع دول العالم الإسلامي.

ما لا يعرفه كثيرون أن صاحبة السمو الملكي أضواء مُحاربة لمرض السرطان، الذي أصيبت به رغم صغر سنها إلا أنها بقوة الإيمان ونظرتها المُتفائلة للحياة وتعلقها بربها الكريم، ودعوات الآلاف من مُحبيها استطاعت بمشيئة الله أن تتشافى منه، بعد أن حاربت بشراسة كعادتها في كُل ما تحارب لأجله في هذه الحياة.

كانت تُردد دائمًا ” السرطان ليس وحشًا هو مرض كأي مرض يُمكننا السيطرة عليه” ، وعلى الرغم من أنها هي من أصيبت بالمرض إلا أنها كانت تُبسط هول الصدمةِ على عائلتها، فكانت مصدرًا للسعادة والتفاؤل، وظهرًا داعمًا لعائلتها وأيتامها ومُسنيها في مرضها، كما كانت في صحتها وأكثر.

صاحبة السمو الملكي الأميرة أضواء نموذج إنساني أعادنا للزمن الجميل، زمن قوة المبدأ ووضوح الهدف والرؤية، تحمل في طيات نفسها الكثير من الأحلام الكبيرة، التي تشمل المجتمع بُكل فئاته، وتسير في طريق الخير بخطوات الواثق، الذي رسم خطته بإحكام ثم جعلها نصب عينيه ومضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى