و”كتاب الأحلام” هو مذكرات إحتفظ بها فيلليني، بناءً على نصيحة المحلل النفسي إرنست بيرنهارد، عن الحقبة: بدءً من الستينيات وحتى أغسطس 1990. قام فيللينى بعرض أحلامه في شكل رسومات من خلال هذه “المذكرات” ، أو كما كان هو يُطلق عليها “علامات وملاحظات سريعة لا تتبع القواعد اللغوية.”
إنه كتاب فريد من نوعه، فهو بمثابة رحلة عبر العالم الرائع لعقل عبقرى لامع، بل ويٌعد شهادة إستثنائية على الإبداع الحر لفيللينى. إنها مذكرات ولكنها تُجسد أيضاً نوع من أنواع القصة المصورة. ومن الجدير بالذكر أن خبرات فيلليني كرسام كاريكاتير وفكاهي تحظى بأهمية كبيرة، ولكن هذه المذكرات فى حد ذاتها وعلى وجه الخصوص تُعد إبتكاراً عظيماً كونها تمثل إستباقاً للغة الرواية المصورة قبل ظهورها ببضعة عقود.
“كتاب الأحلام” هو عمل منبثق عن الحرية المطلقة لفنان يُجيد اللعب سواء مع نفسه أو مع العالم، وهو عبارة عن مجموعة من العلامات والأشكال والملاحظات التي تنمو وتتطور بمرور الوقت لتُشكل خريطة للكون الجمالي والرمزي لمؤلفها. كما يُعد هذا العمل أيضاً واحد ومن كُتب المذكرات الشخصية التى تحمل فى ثناياها صيغة عبقرية فيللينى الإبداعية.
ومن الجدير بالذكر أن نقطة إنطلاق هذا العمل هو علم النفس التحليلي وهذه مصادفة فريدة بل ومُتفردة حيث أن كارل غوستاف يونج (الطبيب النفسي السويسري) إحتفظ بمذكراته والمعروفة بإسم “Liber Novus” أو “الكتاب الجديد” والمُفعمة بالصور الرائعة والإستثنائية بل والرسومات الرمزية والتى تم نشرها فقط في عام 2009 أى أن فيللينى كان يجهل تماماً وجود هذه المذكرات الخاصة بغوستاف.
هذا وقد إعتاد فيلليني- كتدريب يومي- على أن يقوم كل صباح بتسجيل أحلام الليلة السابقة في مذكراته: أشكال وشخصيات وظروف وموضوعات مُلهمة لأفلامه. كما كان يقوم بإضافة تعليقات أو شرائح توضيحية إلى الجٌمل والحوارات.
ومن ثم تُعد هذه المذكرات بمثابة رواية قيد التنفيذ، لأن فيلليني كان يٌعيد تنظيم وصياغة الأوراق من خلال إضافات وتدخُلات بإستخدام ألة المقص ومادة الغراء في محاولة مستمرة لإثراء وتعديل مستند سينتهى به الحال ليتحول من مجرد أداة للتحليل الذاتي إلى كتاب فنان إستثنائى.
تمثل النسخ المعروضة في معهدنا الموضوعات المتكررة في أفلام فيللينى مثال: الرغبة السفر، التاريخ، السلطة، الموضة، السينم ، الفن، الأدب، المجتمع الإيطالي.
يتكون “كتاب الأحلام” ، الذي قامت مؤسسة فيلليني بشرائه في عام 2006 ، ثم تم التبرع به لبلدية ريميني في عام 2015، والمعروض حاليًا بمتحف مدينة ريميني، من مجلدين يحتويان على أكثر من 400 ورقة.