رأى

التسويق الإلكتروني عبر الإعلانات علي شبكة الإنترنت.. االآفاق و التحديات

استمع الي المقالة

فؤاد الصباغ

إن بروز شبكة الإنترنت مؤخرا كوسيلة للإتصال الرقمي و التواصل الإجتماعي بين الأشخاص في مختلف دول العالم أدت إلي تحويل الفضاء الواقعي برمته إلي فضاء إفتراضي متكامل الأبعاد و الأهداف. فمما لا شك فيه إن الإنتشار الرهيب و الغريب لتكنولوجيات الإتصال و المعلومات في حياتنا و معاملاتنا اليومية خلقت منها بيئة رقمية حديثة و جعلت من ذلك الفضاء أداة للترويج و التسويق لمنتجات جميع الشركات العالمية. كما أن الإقبال المتزايد من قبل عديد المستهلكين علي إستخدام الإنترنت حول الهاتف الجوال الذكي من خلال تطبيقاته لوسائل التواصل الإجتماعي و البريد الإلكتروني إلي وسيلة للإتصال العالمية التي أضحت مثل الملح الذي لا يغيب عن الطعام. فهذه الثورة الرقمية الحقيقية جعلت من التسويق الإلكتروني مجالا واسعا و شاسع الإنتشار بين البلدان و المستخدمين بحيث تبلغ أعداد المتصفحين للإنترنت بالملايين يوميا. أما وسائل التواصل الإجتماعي علي غرار فيسبوك و تويتر فحدث و لا حرج عن عدد مستخدميها حيث وصلت إلي أعلي هرم السلطة من خلال تغريدات و تعليقات لرؤساء دول العالم و التي أصبحت تلقي إهتماما بالغا من قبل وسائل الإعلام الدولية و الصحافة المرئية و المكتوبة. و لعل أبرزها تلك التغريدات للرئيس الأمريكي دونالد الترامب و التي أصبحت تصنف كبيان رئاسي رسمي صادر من إدارة البيت الأبيض يتعلق بالشؤون السياسية, الإقتصادية و الإجتماعية و العلاقات الدولية. فلا مجال اليوم بأي حال من الأحوال التنكر لأهمية وسائل الإتصال و المعلومات و دورها المهم في نشر الأخبار و الإشهار بحيث جعلت من شبكة الأنترنت منصة للإعلام, للسياسة, للترفيه, للتعارف, للتعليم و أيضا للعمل عن بعد. إذ في هذا السياق أصبح التسويق الإلكتروني عبر الإعلانات علي شبكة الأنترنت يحتوي العديد من الإيجابيات و السلبيات التي تنصهر مباشرة في آفاق و تحديات إستخداماته مستقبليا.

الآفاق

مع إنتشار ملايين المواقع الإلكترونية علي شبكة الإنترنت منها المدونات, المواقع الإلكترونية, المحلات التجارية برزت معها الإعلانات الإلكترونية كوسيلة للتسويق و للترويج لمختلف منتجات الشركات العالمية. بالنتيجة تحول التسويق التقليدي القائم سابقا علي طباعة الإعلانات الإشهارية الورقية و تعليقها علي حائط أماكن تشهد حركية بشرية مكثفة أو تعليق تلك اللافتات علي قارعة الطرقات الرئيسية, و إستعمال الراديو و التلفاز للإشهار إلي التسويق الإلكتروني الذي أضحي يعتمد علي شبكة الأنترنت كوسيلة تواصل مع أولئك المستخدمين أو بالأحري المدمنين علي وسائل التواصل الإجتماعي و علي بعض المواقع الإلكترونية التي تخص إهتماماتهم و رغباتهم الشخصية. فآفاق هذا النوع الأخير من التسويق أصبح واعدا نظرا لتحقيقه لأهدافه بأقل التكاليف المادية من أجل جلب أكبر عدد ممكن من الحرفاء و هي تعتبر عمليات ترويج ناجعة و فعالة جدا نظرا لإيجابيات تأثيراتها المباشرة علي المستخدم الإلكتروني. إن العولمة الرقمية سمحت لتكنولوجيات الإتصال و المعلومات بخلق فضاء إفتراضي شامل و كامل موازي في محتواه للفضاء الواقعي و الذي يعتبر حدث القرن نظرا لعديد الأساليب التسويقية التي أصبحت تعتمد في صلبه. إذ نلاحظ أن تزايد تلك الإعلانات الإلكترونية لم يأتي من فارغ أو هو مجرد لعب و لهو بل هناك شركات عالمية تدفع مبالغ طائلة لنشر تلك الإعلانات و هناك خبراء دوليين مشرفين علي تجديد و تطوير نوعية تلك الإعلانات لجعلها أكثر تأثيرا علي مستخدم شبكة الإنترنت. ففي المقابل أصبحت هناك علاقة مباشرة بين شركات المنتجات العالمية منها الصناعية, الفلاحية و الخدماتية و شركات التسويق الإلكتروني من جهة و أصحاب المدونات و المواقع الإلكترونية و المستخدمين لشبكة الإنترنت من جهة أخري. إذ تكمن تلك العلاقة ببساطة في عمليات بيع و شراء الإعلانات الإلكترونية المدفوعة الثمن مسبقا من قبل الشركات كالوسيط التجاري و هي شركات الإعلانات الإلكترونية التي تقوم بدورها بتوزيعها علي أصحاب المواقع و المدونات الخاصة مقابل أجر مالي عن كل 1000 زائر و المعروفة ب CPM أو الضغط علي الإعلان و المعروفة ب CPC أو مشاهدة الإعلان و المعروفة ب CPV أو التفاعل مع الإعلان المعروفة ب CPA أو البيع عن بعد عبر الإعلان المعروفة ب .CPS إجمالا تكون تلك الشركات الموزعة للإعلانات الإلكترونية عبارة عن ذلك الوسيط التجاري لبيع و شراء تلك الإعلانات بين الشركات العالمية المنتجة لمنتجات معينة و المستخدمين اللذين هم عبارة عن حرفاء مستهدفين لجلب إنتباههم لتلك العلامات التجارية الخاصة للمنتجات و حثهم علي شرائها عن بعد. فهنا تبرز أهمية المعاملات المالية في التسويق الإلكتروني بحيث يصبح صاحب المدونة أو الموقع و المتجر الإلكتروني مستفيدا مباشرة من منحة مالية محترمة تصل حتي 2.000 دولار خلال كل شهر أو شهرين و ذلك وفقا لعدد المشاهدين لموقعة الخاص و كل ما زاد عدد المشاهدين لتلك الإعلانات الإلكترونية زاد مبلغ المنحة المسندة من قبل شركات توزيع الإعلانات الإلكترونية. أما بالنسبة لشركات المنتجات العالمية فهي أصبحت إدارتها تعتمد علي تلك الوسائل التسويقية الإلكترونية من أجل زيادة مبيعات منتجاتها و السعي للتأثير المباشر علي المستهلكين من خلال الترويج الإشهاري لعلامات تجارية خاصة بهم.

التحديات

إذ في كل دولة من دول العالم يوجد الصالح و الطالح و ذلك وفقا لإستخداماته لشبكة الإنترنت العنكبوتية و التي وفرت لبعض التجار الإلكترونيين و المدونين و أصحاب المواقع و المتاجر الإلكترونية الخاصة منح مالية محترمة علي مدار السنوات الفارطة خاصة خلال العشريتين الأخيرتين و ذلك بالطرق الشرعية و القانونية. أما لبعض الأشخاص الآخرين و المصنفين كفاسدين فكانت تلك الشركات في مرمي إستهدافاتهم من خلال إعتماد طرق ملتوية غير شرعية منها جعل مواقعهم تجلب “زوار وهميين” و إستعمال بعض البرمجيات الغير قانونية أو الترويج و التسويق العشوائي المزعج و ذلك بدعوة الأشخاص و الأصدقاء بالضغط علي تلك الإعلانات الإلكترونية في مواقعهم الخاصة بدون الإهتمام بجوهر الموضوع و الغاية من نشر الإعلانات علي مواقعهم الإلكترونية بحيث يقوم بعضهم بإعتماد مفهوم “التسويق الإلكتروني من أجل الدفع و الإستفادة من المال و ليس التسويق من أجل الترويج و البيع”. إجمالا تكمن مجمل التحديات في طرق الإستخدامات خاصة منها الغير شرعية و التي تعتبر تأثيراتها سلبية علي شركات توزيع الإعلانات الإلكترونية و شركات المنتجات العالمية التي ترغب في جلب المزيد من الحرفاء الجديين و زيادة مبيعاتها في الأسواق العالمية. فهنا يكمن مربط الفرس بحيث يتحول ذلك “التسويق الإلكتروني من تسويق ترويجي إلي تسويق وهمي” و بالنتيجة تغيب الثقة بين جميع الأطراف و تصبح طرق الدفع للخدمات غير متوفرة تماما, مما تكثر في صلبه عمليات النصب و الإحتيال و المعروفة ب Scam and Fraud. إن دراسات خبراء التسويق الإلكتروني أصبحت اليوم تحظي بإهتمام بالغ من قبل الشركات العالمية نظرا لتوفر محتواها علي طرق و آليات التسويق الناجع و الناجح و ذلك من أجل التصدي لتلك الأساليب الغير الشرعية في التسويق الإلكتروني عبر تلك الإعلانات علي شبكة الإنترنت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى