نوران عبد المنعم
برغم ما تمر به أسواق النفط على المستوى العالمي من تذبذب منذ أواخر عام 2014 إلا أن سلعة النفط تظل هي المصدر الاستراتيجي لدخل سلطنة عُمان حتى هذه اللحظة ولسنوات وربما عقود مقبلة، مع الاستمرار في مسارات التنويع الاقتصادي وإمكانية إحداث اختراق في الاقتصاد الوطني عبر مصادر جديدة كالسياحة أو المناطق الصناعية والحرة وغيرها من الأهداف المستقبلية في هذه الأطر المطروحة في برامج التنويع الاقتصادي التي تعمل السلطنة على إنجازها للسنوات القادمة.
ولذا تكتسب الاتفاقيات النفطية التي توقعها سلطنة عُمان لاسيما في التنقيب سواء عن النفط أو الغاز كسلعة موازية، أهمية استراتيجية باعتبار ذلك من أهم روافد دعم الاقتصاد العُماني، لأنه يخدم في تطوير التنويع الاقتصادي المنشود بشكل أو بآخر، من حيث تكاملية الأهداف والمسارات في دعم الدخل الوطني، حيث أن عوائد النفط والغاز من المفترض أنها في خاتمة المطاف تنعكس على إنشاء وتشييد مشاريع في مجالات وقطاعات أخرى، وهذا هو الهدف المرتجى.
وخلال عقود ساهم النفط كسلعة استراتيجية في بناء العديد من الخطط والبرامج وقيام العديد من المشروعات بسلطنة عُمان، وكان هو السلعة التي على أساس دخلها ومردودها المادي، قد تأسست البنية الأساسية وقامت النهضة الحديثة في كافة القطاعات الاقتصادية العُمانية، والآن فإن الاتجاه إلى التنويع لا يعني أن دور النفط يتوقف أو يبطئ بعض الشيء، إنما يعني التكاملية في الأدوار بحيث يؤدي في النهاية إلى مسار التنويع المستقبلي المأمول.
ولا شك أن الاستثمار في الإنتاج المتعلق بالنفط والغاز ، بات من المسائل المستقبلية ذات البعد المركزي في الاقتصاد العُماني، لأن النفط يظل سلعة عالمية تدور حولها السياسات وتبنى العلاقات الدولية وتتحرك الكثير من القضايا، كما أن موضوع الطاقة يظل مرتبطا بالنفط والغاز إلى حين إيجاد وتعزيز البدائل من الطاقات الجديدة والنظيفة، التي قد بدأت فعليا في العالم، لكنها تتطلب بعض الوقت لكي تصبح منتشرة وسهلة وغير مكلفة.
إن الاكتشافات الأخيرة بسلطنة عُمان خصوصا في قطاع الغاز، مثل حقل “خزان” وحقل “غزير” والاكتشاف الذي أعلنت عنه شركة تنمية نفط عُمان في حقل مبروك، أو حقل “رباب-هرويل” الذي يقترب من الدخول في الخدمة، تؤكد أن السلطنة تمتلك ثروات كبيرة تزيد عن الاستهلاك المحلي، حيث يستخدم الغاز كمصدر رئيسي في توليد الطاقة الكهربائية التي تستحوذ على ما نسبته 20 بالمائة إلى 25 بالمائة من إجمالي الإنتاج، فيما تبلغ نسبة التصدير حوالي 40 بالمائة من الإنتاج.
وتمتلك سلطنة عُمان العديد من المناطق الواعدة والمنتظر منها إنتاج كميات كبيرة من الغاز مثل منطقة الامتياز رقم 77 البالغ مساحتها 2734 كيلومترا مربعا، والتي وقعت حكومة السلطنة ممثلة في وزارة النفط والغاز أمس الأول، اتفاقية جديدة مع كل من شركة إيني الإيطالية وشركة بي بي عُمان للحصول على حق التنقيب عن الغاز فيها، حيث تنص هذه الاتفاقية على الالتزام بتنفيذ المسوحات الزلزالية وإجراء العديد من الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية وحفر عدد من الآبار الاستكشافية، حيث تركز هذه الاتفاقية على استكشاف وإنتاج الغاز.
وتنفيذا لاستراتيجيات الخطط التنموية، تبذل الحكومة العُمانية جهوداً متواصلة وكبيرة في إطار عمليات المسوحات والدراسات والتنقيب بالإضافة إلى الاستكشاف والإنتاج، في النفط والغاز، وقد أعلنت وزارة النفط والغاز عن المضي في الاتفاقيات والاستثمارات، حيث من المتوقع توقيع اتفاقيات جديدة قبل نهاية العام الجاري.
يبقى القول أن كل هذه الجهود ستسهم في زيادة الاحتياط من النفط والغاز ورفع معدلات الإنتاج في السلطنة، بما يخدم التصور الكلي لنهضة الاقتصاد العماني نحو المزيد من الآفاق المستقبلية في إحداث الاندماج في عصر التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة.