نوران عبد المنعم
يأتي اختيار مدينة “بهلا” بسلطنة عُمان كمدينة حرفية على المستوى الدولي لاستيفائها المعايير والاشتراطات الحرفية والثقافية والاجتماعية التي أقرها مجلس الحرف العالمي في منح لقب مدينة عالمية للحرف وفق رؤية استدامة التنمية وشموليتها.
سوف يقوم وفد من مجلس الحرف العالمي مع عدد من المحكمين الدوليين المختصين في المجالات الحرفية، بزيارة مدينة بهلا يومي 21 و22 يوليو الجاري، وذلك في إطار بدء أعمال التقييم الميداني لترشح ولاية بهلا لنيل لقب مدينة عالمية للحرف، يأتي ذلك مع حلول الاحتفالات بيوم النهضة العُمانية في الـ 23 يوليو الحالي. .
ومن المعروف عمق العلاقة بين بهلا والتاريخ الحرفي، ففي يناير 2013، أمر السلطان قابوس بن سعيد، أثناء لقائه شيوخ ولايات محافظتي الداخلية والوسطى وذلك بالمخيم السلطاني بسيح الشامخات بولاية بهلا بمحافظة الداخلية، بإنشاء كلية الأجيال بولاية بهلا لتحتضن الصناعات الحرفية.
وقد أكد قابوس أن أرض ولاية بهلا: “لها تاريخ عريق ومعروف في التاريخ العُماني، وهي أيضاً من أهم المدن العمانية التي تزخر بالكثير من الموروثات والحرف التقليدية المعروفة للعمانيين جميعاً والتي يعتز بها كل العمانيين، وأن كلية الأجيال سوف يكون لها شأن في تأهيل أبنائنا وبناتنا على الحرف التقليدية والصناعات الحرفية من أجل أن ينهضوا بها ويحيوها ويطوروها”.
لقد اهتمت النهضة العُمانية الحديثة بالتراث والموروث وضرورة استيعابه في التطوير والتحديث في الدولة العصرية، وأن ذلك يتم بناء على المعرفة والعلم بحيث تتحقق الاستفادة المثلى، وأن لا يكون الأمر مجرد نقل حرفي للماضي وتجارب الأمس، حيث عمق فكر النهضة يصب في إطار إحداث هذه الموازنة الضرورية والأساسية بين التاريخ واللحظة الحاضرة لأجل صناعة المستقبل الأفضل.
وفي إطار الجمع بين الأصالة والمعاصرة، جاء الحديث عن إحياء الحرف التقليدية مقترناً بالحديث عن دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، وهو ما يؤكد على العلاقة الوطيدة بين تطوير التراث الحرفي وإدماجه في العصر وبين الصناعات الجديدة ذات العلاقة بالاقتصاد الشبابي الصاعد، وحيث إن الجيل الجديد يعول عليه كثيرا في دفع آفاق التنمية الشاملة والمستدامة في كافة مناحي الحياة الإنسانية.
ولا شك أن توقيت اختيار بهلا مدينة عالمية للحرف، يتزامن مع تجديد الجمعية العمومية لمجلس الحرف العالمي لإقليم آسيا والمحيط الهادي ثقتها في سلطنة عُمان ممثلة بالهيئة العامة للصناعات الحرفية باختيارها نائباً لرئيس منطقة غرب آسيا في الجمعية العمومية للدورة الثانية التي ستمتد حتى 2020، الأمر الذي يعد تقديراً عالمياً جديداً لسلطنة عُمان وتراثها.