رأى

يوم القدس العالمي تجسيد للتضامن الإسلامي

استمع الي المقالة

97

مع تعاظم الخطر الصهيوني الذي يهدد القدس في ظل الاتفاقيات الاستسلامية التي وقعها النهج الخياني مع العدو الصهيوني لا يسعنا إلا أن نتذكر بإجلال وإكبار الامام الخميني قدس سره الذي اعلن مأثرته الثورية التي اطلق العـنان لها بتاريخ السابع من اغسطس/ آب عام 1979 اعتبار الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي ليكرس نهجا كفاحيا يجسد من خلاله النموذج الاسلامي الجهادي الحقيقي الذي انتصر لقضايا الامة الاسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرها قضية القدس هذه القضية التي حازت على جانب كبير من اهتماماته الجهادية في وقت مبكر قبل الثورة وهو يعيش في منفاه عندما عبر عن مواقفه الثورية بشجاعة ولم يصمت على مسلسل الجرائم الصهيونية بحق اخوة الدين والاسلام في فلسطين فاطلق صرخته المدوية لرفض هذا الواقع الاجرامي فدعا الشعوب والحكام من منفاه لرفع الظلم والقهر عن كاهل الشعب المسلم الفلسطيني المظلوم.

اما عندما انتصرت الثورة الاسلامية في ايران بقيادة سماحته فإنه اطلق العنان لمأثرته الجهادية ليضع الامور في نصابها أمام الامة الاسلامية لتتحمل مسؤولياتها وتستشعر الخطر الصهيوني الذي يهدد القدس بدعم ومساندة الاستكبار العالمي.

بهذا اليوم التاريخي اعلن سماحة الامام والقائد المسلم الكبير انحياز الثورة الاسلامية بشكل معلن لفلسطين والقدس واصبحت الجمهورية الاسلامية في ايران طرفا أساسيا واستراتيجيا في معادلة الصراع الوجودي مع القوى المعادية للاسلام لا سيما الصهاينة العدو الاول للأمة العربية والاسلامية.

لقد أثبتت المأثرة الجهادية لسماحة الامام نظرته الثاقبة لوضع الحلول الجذرية الجهادية المناسبة لتصحح مسار الامة في ادارة الصراع مع قوى الاستكبار العالمي واستحداث وعي جديد يمكنها من استعادة دورها الجهادي في جميع الميادين بعد تغيبه لفترة طويلة.

لهذا فإن انتصار الثورة الاسلامية في ايران كان اكبر من ثورة لانها تحول عالمي ومفصل تاريخي ما بين الانحطاط والنهوض وما بين الحق والباطل، فكانت فلسطين والقدس في عقل ووجدان الامام الذي سكن وجدان الامة كزعيم مسلم قبل وبعد الثورة ليس لانه عالم دين فقط بل لأنه القائد الملهم الذي استطاع بحنكته ودرايته تحطيم اهم ركائز الاستكبار العالمي وادواته وبناء الدولة الاسلامية الحديثة وحمل هموم الامة التي عالجها وشخصها بشكل دقيق ووضع الحلول المناسبة وكانت القضية الفلسطينية من أولوياته على صدر اهتماماته فكان الهدف من يوم القدس العالمي جمع المسلمين الذين توحدهم أولى القبلتين وثالث الحرمين تحت راية الاسلام لمواجهة قوى الاستكبار العالمي والصهيونية وكل من يدور في فلكهم من القوى الرجعية وفي مقدمها الذين وقعوا اتفاقيات الذل والعار والخيانة والاستسلام بدءا من أوسلو الى وادي عربة وواي بلانتيشن هذه الادوات المستسلمة التي منحت العدو الاستكباري فرصة ذهبية لتحقيق أطماعه وأهدافه التي عجز عن تحقيقها بالحروب منذ أكثر من خمسين عاما، لقد استجابوا لشروطهم واملاءاتهم العدوانية واطماعهم التوسعية ليجعلوا من فلسطين والقدس نقطة انطلاق باتجاه الامة لترجمة مشاريعهم ومخططاتهم العدوانية التي تستهدف اخضاع الامة وتفتيتها واثارة النعرات الدينية والطائفية والعرقية والقومية من أجل السيطرة على مقدراتها وثرواتها وتسويق الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين بشكل شرعي وقانوني من خلال مشاريعهم ومخططاتهم الاستسلامية ليكون الامتداد الطبيعي للحلف الاستكباري العالمي الذي يدعم ويساند المشروع الصهيوني منذ ولادته وحتى اليوم لضمان تفوقه العسكري والمساهمة في تطوير بنيته الصناعية التكنولوجية ليتحول الى قاعدة استعمارية متقدمة لتغلغل الاحتكارات الدولية العملاقة في اسواق المنطقة وضمان السيطرة عليها وحمايتها وفرض مشروعهم الجديد على الامة تحت يافطة النظام الاقليمي الشرق اوسطي الجديد الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من النظام الاستعماري العالمي الجديد.

لهذا السبب كانت المأثرة الجهادية في هذا اليوم المجيد من شهر رمضان المبارك الذي تجاوز حدود الجمهورية الاسلامية ليعم معظم الشعوب الاسلامية ليقرع جرس الانذار بتشكيل حلف اسلامي جهادي مواز للحلف الاستكباري العالمي لمواجهة اهدافه ومخاطره واطماعه العدوانية في منطقتنا لتحطيمها على صخرة صمود الامة واجتثاث الغدة السرطانية من قبلها في فلسطين وتحرير أرض العرب والمسلمين بشكل كامل وشامل واستعادة الحقوق المغتصبة في فلسطين و كل فلسطين عاصمتها القدس الشريف.

أعلن الإمام الخميني عن تعيين آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، يوما عالميا للقدس، يوم انتصار الحق على الباطل. وفي هذا اليوم يبرهن الشعب الإيراني المنجب للشهداء، وعن طريق المظاهرات والمسيرات المليونية التي يقيمونها، عن عدائهم المبدئي والأصلي لاسرائيل، وفي هذا اليوم ضمت أغلب الشعوب المسلمة في الأقطار الأخرى أصواتها إلى الشعب الإيراني المسلم، وأقامت المظاهرات الحاشدة المعادية لأمريكا ولاسرائيل، ولكنه تم قمع أغلب هذه المظاهرات من قبل عملاء أمريكا والحكومات العميلة الحاكمة، حقا فإن يوم القدس هو يوم انتصار المستضعفين على المستكبرين.

* المصدر: arabic.irib.ir

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى