نوران عبد المنعم
تعتبر الملكية الفكرية من الحقوق التي بات بها اهتمام كبير في الحضارة الإنسانية الحديثة، وقد أولت سلطنة عُمان اهتماما كبيرا لهذه الأمور الثقافية والانسانية ونظمت لها القوانين والتشريعات والضمانات المختلفة، وأيضا المسائل التوعوية بما يجعل كل فرد يلم بهذه المسألة الحيوية.
وقد ارتكزت عملية البناء والتنمية في سلطنة عُمان خلال نصف قرن تقريباً، وهي تستعد اليوم للاحتفال بيوم النهضة العُمانية في الثالث والعشرين من يوليو المقبل، وهو اليوم الذي يوافق تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم، على عدة مرتكزات أساسية ولعل من أهمها أن التراث الفكري والثقافي للمجتمع العماني مكون أساسي وقاعدة للانطلاق في بناء دولة عصرية حديثة ذات هوية عُمانية.
ويأتي في مقدمة الجوانب التي تتعلق بالملكية الفكرية، مسألة الموارد الوراثية والمعارف التقليدية والفلكلور، وانطلاقاً من إدراكها لقضية الثقافة الانسانية، شاركت السلطنة ممثلة في الهيئة العامة للصناعات الحرفية، في اجتماعات الدورة الأربعين للجنة الحكومية الدولية المعنية بالملكية الفكرية، وذلك بمدينة جنيف السويسرية.
وقد انجزت سلطنة عُمان العديد من خطط التنمية المتتابعة التي حافظت على مكانة التراث الثقافي العماني، حيث كانت عملية المحافظة على ذلك التراث والعمل على احيائه وتحقيق الاستفادة منه أحد أهم الأهداف التي سعت تلك الخطط الى تحقيقها بتوجيهات ومتابعة من جانب السلطان قابوس، الذي أولى التراث العماني جل اهتمامه ورعايته، وكان مرتبطا به من حيث صونه والتنقيب عنه وجمعه وتهيئة عرضه وتوظيفه في اقتصاد البلاد، متخذاً من التراث الفكري والثقافي للمجتمع العماني قاعدة للانطلاق في بناء دولة عصرية.
كما أولت السلطنة اهتماما كبيرا بالصناعات الحرفية باعتبارها جزءا مهما من الهوية الثقافية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العماني، وجاء مرسوم سلطاني في الثالث من مارس عام 2003 بإنشاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية ونظامها الأساسي وهيكلها التنظيمي، بمثابة ترجمة للاهتمام بحماية وتطوير الصناعات الحرفية، وتجسد مسابقة السلطان قابوس للإجادة الحرفية كل عامين مدى الرعاية التي يخصها السلطان قابوس للحرفيين العمانيين لتحفيز قدراتهم واستثارة مكامن الإبداع لديهم من أجل إجادة التطوير والإنتاج الحرفي والارتقاء به إلى مستوى جمالي ونفعي، كما خصص يوم 3 مارس من كل عام يوماً للحرفي العُماني، يتم فيه تكريم المبدعين في مختلف الصناعات.
وفي إطار حرص القيادة السياسية العُمانية على التواصل الحضاري والثقافي مع مختلف دول العالم، تم تأسيس مركز عُمان للموسيقى التقليدية لتوثيق وصون وتشجيع الموسيقى العمانية التقليدية عام 1983 والذي أُفتتح في 12 أكتوبر 2011 فضلاً عن المتحف الوطني الذي تم افتتاحه عام 2015 بقاعاته الخمس عشرة، بهدف حماية فنون السلطنة والحفاظ عليها بكافة تجلياتها وإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية.