مفنداً ومنتقداً لحوار صحفى بصحيفة الأهرام، علق السفير ناصر كنعانى.. رئیس مکتب رعاية المصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية على النحو التالى:
في إطار حق الرد، ونظرا لعدم تجاوب صحیفة الأهرام الرسمیة في نشر رد هذا المکتب علی المزاعم والإتهامات ضد إیران، فإن المکتب یقوم بنشر رده بشکل عام:
سعادة الأستاذ/ علاء ثابت الموقر
رئيس تحرير جريدة الأهرام
نظراً لما نشرته جريدة الأهرام -الموقرة- في عددها الصادر يوم الجمعة بتاريخ 07/06/2019 من الإتهامات والإدعاءات التي وردت في حوار للسيد اللواء/ كمال عامر-المحترم-؛ رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإنه وفي إطار حق الرد، يرجى نشر توضيحات وردود هذا المكتب على تلك الاتهامات في العدد القادم من الجريدة.
- إن إتهام إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كسوريا واليمن ولبنان والسعودية لاأساس له من الصحة ولا يصدقه الواقع.
- وفيما يخص اليمن، فإن إيران كانت ولازالت الطرف الذي لم يشعل فتيل الحرب في اليمن وليس لها أي دور في استمرارها هناك. إيران ليست جزءاً من الحرب في اليمن. بل على العكس قدمت إيران إقتراح السلام بخصوص اليمن قبل أكثر من 4 سنوات ماذا لو كان قد تم الإهتمام به وإستقباله، ولم نكن لنرى على كل هذا الخراب والدمار والخسائر الإنسانية والمعنوية والمادية هناك، ولم يكن الطرف الذي بدأ الحرب هناك مجبوراً على اتهام إيران؛ حتى يبرأ نفسه. إيران أهم دول المنطقة التى كان لها دور فعال في عقد مباحثات السلام اليمنية في دولة السويد وكانت المشجع الأساسي في إقامة اتفاق ستوكهولم.
- فيما يخص سوريا، فإن المنصفين وأصحاب الضمائر الحية لا يقبلون بإدعاء تدخل إيران في الشأن السوري، حيث أن حكومة سوريا الشرعية هي من طلبت رسمياً دعم إيران في محاربة الإرهاب ولازالت تطلب هذا الدعم. ففي الوقت الذي كانت تقوم فيه معظم دول العالم وبعض الدول العربية والإسلامية (تم حصر وتحديد عدد هذه الدول طبقاً لتقارير رسمية من منظمة الأمم المتحدة ومراكز دولية معتبرة) بإرسال إرهابيين لسوريا للحرب ضد الحكومة والشعب السوري، كانت إيران وبتعاون حلفائها كروسيا قد بعثت مستشاريها إلى هناك لدعم الحكومة السورية الشرعية والشعب السوري المظلوم. ولولا دور إيران وحلفائها في سوريا لما كان الإرهاب يحكم دمشق فقط بل كان سيتم تصديره إلى دول المنطقة كلها. وفي حين أن عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لازالت معلقة، ويقع جزء من ترابها في قبضة الإرهابيين وجزء آخر تحت الاحتلال الأجنبي لأمريكا والنظام الصهيوني، فإن إتهام إيران بالتدخل في الشأن الداخلي السوري لن يجدي نفعاً.
- وفيما يخص الإدعاء بتدخل إيران في الشأن الداخلي للبنان، فإن لبنان بلا شك هي رمز وعنوان المقاومة والردع الإسلامي والعربي ضد إعتداءات النظام الصهيوني وسياسته التوسعية، وخلال تلك السنوات كانت إيران تقف بجانب الحكومة والشعب اللبناني بكل طوائفه وقومياته. لسنوات مضت وعلى عكس التدخلات الكثيرة من قبل الدول البعيدة والقريبة في الشؤون الداخلية للبنان، كانت إيران دائماً جزء من حل المشكلات المعقدة في لبنان. إيران هي الدولة الوحيدة التى تحظى بعلاقات متوازنة مع الطوائف في لبنان ولم تكن أبداً ضد أي حكومة منتخبة للشعب اللبناني. في ظل دعم إيران للبنان، أصبحت لبنان اليوم من مراكز القوى في المنطقة والحصن المنيع والقلعة الإسلامية والعربية المحكمة ضد التهديدات الصهيونية التي تهدد العالم الإسلامي والعربي.
- لا تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية لبنان وسوريا والعراق واليمن ساحة للمنافسة وللاستعراض الإيراني – العربي، بل تعتبرهم ساحةً للتعاون الإقليمي في سبيل إرساء السلام والإستقرار. إن إيران جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط وخليج فارس ويعد تواجدها والقيام بدورها في هذه المنطقة أمر طبيعي ولايمكن لها أن تغض الطرف عن التواجد الأمريكي المثير للتوتر والتدخلات السياسية والعسكرية والأمنية اليومية لها في المنطقة. من الذي فتح الباب لأمريكا -التي تبعد ألاف الكيلومترات عن منطقة الشرق الأوسط – للتواجد في المنطقة!!.
- والإدعاء الآخر المثير للتساؤل الذي طُرح في هذا الحوار هو تدخل إيران في الشأن الداخلي للسعودية!! بالرغم من كل الأعمال العدائية التي تتخذها السعودية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخاصة في السنوات الأخيرة؛ إلا أن إيران دائما كانت حريصة على إصلاح العلاقات مع السعودية بإعتبارها دولة عربية وإسلامية ذات أهمية. وللأسف فقد قوبلت مبادرات إيران الإقليمية ومن بينها إقتراحها الأخير بعقد المباحثات والحوارات الإقليمية وإبرام إتفاقية عدم الإعتداء بالتجاهل بل عوضاً عن ذلك تم تحريض أمريكا وإسرائيل لمعاداة إيران. على كل حال فإن إيران تعتبر السعودية دولة إسلامية وعربية مهمة ونأمل أن يحظى إقتراح الحوار والتعامل البناء بالاهتمام والاستجابة.
- ادعاء آخر طُرح في هذا الحوار، هو سعي إيران لنشر المذهب الشيعي في المنطقة وفي مصر. نعتقد أن أعداء الأمة الإسلامية قد روجوا هذا الاتهام لسنوات عدة بدوافع سياسية. أولاً : الاعتقاد والاعتناق لأي مذهب رسمي من مذاهب الإسلام ليس جرماً وخصوصاً في بلد التقريب بين المذاهب. التشيع أحد المذاهب الرسمية للعالم الإسلامي. منذ أكثرمن سبعين عاماً وفي مبادرة علمية وحكيمة قام بها كل من العالم الكبير الشيخ محمود شلتوت (شيخ الجامع الأزهر الشريف) وآيت الله العظمى بروجردي (المرجع الديني العظيم) والتي حظيت بالتأييد الفوري من قبل عشرات العلماء من مصر وغيرها من الدول الإسلامية الأخرى، فقد أكدوا على كون المذاهب الإسلامية بما فيها مذهب الشيعة الإمامية، حتى يضعوا نهاية للخلاف المذهبي الضار بين الأمة الإسلامية وتم تأسيس “دار التقريب بين المذاهب الإسلامية” في القاهرة. وعقب ذلك بدأ تدريس الفقه الشيعي في الأزهر الشريف كما كان ولازال يُدرس الفقه السني في الحوزات الدينية والعلمية في إيران. أيضاً الإدعاء بأن إيران تبحث عن مكانتها السياسية في التشيع هو إدعاء لا أساس له من الصحة، حيث أن مبادئ إيران وقيمها الثابتة تجاه قضايا العالم الإسلامي والمسائل الدولية هي المؤيدة لها في كافة أنحاء العالم، والكثير من الشعوب والدول في قارة آسيا وأفريقيا وكذلك أروبا وأمريكا يفهمون ذلك ويدعمون إيران. كما أن التضييق على الشيعة في بعض الدول الإسلامية ليس له تبرير قانوني أو ديني، كما يعيش في إيران ملايين من الأخوة والأخوات من أهل السنة ويتمتعون بكامل حقوقهم الطبيعية والمواطنة والحرية الكاملة في ممارسة مناسكهم الدينية، ولا يتعرضون لأي نوع من التضييق ( بالطبع فإن الإعلام والإشاعات المغرضة تنشر اموراً مغايرة للحقيقة) إيران ليست بحاجة للتشييع في مصر وترى نفسها قريبة جداً لهؤلاء الأخوة والأخوات المصريين اللذين هم من محبي أهل البيت الصادقين.
- والعجيب أيضاً في هذا الحوار هو تبرير الإجراءات الأمريكية الغير قانونية ضد إيران والدفاع عنها، من بينها الخروج من الإتفاق النووي والموافقة والتأكيد على ادعاء أمريكا بسعي إيران لإمتلاك سلاح نووي. يأتي هذا الإدعاء في الوقت الذي أعلنت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نتائج تحقيقاتها الدقيقة سلمية الأنشطة النووية لإيران 19 مرة. من الذي أعطى أمريكا -التي كانت أول من استخدم السلاح النووي ضد شعب ومواطنيين عزل- الحق في إبداء الرأي واتخاذ القرار بدلاً من الوكالة المختصة!. من الذي أعطى النظام الصهيوني الذي يمتلك مئات الرؤوس النووية وليس عضواً في معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي الحق في إبداء الرأي فيما يخص الأنشطة النووية للدول الأخرى والتي تعمل وفق اتفاقيات ومعاهدات النظام الدولي؟!.
- النقطة الأخيرة تتعلق بالإدعاء بالمعارضة التاريخية لإيران لدور مصر الإقليمي! تعتقد إيران أن مصر لما لها من تاريخ وحضارة قديمة، ولثقلها ومكانتها الإقليمية والدولية في تعزيز السلام والاستقرار، فإن إيران ترحب بهذا الدور وتتمنى إتاحة المجال بالحوار والتفاعل الثنائي للتعاون المشترك والبناء بين البلدين في المسائل الإقليمية المختلفة بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين بهدف المساعدة في تعزيز السلام والإستقرار في المنطقة.مع فائق تقديري واحترامي.
السفير- ناصر كنعاني