تواكباً مع يوم النهضة العُمانية 23 يوليو والعيد الوطني الـ 49 وتتوجاً لمسيرة نصف قرن من البناء والتنمية.. الدقم مدينة جذب للاستثمار العالمي
نوران عبد المنعم
على مدار نصف قرن من النهضة والبناء، حسمت سلطنة عُمان توجهها الاقتصادي، حيث عملت على تحقيق الاستفادة القصوى من العوائد النفطية في بناء بنية أساسية تربط الجغرافيا العمانية بعضها ببعض، حتى يتسنى لها تحقيق الاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي الفريد الذي تتميز به، كونه في قلب طريق التجارة العالمي منذ القدم.
وقد جاءت التوجيهات السامية للسلطان قابوس بن سعيد، لبناء مجموعة من المطارات والموانئ ذات الموقع المتفرد، لتكون نواة لقطاع لوجستي بمواصفات عالمية يتسم بالحداثة، يعيد لعُمان ماضيها التجاري التليد، ويخلق تنويعا اقتصاديا ينأى بالاقتصاد على الاعتماد على عوائد النفط كمصدر وحيد للدخل، بالإضافة إلى خلق قيمة مضافة للثروات العُمانية الطبيعية، وفتح الطريق أمام الآلاف من الكوادر الوطنية لشغل الوظائف التي ستخلقها تلك المشاريع اللوجستية الرائدة وما سينتج عنها من وظائف في قطاعات أخرى ذات صلة.
تترجم هذه الاستراتيجية العُمانية جهود وطنية متواصلة في وقت تستعد فيه عُمان للاحتفال بيوم النهضة العُمانية في الثالث والعشرين من يوليو وهو اليوم الذي يوفق تولي السلطان قابوس سدة الحكم، والاستعداد للاحتفال بالعيد الوطني التاسع والأربعين، وتدشين بداية عام جديد من العطاء والبناء للوطن العُماني وسط تطلعات وآفاق كلها آمال بتحقيق طموحات عُمان كدولة إقليمية رائدة في منطقة الشرق الأوسط.
وتأتي المنطقة الصناعية الخاصة بالدقم كواحدة من أهم المناطق الحرة الاقتصادية في المنطقة والموانئ ذات الثقل الجغرافي والموقع الاستراتيجي، والتي تمثل محطة مهمة في خط التجارة العالمية، نظرا لكونها إحدى أهم الأدوات الاقتصادية في تنمية الاقتصاد العماني بشكل مستدام يحافظ على مقدرات الأجيال الحالية والقادمة من رفاهية عصر النهضة المباركة، حيث تمتلك المنطقة الاقتصادية بالدقم مخططا استراتيجيا يفتح الآفاق للمستثمرين في الاستفادة من أموالهم في العديد من القطاعات الاقتصادية الواعدة منها السياحية والصناعية واللوجستية والصناعات المرتبطة بالثروة السمكية والبتروكيماويات، وغيرها من المشاريع الواعدة التي استطاعت جذب رؤوس الأموال المتنوعة بالاستفادة مما توفره السلطنة من حوافز اقتصادية للمستثمرين بالمدينة.
ووفقاً للدراسات الاقتصادية فإنه برغم ما تحقق من اتفاقيات مهمة إلا أن الطموحات المرجوة من المنطقة الخاصة بالدقم أكبر بكثير، لذا فإن الحكومة العُمانية والقائمين على المنطقة يسعون بكافة إمكاناتهم وطاقاتهم للترويج للمنطقة في العواصم والحواضر التي تمتلك رؤوس أموال استثمارية متوقعة، مثل الحملة الترويجية التي انطلقت في العاصمة الروسية موسكو، والتي تنظمها هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وتستهدف عددًا من الشركات الروسية المتخصصة في القطاعات الاستثمارية الموجودة بالدقم كشركات بناء السفن، ومجمعات التكنولوجيا، والشركات الصناعية الكبرى، وذلك في ظل توجه البلدين الصديقين إلى تقوية علاقاتهما الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري وفتح آفاق أوسع للشركات الروسية التي ترغب في الاستثمار بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وهي الحملة الأولى من نوعها في روسيا، حيث تأتي في ظل الطلب الملحوظ من الشركات الروسية لاستكشاف السلطنة بوصفها دولة واعدة والدقم بوصفها منطقة اقتصادية خاصة؛ لتكون مركزًا مثاليًّا لها للتوسع في أعمالها.
ولا شك أن هناك العديد من المبادرات التي طرحتها سلطنة عُمان لتسهيل فرص التبادل التجاري بينها وبين روسيا مثل خدمة التأشيرة الإلكترونية وقيام الطيران العماني بتسيير رحلات مباشرة بين مسقط وموسكو، وسيكون التعاون أكثر، إذا ما قام البلدان بالاستفادة مما تملكانه من مقومات، وأبرز تلك المقومات هو البيئة الاستثمارية الخصبة التي توفرها المنطقة الاقتصادية بالدقم، وما تملكه من موقع استراتيجي والمزايا الأخرى المتوفرة بالدقم كقربها من الأسواق الآسيوية والإفريقية وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي، وهي عوامل تحفيز وجذب رئيسية للمستثمرين من أنحاء العالم لإقامة أعمالهم الاستثمارية في منطقة الدقم.