أبو الغيط يطالب الدول العربية بتحسين شبابها تعليميا وتدريبيا لمواجهة التحديات العصرية
الأمين العام: التنمية الحقيقية تُقاس بمدى اتساع الخيارات أمام الناس
أشرف أبو عريف – ربيع شاهين
رصد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمـد أبـو الغيـط الوضع الاقتصادي العربي وقال إن التنمية الحقيقية تُقاس بمدى اتساع الخيارات أمام الناس، وخاصة الشباب من بينهم، لافتا الي أنه كلما اتسعت هذه الخيارات استفاد المجتمع والاقتصاد من أفضل الطاقات والمواهب والعقول.. فالمواهب موزعة في العالم بالتساوي.
جاء ذلك خلال كلمته اليوم أمام الدورة (27) لمنتدى الاقتصاد العربي ببيروت اليوم بحضور الرئيس سعد الحريري رئيـس الحكومة اللبنانيــة راعي تلك الدورة للمنتدى والدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء.
وقال أبو الغيط: أود فى مستهل كلمتي أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى كل من ساهم فى الإعداد للدورة الـ (27) لمنتدى الاقتصاد العربي ليخرج بتلك الصورة المشرفة، ونثمن عالياً روح التعاون والتنسيق المستمر بين جميع الجهات، وقناعتنا بأن العمل المشترك هو السبيل الوحيد لإنجاح هذه المنتديات وتحقيق أهدافها بالصورة المرجوة منها..خاصة وأن محاور هذه الدورة الـــ(27) لمنتدى الاقتصاد العربي تتطرق إلى موضوعات هامة تتعلق بخطط الاعمار والتحول الاقتصادي فى بلدان المنطقة العربية، وفرص الاستثمار والأعمال.
واعتبر ابو الغيط أنه:ليس سهلاً أن ننظر إلى الصورة الكلية للاقتصاد والتنمية في المنطقة العربية فهذه الصورة متداخلة ومُركبة وهي تتضمن من المخاطر ونقاط الضعف بقدر ما تنطوي على الإمكانات وعوامل النجاح والإزدهار.. ثمة محاولات تجري – في عددٍ من دول المنطقة- لتحويل الإمكانيات العربية، وهي كبيرة وواعدة، إلى ” معادلة نجاح” .. والأهم أننا نلمس جميعاً تصاعد الإدراك، لدى الحكومات والشعوب، بأن التنمية والنجاح الاقتصادي هما قضية بلادنا وأمتنا في هذا العصر.. فمن دون تنمية تأخذ هذه المنطقة إلى أفق جديد من النمو والازدهار ستظل المجتمعات العربية بعيدة عن الاستقرار الحقيقي، وسيبقى أمننا –بالمعنى الشامل لمفهوم الأمن- مُهدداً.. إن التنمية هي خط الدفاع الحقيقي للحفاظ على تماسك المجتمعات واستقرارها.
وقال:ثمة إدراك –ثانياً- بأن هذه التنمية ليست وصفة فوقية تُفرض على الناس.. وإنما هي في الأساس تنمية بالناس وللناس تنمية للإنسان وبالإنسان، وغايتها المنشودة هي الإنسان ،وهناك اقتناعٌ –ثالثاً- بأن الشباب هم قلبُ هذه التنمية العربية هم الإمكانية الحقيقية لهذه المنطقة إن بقيت معطلة تعطلت مسيرتها وإن تم تحريكها وتحفيزها وإطلاقها،انطلقت المنطقة إلى فضاء الإنجاز والتفوق العالم العربي شابٌ في معظمه هذه حقيقة ديموغرافية،ولكنها لا تجد بالضرورة ترجمة لها في الواقع الاقتصادي والتنموي لا زال الشباب العربي طاقة كامنة تنتظر من يوظفها..
وتابع :أقول إن التنمية الحقيقية تُقاس بمدى اتساع الخيارات أمام الناس، وخاصة الشباب من بينهم.. إذ كلما اتسعت هذه الخيارات كلما استفاد المجتمع والاقتصاد من أفضل الطاقات والمواهب والعقول.. فالمواهب موزعة في العالم بالتساوي ولكن الفرص ليست كذلك بالضرورة لهذا،فإن كفاءة أية منظومة اجتماعية أو اقتصادية، ونجاعة أية سياسة حكومية تُقاس بقدرة هذه المنظومة أو تلك السياسة على توفير القدر الأكبر من الفُرص أمام العدد الأكبر من الشباب المُستحق والمؤهل لها.
وبحسب الامين العام :فلا يكفي خلق الوظائف –والمنطقة في حاجة إلى نحو 50 مليون وظيفة بحلول منتصف هذا القرن- وإنما ينبغي خلق الوظائف الملائمة لتعليم الشباب وخبراتهم.. ولا يخفى أن نسب البطالة ترتفع بشدة في أوساط شباب المتعلمين.. وهي ظاهرة لا يمكن أن نقف إزاءها مكتوفي الأيدي.. ذلك أن أبعادها تتجاوز كفاءة الاقتصاد إلى ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلدان العربية.
وتابع حديث قائلا :الثابت أن الاقتصاد الجديد في عصر ما يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة يرتكز في الأساس على الابداع والابتكار كمولد للقيمة المضافة.. وزهرة الابتكار تبلغ أوج تألقها وتفتحها في عشرينيات العمر كما نعلم.. وما أكثر هذه الزهور العشرينية في مجتمعاتنا العربية.. إن أعداد الشباب بالنسبة إلى عدد السكان في أغلب البلدان العربية ربما تفوق مثيلتها في أي مكان آخر على ظهر الأرض.. المدن العربية مدنٌ شابة.. وبإمكانها أن تكون مدناً مبتكرة.
واكد الامين العام للجامعه علي “إن المجتمعات العربية قادرة على اللحاق بهذه الثورة، إن هي أحسنت تجهيز شبابها، تعليماً وتدريباً .. وإن هي أتاحت الفرصة أمامهم ووضعت ثقتها فيهم .. اقتصاد المستقبل يرتكز على تعليم عصري متصل بالسوق وحاجاته، ويُحفز طاقات الابتكار لدى الناس ويُفجر ينابيع الابداع عندهم”.
وقال:يحتاج هذا إلى إصلاحات مؤسسية جوهرية في نظم الاقتصاد العربية من أجل إطلاق المنافسة وتوفير التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. وجذب الاستثمار في المجالات الانتاجية التي تُساعد على نقل التكنولوجيا والخبرات، وليس فقط تحقيق الأرباح السريعة.. إن غايتنا المنشودة هي منتج عربي، يحمل قيمة مضافة معتبرة، وقابل للتصدير والمنافسة عالمياً.. لدينا تجارب لدول كثيرة استطاعت مواجهة هذه التحدي في مدى جيل واحد.. ويقيني أن دولنا العربية لا تقل في شيء، إن لم تزد بإمكاناتها ومقدراتها وطاقات شبابها الواعد.
وواصل ابوالغيط حديثه قائلا:أرصد كذلك إدراكاً متزايداً بأهمية تطوير آليات العمل التنموي المشترك على صعيد العالم العربي وهو ما انعكس فى مجموعة القرارات الصادرة عن كل من أعمال القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية فى دورتها الرابعة والتى عقدت هنا فى العاصمة اللبنانية بيروت فى يناير الماضي، وكذا القمة العربية فى دورتها العادية الثلاثين بالجمهورية التونسية والمنعقدة بتونس فى مارس الماضي… وهما القمتان اللتان صدرت عنهما حزمة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية المحورية المرتبطة برفاه المواطن العربي وحياته اليومية.
وأضاف: وفى هذا الإطار، لا تفوتني الإشارة إلى أن استئناف عقد القمم التنموية ضمن منظومة العمل العربي المشترك – بعد ست سنوات من الانقطاع – يأتي تعبيراً قوياً لحقيقة أصبحت واضحة مفادها أن الحكومات العربية تدرك أن التحديات التي تواجه العالم العربي ذات طبيعة مركبة ومتداخلة، ولا يمكن مواجهتها سوى بصياغة سياسات تمزج بين الأدوات الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع أية إجراءات أمنية أو سياسية أو غيرها. وتابع “الحق أنني أعتبر أن المبادرات والاستراتيجيات التي أقرتها قمة بيروت تمثل رقماً هاماً فى معادلة النجاح الاقتصادي العربي… فعلى سبيل المثال وجهت قمة بيروت بوضع رؤية عربية مشتركة فى مجال الاقتصاد الرقمي، وذلك إيماناً بأهمية التطور التكنولوجي والمعلوماتي وما أحدثه من تغييرات كبرى فى مشهد الاقتصاد العالمي… فضلاً عن اعتماد قمة بيروت التنموية للميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وذلك إيماناً بالدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء”.