التوحد.. آلامٌ وآمالْ !
حوار: أحمد حسنى
ما بين الحيرة والألم لوجود طفل توحدي في الاسرة والتكلفة الباهظة لتأهيله تتبادر الى الذهن اسئلة كثيرة حول مصير 800,000 طفل توحدي فى مصر يعاني ذويهم من قلة المراكز المتخصصة والمدعومة من الدولة فيكونوا إما فريسة لمراكز التأهيل الوهمية أو الجلوس في المنزل بدون تأهيل، حول إضطراب التوحد وما يتعلق به من تساؤلات.. من هنا كان لنا هذا الحوار مع د. سامح امام / استشاري الطب النفسي.
· بداية ما هو التوحد؟
التوحد هو اضطراب نمائى يظهر في مرحلة نمو الطفل يكون بنسبة 95%عند عمر السنتين و5% الباقية تظهر إما في أول 4شهور من عمر الطفل أو بعد سن السادسة.
· هل التوحد إعاقة أم مرض؟
لا أفضل كلمة إعاقة والتي هى مرتبطة فى مصر بشكل كبير بالإعاقة الحركية أو العقلية بينما طفل التوحد غير معاق ذهنيا وحركيا، كما أن التوحد ليس بمرض اطلاقآ لأن المرض يكون قابل للشفاء بالتداوى أو إجراء عملية جراحية أما التوحد فهو اضطراب نمائى مصحوب بصعوبة في التواصل وكونه اضطراب يعني أنه قابل للتحسن وليس الشفاء التام.
· ترى هل من الممكن أن يصاحب التوحد أمراض أخرى؟
بالطبع قد يصاحبه ADHD
(فرط حركة وتشتت انتباه) وهو الأغلب اوCP(الشلل الدماغي).
· هل للتوحد أسباب واضحة؟
لايوجد أسباب أكيدة للتوحد حتى الآن بل كلها مجرد فرضيات لم يثبت العلم صحة أى منها.
· ماهي العلامات التي من خلالها يمكن اكتشاف التوحد؟
هناك ١٣علامة أو عرض قد يلاحظها الآباء على أطفالهم وهي:
1. يكره التلامس.
2. ضعف في التواصل الاجتماعي.
3. عدم الشعور بالخطر.
4. لديه مشكلة في تنفيذ الأوامر.
5. ضعف فى التواصل البصري.
6. القيام بالأنشطة التى تتسبب بإيذاء النفس.
7. عدم الاهتمام بالتحدث مع الاخرين او اللعب معهم.
8. عدم القدرة على تفهم الطفل لعواطفه أو عواطف الآخرين.
9. تكرارالحركات النمطية مثل الدوران او الاهتزاز أو رفرفة اليد.
10. التعودعلى طقوس معينة والاضطراب عند حدوث أى تغيير بها.
11. تفضيل اغذيه معينه ورفض باقى الأطعمة.
12. تفضيل الطفل البقاء وحيدآ.
13. وجود مشاكل في التنسيق الحركى.
ولكن ليس من الضروري أن تجتمع كلها في طفل واحد بل يكفي توافر ٧ منها ليشخص أن هذا الطفل عنده توحد، أما إذا توافر من هذه الأعراض٣فقط أعتبر هذا طيف توحد.
· كيف يمكن تشخيص التوحد؟
هناك مقياس متخصص يسمى كارز وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة يجيب عنها الوالدان تتعلق بحياة ابنهم ونجاح هذا التشخيص يتوقف على
*تحرى الوالدين الدقه أثناء الإجابة فلا يهولوا أو يهونوا من حالة ابنهم.
*الخبرة العالية للأخصائي تجعل له نظرة قلما تخطىء في تشخيص حالة الطفل،بالاضافة إلى تخصيص أول جلستين للعب مع الطفل لإنشاء حالة من الالفة معه قبل إجراء الاختبار ولكن
للأسف فى أغلب المراكز فى مصر يتم التقييم من أول جلسة مما قد يؤثر على صحة التشخيص وبالتالي قد يغير مسار حياة الطفل.
· ماهي الخطوات المثلى للتعامل مع طفل التوحد؟
لا شك أن التدخل المبكر قبل سن ٧سنوات يوفر الكثير من الوقت والجهد للوصول لأفضل النتائج لأن جهاز النطق مثلا يكتمل عند ٦سنوات فتدريب الطفل فى ٣-٤ سنوات يكون أسهل مما إذا تعدى مرحلة ٧سنوات،فالحقيقة العلمية تؤكد أن (العضو الذي لا يستخدم يضمر)
كما أنه كلما تقدم الطفل في العمر دون تأهيل مناسب اكتسب عادات كثيرة سلبية تصعب من عملية تدريبه(فالعادة أقوى قوانين الطبيعة).
*زيادة وعى الأهل يجعلهم أكثر قدرة على تدعيم السلوكيات الإيجابية للطفل واكسابه الثقة بالذات وتنمية مهاراته بالإضافة لقدرتهم على مقاومة سلوكياته السلبية والعمل على تصحيحها.
*العمل على أساس علمي بوضع خطة منفصلة لكل طفل قائمة على مهاراته وقدراته الشخصية تسمى. ( الخطة الفردية).
*العمل مع أخصائيين محترفين.
· هل التغذية دور في تحسن حالة الطفل التوحدى؟
بالتأكيد إذا اتبعت بالشكل السليم وعلى أساس علمي مناسب لاحتياجات الطفل، فعمل نظامDiet وجعل الطفل يتناول غذاء صحي تقل فيه نسبة السكريات والدهون والحد قدر المستطاع من بروتينات معينة مثل ( الكازين الموجود في اللبن ومشتقاته والجلوتين الموجود في القمح والشعير)
لا شك أن تأثير ذلك سيكون ايجابيا ً على الحالة المزاجية والصحية لطفل التوحد مما يحسن من أدائه العام ولكنه لن يقضي على التوحد نهائيا ً.
· سمعنا عن العلاج بالأكسجين المضغوط فما هى فكرته وما مدى جدواه لطفل التوحد؟
حين ظهرت فكرة علاج التوحد بالأكسجين المضغوط كانت تعتمد على إعطاء طفل التوحد عدد من الجلسات لتنشيط المخ ولتحسين القدرات الإدراكية لديه مما سيساعده على التعلم وتنمية مهاراته وهذا لم يثبت أى نجاح على الاطلاق كما أن منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الغذاء والدواء العالمية (FDA) لم تعتمدا الأكسجين المضغوط كعلاج للتوحد بل بالعكس أكدتا أنه غير فعال ،والمعلومة الأهم أن العيادات التى تعالج به في الغالب غير مرخصة.
· لاشك أن الرياضة تساهم بشكل كبير في بناء شخصية الطفل الطبيعي فما دورها مع طفل التوحد؟
الرياضة لها دور فعال جداً جداً مع طفل التوحد لأنها تحقق عدة أهداف.
* تتحكم في سلوك الطفل من خلال اتباع تعليمات المدرب.
* تحسن الجانب الاجتماعي لدى الطفل لأنه يتدرب مع اطفال آخرين كما هو الحال في السباحة وكرة القدم.
* تساهم في إدخال مفاهيم كثيرة لطفل التوحد.
* توظف طاقة الطفل في شيء مفيد بدل من إهدار وقته في ابتكار سلوكيات سيئة.
· هل هناك حالات تحسنت؟
هذا يتوقف على درجة الحالة فبالنسبة لطيف التوحد يتحسن بشكل كبير جداً فهو قادر على الكلام بشكل طبيعي وتعلم القراءة والكتابة والالتحاق بالجامعة بالإضافة إلى قيادة السيارة والزواج ومن الأمثلة على ذلك ميسي افضل لاعب كرة قدم بالعالم فهو ممتاز في التواصل ولديه مهارات تسويقية واضحة في كم الاعلانات التي يظهر بها، وأيضاً هارى كين فلديه ميزة القائد بالرغم من قلة كلامه فهو كابتن فريق انجلترا لكرة القدم، أما التوحد، فبعد التشخيص السليم للطفل ووضع الخطة المناسبة وتدريبه بشكل علمي منظم يمكن أن يحدث تحسن عام في أدائه ولكن من الصعب وصوله إلى مرحلة الجامعة أو قيادة السيارة أو الزواج.
· هل ترى أن هناك اهتمام بأطفال التوحد فى مصر؟
للأسف لا فالأمر يخضع كثيرا للبيزنس والتلاعب بآمال الآباء والأمهات كما أنه لايوجد دور مؤسسي ومجتمعي يتناسب مع حجم هذه المشكلة.
· من وجهة نظرك كيف يكون هناك دور مؤثر لمؤسسات مثل الإعلام والصحة والتعليم للتعامل مع هذه المشكلة؟
* بالنسبة للإعلام يجب أن يزيد من إلقاء الضوء على هذه القضية بإتاحة مساحة لدكاترة متخصصين يوفرون معلومات تفيد الجمهور بشكل دائم عن هذا الأمر كما يجب عمل حملات توعوية عن التوحد تتبناها شخصيات مشهورة ومؤثرة فى المجتمع بشكل إيجابي مثلما حدث في حملة لا للمخدرات للكابتن (محمد صلاح) وهذا سيزيد من وعى الأهالي والمجتمع بشكل كبير.
* أما فيما يخص الصحة فوزارة الصحة ليست منوطة بهذا الأمر فملف التوحد فى مصر خاضع لوزارة التضامن الاجتماعي والتي يقع على عاتقها،
* أن تتأكد من أماكن الجمعيات والحضانات ومدى استيفائها لشروط سلامة الأطفال قبل إعطاء التصاريح،
* ان تتولى مسؤلية اختيار الاخصائيين والتأكد من مدى كفاءتهم حتى لا يترك الأمر للمجاملات والمحسوبيات،
* ان تباشر مراقبة سير الخطة التأهيلية الموضوعة للأطفال ومدى نجاحها وأن تتخذ الإجراءات اللازمة تجاه الجمعيات والأخصائيين غير الأكفاء،
* وبخصوص التعليم يجب توفير مدارس محترمة بـ Staff متخصص ومؤهل على أعلى مستوى للتعامل مع هؤلاء الأطفال ويفضل أن تعمل هذه المدارس بنظامOne to one ولكن للأسف لايوجد هذا إلا فى المدارس الخاصة ذات المصاريف الباهظة والتي لا يقدر عليها معظم الأهالي.
· ما رأيك فى دمج أطفال التوحد فى المدارس العادية؟
فى حالة طيف التوحد يستحب جدا ولكن يفضل أن يكون برفقة شادو (شخص متخصص يرافق الطفل وهو همزة الوصل بينه وبين المحيطين به من مدرسين وطلبة)، أما فى حالة التوحد فستكون النتائج كارثية لأنه قد يكتسب سلوكيات سلبية من الأطفال العاديين وهو غير قادر على فلترة الأفعال.
· كيف يفرق الأهالي بين مراكز التأهيل الوهمية، والأحترافية؟
أولا يجب أن يتمتع ولى الأمر بقدر كاف من المعلومات عن التوحد وهذا لم يعد صعباً فى ظل توافر الانترنت وبالتالي سيكون عنده نظرة لن تخطىء إلى حد كبير في تقييم المكان، بالإضافة إلى دراسة الخطة الفردية التي يتم ارسالها ، وأن يلمس نتيجة على الطفل بعد شهرين، ويقيم ردود الأخصائيين عن أسئلته ويرى هل هى مقنعة وذات جدوى للتعامل مع حالات الطفل المختلفة ام لا، كما يجب على ولى الأمر أن يقوم بعمل زيارات مفاجئة للمكان ويرى بنفسه كيف يتم التعامل مع ابنه.
· كيف ترى مستقبل التوحد فى مصر؟
مستقبل منير إذا توافر إعلام مؤثر يزيد من وعى الناس فالأعلام أقوى سلاح للوعى، والمثال على ذلك دوره الفعال فى القضاء على شلل الأطفال فى مصر،
ولازلت أؤكد على دور وزارة التضامن الاجتماعي فى توفير مراكز مؤهلة ذات كفاءة عالية تتيح للأهالى من محدودى الدخل مراكز آمنة محترمة خاضعة لرقابتها ،كما نتطلع إلى مبادرة من سيادة الرئيس وبتمويل من صندوق تحيا مصر للمساهمة في ذلك.
· ختاما.. بماذا تنصح الأهالى؟
نصيحتي للأهالي لو لم تجد نتيجة ملموسة على ابنك لمدة شهرين فى المركز الذى التحق به فوفر له اخصائيا فى البيت حتى وإن كان حديث التخرج وهذا يضمن لك أن يتم تأهيل ابنك أمام عينيك كما أن تركيز الأخصائي سيكون منصب على ابنك وحده وبالتالي ستجد نتيجة احسن و أسرع بأذن الله تعالى.