د. حذامى محجوب
بمناسبة انعقاد القمة العربية في دورتها الثلاثين وانتقال الرئاسة من الظهران الى تونس يبدو من الضروري التذكير بالعلاقات الاقتصادية بين هذين البلدين الشقيقين وما شهد ته هذه العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتونس في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز من نموّ ملحوظ، اذ يعمل سفير المملكة العربية السعودية لدى تونس محمد بن محمود العلي منذ تعيينه سفيرا لخادم الحرمين لدى تونس وتسلمه أوراق اعتماده من فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي يوم 16نوفمبر 2016على تطوير هذه العلاقات الاقتصادية المتنوعة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية ، وقد شهد ت التبادلات التجارية تطورا ملموسا بين البلدين في ظل الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، ولا يفوتنا بأن استمرار انعقاد أعمال اللجنة السعودية التونسية المشتركة، ليس سوى دليلًا قاطعًا على عزم قيادة البلدين الشقيقين للمضي قدماً نحو فتح آفاق جديدة من التعاون الاقتصادي تعتمد على تحقيق التوازن والتنمية بين البلدين. وقد انعقدت في تونس العاصمة بتاريخ 28 جويلية 2017 أعمال المنتدى الاقتصادي التونسي السعودي على هامش أعمال الدورة التاسعة للجنة التونسية السعودية المشتركة، بمشاركة حوالي 60 رجل أعمال من تونس والمملكة وممثلين عن قطاعات اقتصادية مختلفة.
وقال معالي وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي في كلمته خلال افتتاح أعمال المنتدى: “إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يدعم كل الجهود لتعزيز الفرص الاستثمارية في تونس، منوهًا بالعلاقات التاريخية والعريقة بين المملكة وتونس، مشيرًا إلى أن تونس يمكن أن تكون بوابة مهمة لأفريقيا وأوروبا “.وتطرق كذلك في كلمته إلى مرحلة التطور والفرص الاستثمارية التي تعيشها المملكة في ظل رؤية 2030 ، لافتًا النظر إلى أن تونس سيكون لها نصيب من هذه الفرص، مشددًا على ضرورة إزالة كافة العراقيل من الجانبين ليكون لهذه الفرص نتائج واعدة اقتصاديًا. ووقّع البلدان خلال المنتدى على برنامج عمل مشترك يهدف إلى تقوية وتعزيز علاقة الشراكة بين الطرفين في مجال التجارة والاستثمار، وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتبادل المعرفة والخبرات والمعلومات، إلى جانب التعاون في مجال التسويق للاستثمار والتعريف بمناخ وفرص الاستثمار في كلا البلدين. وتجدر الإشارة الى أن حجم التجارة بين البلدين يقدّر بحوالي 1.1 مليار ريال سعودي، حيث تمثّل الصادرات الحصة الأكبر بقيمة 935 مليون ريال سعودي، ويأتي كل من “بولي إيثلين عالي الكثافة ” و “بولي بروبلين” في مقدمة السلع المصدرة بقيمة تتجاوز 465 مليون ريال سعودي، في حين يتصدر “زيت زيتون بكر” و “فوسفات من كالسيوم” قيمة السلع المستوردة بقيمة تتجاوز 70 مليون ريال سعودي، ويبلغ إجمالي عدد المشروعات الممولة 19 مشروعاً برأس مال يتجاوز 40 مليون ريال سعودي، وينال القطاع الخدمي منها ما يتجاوز 75% من القيمة الإجمالية للتمويل.
وقد أوضح معالي نائب الرئيس العضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية المهندس يوسف بن إبراهيم البسام خلال تمثيله للمملكة في منتدى الاستثمار “تونس 2020 ” المنعقد خلال سنة 2017، أن المملكة تدعم كل ما من شأنه أن يرسخ الاستقرار السياسي والاقتصادي التونسي، ومن ذلك المساهمة في تحفيز إنعاش النشاط الاقتصادي من خلال مساهمات مستمرة للصندوق السعودي للتنمية في تمويل المشاريع التنموية المختلفة في تونس منذ سبعينات القرن الماضي والتي تجاوزت مبالغها 3.375 ملايين ريال، معلناً في حينها عن دعم المملكة لتونس بمبلغ 3 مليارات ريال منها 375 مليون ريال منحة خصصت لإنشاء مستشفى شامل التخصصات في مدينة القيروان وترميم مسجد عقبة بن نافع والمدينة القديمة في القيروان، وباقي المبلغ وضع في هيئة قروض ميسرة لتمويل مشاريع تنموية في قطاعات مختلفة وتمويل الصادرات بين البلدين. كما شهدت نفس السنة مصادقة مجلس نواب الشعب التونسي على اتفاقية قرض بقيمة 318 مليون ريال لاستكمال المرحلة الثانية من مشروع السكن الاجتماعي لفائدة محدودي الدخل. وفي 13 ديسمبر 2018 وبحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ورئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، جرى في قصر العوجا بالدرعية بالمملكة العربية السعودية ،توقيع اتفاقيتين ومذكرة تفاهم بين حكومة المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.فقد وقّع من جانب المملكة معالي رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب، ومن الجانب التونسي معالي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي الأستاذ زياد العذاري، اتفاقية قرض مشروع التنمية الفلاحية المندمجة في جومين وغزالة وسجنان ( المرحلة الثانية) بين الصندوق السعودي للتنمية والجمهورية التونسية، واتفاقية قرض مشروع تحسين التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط الريفي بولاية بنزرت بين الصندوق السعودي للتنمية والجمهورية التونسية، ومذكرة تفاهم منحة المملكة العربية السعودية لمشروع صيانة جامع الملك عبدالعزيز في العاصمة تونس، بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.ودعا رئيس حكومة الجمهورية التونسية يوسف الشاهد في هذه الزيارة المستثمرين السعوديين لزيارة تونس للاستفادة من الفرص والمميزات الاستثمارية المحفزة في عدة قطاعات حيوية خاصة الصناعة والسياحة والفلاحة والطاقة المتجددة، مبديا استعداد الحكومة التونسية من جهتها توفير كل ما من شأنه إنجاح الاستثمارات السعودية في تونس.
وصرح الشاهد خلال لقاءه بمقر مجلس الغرف السعودية بالرياض ، “أصحاب الأعمال السعوديين “،بأن المناخ الاستثماري مهيأ جدا في بلاده للمستثمرين السعوديين، وأن الحكومة التونسية تقدم تسهيلات كبيرة لتحفيز الشركات والمستثمرين الراغبين في الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة خصوصاً في مجال صناعة السيارات والطائرات وإنتاج الزيتون والفواكه، فضلاً عن موقع تونس المتميز، حيث تعد منصة تصديرية لأوروبا وأفريقيا. وأكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن الجمهورية التونسية والمملكة العربية السعودية ترتبطان بعلاقات أخوية طيبة على جميع المستويات، وأن هناك حاجة لبذل جهود أكبر على صعيد تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، معربًا عن أمله أن تسهم زيارته للمملكة في زيادة مجالات التعاون وفتح أفاق جديدة للشركات السعودية والتونسية لإقامة شراكات بناءة والعمل على تعزيز تعاونهما، منوهاً بالنجاحات الكبيرة التي حققها الاستثمار السعودي في بلاده.وأعرب عن ثقته في قدرة الاقتصاد التونسي على النهوض والنمو المتسارع خلال الفترة المقبلة، مستفيدا من فرص التنمية والتطوير القائمة حاليا من خلال عدة مشاريع في مجالات الطرق والكهرباء والمياه والطاقة المتجددة والتكنولوجيا، مؤكداً أن الحكومة التونسية ستأخذ بعين الاعتبار المشكلات التي تعترض أي مستثمر لا سيما ما يخص المستثمر السعودي.ومن جهته، أكد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري حرص حكومة تونس بأن يكون هناك تفاعل مع المستثمر السعودي، حيث أنها فاتحة ذراعيها للأشقاء السعوديين لاكتشاف الفرص في جميع المجالات وتدعيم الاستثمارات القائمة، داعيا لإقامة صندوق استثماري مشترك يوجه نحو القطاعات التنافسية مثل الصناعات الغذائية خاصة صناعة زيت الزيتون نظراً لأن إمكانيات النمو فيه كبيرة جداً، مذكرا بالحوافز المشجعة التي تمنحها الحكومة التونسية للمستثمر التي تصل إلى 30% من قيمة الاستثمار، فضلاً عن التسهيلات الأخرى.من جانبه، نوه نائب رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبد الله بن مرزوق العديم بالعلاقات الأخوية التي تربط المملكة وتونس والتي تتجاوز حدود المصالح المادية والمنافع الوقتية إلى آفاق أبعد وأشمل، حيث اتسمت بالنمو المضطرد في جميع المجالات، لافتاً النظر إلى أن المملكة تعد من أوائل الدول العربية التي استثمرت في تونس.وأعرب عن أمله في المزيد من التعزيز لهذه العلاقات، ودعم دور أصحاب الأعمال لتنميتها وتطويرها بصفة مستمرة بضخ الاستثمارات الجديدة، والتوسع في القائم منها في مختلف المجالات، وفتح آفاق جديدة لزيادة التجارة البينية التي لم تتعدى 266 مليون دولار في عام 2017م، منوهاً بأهمية اللقاء كونه يعزز العلاقات بين البلدين الشقيقين، ويعبر عن رغبة الجانبين للتلاقي ومواصلة الحوار لتحقيق المزيد من التعاون وتعزيز العلاقات الاقتصادية الوثيقة القائمة بين البلدين، متمنيًا أن يحقق اللقاء نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين المملكة وتونس.ونحن كتونسيين اذ نرحب بقدوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى بلادنا لحضور القمة العربية فإننا نأمل مزيدا من التعاون بين البلدين ونأمل أن تكون هذه الزيارة فرصة لاقتراح مشاريع من الجانب التونسي ،نرجو أن تجذب استثمارات سعودية جديدة برعاية ومباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي يدعم كل الجهود الهادفة التي تسعى الى إعادة الأمن والاستقرار للبلدان التي هبت فيها رياح ما يسمى ب”الربيع العربي” فزعزعت أمنها واقتصادها ، أملنا كبير في دعم المملكة العربية السعودية لبلادنا خاصة وأن الملك سلمان بن عبد العزيز سيكون مرافقا بوفد من أجل الزيارة الثنائية وحضور القمة التي ستليها ندوة اقتصادية عربية صينية في الثاني من أفريل. .