عيد النوروز.. دلالات عميقة!
د. حذامى محجوب
عيد النوروز أو رأس السنة الفارسية الذي يصادف يوم الاعتدال الربيعي أي 21 مارس /آذار من كل عام وتحتفل به كل الشعوب الآرية تقريبا التي كانت تعيش منذ آلاف السنين ببلاد فارس وغيرها ،وتجتمع في هذا اليوم مناسبات تاريخية متعددة تكتسي أهمية كبرى وتتضمن دلالات عميقة ، فهو عيد رأس السنة السومرية (زكمك الأول) وعيد أكيتو البابلي والآشوري قديما وعيد شم النسيم المصري القديم وعيد نوروز الفارسي والكردي والتركماني والطاكجستاني والأوزباكستاني والقرغيستاني والكازخستاني.
وتحتفل به شعوب مقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وكوجارات …وهو عيد سرصالي الإيزيدي قديما وعيد برونايا البنجة المندائي قديما وعيد رأس السنة البهائي العشري وعيد الربيع وعيد الشجرة وعيد الأم وهو كذلك عيد الفصح المسيحي قديما ودورة السنة ويوم الخضر وفرحة الزهرة والكسلة عند المسلمين وعند بعض الشيعة منهم هو اليوم الذي أخذ فيه الله العهد على بني آدم أن يعبدوه وألا يشركوا به شيئا ، وهو اليوم الذي استقرت فيه سفينة نوح على جبل جودي ، واليوم الذي كسر فيه سيدنا إبراهيم الأصنام ، واليوم الذي نجا فيه النبي موسى وقومه وقطع بهم نهر النيل .
ويحتفل بالنوروز اليوم أكثر من 300 مليون شخص حول العالم حسب منظمة اليونسكو التي أدرجت العيد في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في سنة 2009.
ويعتبر الإيرانيون أن عيد النوروز هو انتصار للنور على الظلام وللخير على الشر ، كما يسود الاعتقاد لديهم منذ آلاف السنين بأن أرواح أقاربهم وأحبائهم من الموتى تأتي الى زيارتهم في أيام النوروز المباركة لذلك يحرص الإيرانيون على تزيين مائدة النوروز بأبهى حلة وبما لذ وطاب من الطعام مكونة من سبعة أصناف تبدأ بحرف السين وهي الخل ” سيركه” ويرمز للنضج والحكمة ، و « سنبل” سنبلة وترمز الى الطبيعة ، وعملة معدنية ” سكه” وترمز للثروة والخضار و “سبزه” ويرمز للحياة المتجددة ، و”سير” وهو الثوم ويرمز للصحة والدواء ، و” سمنو” وهي حلوى ايرانية قديمة ترمز الى البركة و ” سنجد” وهي ثمرة برية تشبه العناب وترمز الى الحب والعطاء وقد يقع تعويض واحدة من هذه المستحضرات بالتفاح “سيب” كما يضيف الإيرانيون لكل هذه الخيرات على المائدة المصحف منذ دخول الاسلام اليهم عوضا عن كتاب ” آفيستا” لزرادشت ، وقد نجد كذلك على الموائد في ايران وعاء يحتوي على أسماك حمراء رمزا للحياة وماء الورد والشموع والمرايا وبيض الدجاج المزركش والملون.
ومهما كانت الاختلافات بين احتفالات الشعوب بعيد النوروز فهي تلتقي كلها على أنه عيد الربيع ودورة الحياة الجديدة التي تمد الانسان بالطاقة لذلك يبدأ زودياك الأبراج مع النوروز بالحمل …
فأجمل التبريكات للعالم كله بهذا اليوم الجميل وبدخول السنة الجديدة، وكل عام والعالم بخير وبسلام وبمحبة خاصة وأن عيد النوروز أصبح يوافق كذلك يوم ” الشعر العالمي”.