تعليقا على تصريحات “عمرو موسى” حول دور إیران فی المنطقة
بقلم: سامان نقوی
خبیر فی الشؤون السیاسیة
* بإمکان مصر أن تکون بوابة العالم العربی للتفاهم مع إیران..
تحدث الأمین العام السابق للجامعة العربیة عمرو موسى فی إحدى الفضائیات، حیث أبدى ملاحظات حول مصر ودور إیران الإقلیمی، وقال: إن مصر الیوم أصبحت خارج التطورات الاقلیمیة وقد فقدت دورها وحضورها المؤثر فی المنطقة مما أدى الى زیادت دور ونفوذ إیران وترکیا، معربا عن أسفه لانه یعتقد بان مصر هی الدولة الوحیدة التی یمکنها الحد من هذا النفوذ.
کما اعرب عن اعتقاده بان سیاسات إیران الاقلیمیة مرفوضة وتمثل خطراً لیس على الدول العربیة المحیطة بإیران وانما کافة الدول العربیة، داعیا إیران الى اعادة النظر فی سیاساتها الاقلیمیة.
ان الإدلاء بمثل هذه التصریحات والافکار لیس جدیداً وقد أصبح مکرراً ولکنها تحوز على الأهمیة بسبب طبیعة العلاقات بین إیران والدول العربیة.
فبالنسبة لتقلیص دور مصر على ساحة التطورات الاقلیمیة، لا ینبغی ان یکون ذلک سبباً لا ستیاء الدول العربیة وانما بإمکانه ان یصبح عاملاً لتوجیه النقد البنّاء والودی لإیران.
حیث ان إیران وخلال التاریخ المعاصر للمنطقة کانت تعتبر ان لمصر دوراً مزیداً فی معادلات المنطقة، واذا ألقى المصریون نظرة بسیطة على التصریحات السیاسیة ونصائح المسؤولین الإیرانیین، لتسنى لهم ان یدرکوا على اجماع المسؤولین فی إیران على ضرورة تعزیز الدور المصری فی تطورات المنطقة، وقد وجه هؤلاء المسؤولون النقد لوقوع الدور المصری فی السنوات الأخیرة تحت تأثیر سیاسات دولة او دولتین عربیتین فقط.
اما بالنسبة لملاحظة ان انخفاض دور مصر فی المنطقة قد ادى الى تعزیز دور إیران، فان هذا المفهوم خاطئ فی وجه نظر المنطق السیاسی لإیران حیث ان تعزیز دور إیران الاقلیمی یعود الى اعتماد الجمهوریة الاسلامیة على عناصر قوتها والمعرفة الدقیقة للبیئة المحیطة بها والتعاطی البناء والشامل مع کافة اللاعبین فی الساحة. ویبدو ان نظرة (عمرو موسى) تأتی على
اساس ان نتیجة معادلات الشرق الاوسط تساوی صفراً فی حین ان نظرة الجمهوریة الاسلامیة تعتمد على منطق الربح – الربح او النتیجة الایجابیة للمعادلات؛ وعلیه فان التکرار الیومی لمفهوم ان مصر هی الدولة التی یمکنها ان تقف امام الدور الإیرانی، ماهو الى نتیجة عدم الفهم الدقیق لسیاسات إیران طوال السنوات الماضیة تجاه اللاعبین فی المنطقة وحتى اللاعبین العالمیین وخاصة فی اوروبا.
ان المنطق الذی تنتهجه إیران هو ان مشاکل المنطقة یجب ان تحل بواسطة اللاعبین ودول المنطقة فقط. وطالما یتم الحدیث عن النفوذ الإیرانی وضرورة مواجهة هذا النفوذ من قبل بعض الشخصیات العربیة، فان الشرق الاوسط سیواصل دورانه حول حلقة مفرغة، ولن یتم ایجاد حلول للمشاکل المختلفة فی المنطقة مثل سوریا والیمن والعراق وفلسطین.
ان الخطوة الاولى لحل هذه المشاکل بواسطة اللاعبین فی المنطقة، هی التوصل الى تفاهم مشترک. ان العالم العربی لم یصل حتى الیوم الى فهم شامل لإیران وسیاساتها الاقلیمیة، ومن دون شک ان إیران بحاجة الى التوصل الى تفاهم متبادل مع العالم العربی. فمصر وبما تملکه فی طاقات کبیرة بإمکانها ان تصبح بوابة العالم العربی نحو التفاهم مع إیران، ولکنها طالما کانت منشغلة فی بمشاکلها الداخلیة وطالما کانت فکرة (ضرورة التصدی لنفوذ إیران) مسیطرة على افکار ساستها السابقین والحالیین، فان هذه الفجوة باقیة.
لقد دعت إیران مراراً جاراتها فی المنطقة الى الحوار للتوصل الى تفاهم کخطوة تمهیدیة لإتخاذ موقف مشترک، ولکن طالما کانت ابواب الحوار مغلقة والتوجه الى اللاعبین من خارج المنطقة لممارسة الضغوط ضد إیران، فان المشاکل بین الجانبین ستبقى عالقة، وکما اشار الامین العام السابق للجامعة العربیة قبل سنوات الى نفوذ إیران فی المنطقة وان مصر هی اللاعب الوحید الذی یمکنه من التصدی لنفوذ إیران، والیوم یکرر نفس هذه المقولة.