مهند أبو عريف
تعكس تصريحات يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في ختام اجتماعات اللجنة العمانية البحرينية المشتركة والتي عقدت في مسقط مؤخراً، ثوابت السياسة العُمانية تجاه قضايا وملفات منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وتفاعلات دوله.
إذ أكد بن علوي على أنه “مهما حصل من خلافات وتباينات بين الأشقاء فإن مآلها إلى الزوال ونحن على ثقة بأن مجلس التعاون سيبقى صرحا راسخا متجددا بإذن الله وعلى يقين بأن جميعنا متمسك بمجلس التعاون الذي أثبت قدرته على تجاوز الصعاب والتحديات وحقق منذ تأسيسه إنجازات ومكاسب مهمة ضمن المسيرة المباركة التي حددها القادة لتحقيق الرفاهية والاستقرار والتنمية لسائر شعوب دول المجلس ، ولا يمكن التفريط بها أو التخلي عنها”
والمؤكد أن تعميق وتعزيز التعاون والتنسيق بين سلطنة عُمان وبقية دول مجلس التعاون لا يخدم فقط العلاقات والمصالح العمانية، ولكنه يصب في النهاية في صالح كل دول وشعوب مجلس التعاون لدول الخليج العربية .
وعلى مدار أكثر من 37 عاماً من عمر مجلس التعاون الخليجي، لم تتأخر سلطنة عُمان عن تقديم المبادرات والرؤى في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعمل على دعم مسيرته وتذليل أي عقبات تحول دون وصوله لغايته، ولذا عمل قادة المجلس خلال تلك السنوات على المضي بمسيرته نحو تحقيق أهدافه التي تصب في مصلحة أبناء الخليج وتطور علاقات دولهم بالدول والشعوب المختلفة.
فمنذ انطلاق مسيرة البناء في سلطنة عُمان، أولت السلطنة اهتماما خاصا لدعم وتوسيع نطاق التعاون مع الدول الخليجية، ليس فقط بحكم العلاقات الخاصة التي تربط بين شعوبها على امتداد الزمن، ولكن أيضا بحكم ضرورة العمل والتنسيق والتعاون فيما بينها ، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة من ناحية ، ولمواجهة التحديات التي تتعرض لها هذه المنطقة لأسباب عديدة ومتجددة من ناحية ثانية.
وتطبيقا لهذه الرؤية الحكيمة عملت سلطنة عُمان بشكل دائم ومتواصل، ومنذ ما قبل إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو عام 1981ـ وحتى اليوم وبعد مرور أكثر من 36 عاماً على إنشاء المجلس ـ من أجل تحقيق كل ما يمكن أن يحقق مصالح دول وشعوب المجلس في مختلف المجالات، وما يمكن أن يعود بالخير ايضا على دول وشعوب المنطقة ككل، ويعزز فرص السلام والاستقرار فيها، في الحاضر والمستقبل.
وقد ازداد وتبلور هذا النهج الذي أسسه السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان – منذ إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي تعلق عليه شعوب المجلس والمنطقة ايضا الكثير من الآمال.
وفي ظل الاهمية الكبيرة لدفع وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجلس، والسير خطوات على طريق تنفيذ المشروعات المشتركة بين دول المجلس، والتي تعود بالخير على التنمية المستدامة فيها ، بحثت السلطنة سبل تفعيل التعاون الاقتصادي الخليجي بتنفيذ القرارات ذات الصلة، التي تم التوصل اليها في وقت سابق، وتسريع الأداء في المشاريع المشتركة وصولا إلى استدامة التنمية الخليجية الشاملة.
كما دعمت السلطنة مرئيات الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى لمجلس التعاون، بشأن القضايا الرامية إلى تطوير العمل المشترك ودعم المواطنة الخليجية، خاصة بعد اتخاذ الكثير من الإجراءات من جانب دول المجلس لترجمتها عمليا بشكل متزايد، وحتى يشعر المواطن الخليجي بها بشكل أكبر، وفي مختلف جوانب الحياة ايضا.
وكانت الحصيلة بعد هذه السنوات من المبادرات العُمانية الخلاقة في شأن تفعيل العمل الجماعي المتواصل والجاد، بات مجلس التعاون كيانا خليجياً متفرداً ونموذجا للتجمعات الإقليمية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز أمن ورخاء الأوطان وتقدم ورفاه الشعوب.
يؤكد المحللون أن الدور العماني في رأب الصداع بين الأطراف المتنازعة أصيل ومتجذر، لما تتميز به عُمان من حيادية ونزاهة في التفاوض، وهو ما يتأكد يوما بعد الآخر سواء من أطراف إقليمية أو دولية تشيد بالدبلوماسية العمانية.
فمسقط دائما لا تميل للصدام وتفضل الحوار، فالجميع يلجأ إليها في الأزمات لاحتفاظها بعلاقات طيبة مع معظم، إن لم يكن كل، أطراف الأزمات، الهدف الرئيسي للسياسات الخارجية العمانية أن يظل الخليج هادئا و”عربيا”، وأن يظل مجلس التعاون الخليجي قائماً ومستمراً رغم كل المشاكل والأزمات.
وقد اتسمت سياسات السلطنة ومواقفها بالوضوح والصراحة والشفافية، في التعامل مع مختلف المواقف والتطورات، خليجية وعربية ودولية، سواء على المستوى الثنائي، او المتعدد الأطراف، او الجماعي.
ولأن ذلك ظل ملمحا ثابتا ومستمرا، في مختلف المواقف والظروف، التزاما وإرادة ورغبة في القيام بكل ما يمكن لتحقيق السلام والاستقرار لدول وشعوب المنطقة والعالم من حولها، حظيت الدبلوماسية العمانية بثقة الجميع وتقديرهم، بل أن تكون السلطنة طرفا فاعلا في كل الجهود التي تسعى من أجل حل المشكلات الخليجية والاقليمية وغيرها على امتداد العقود الماضية، وأن تكون السلطنة مقصدا للعديد من قيادات المنطقة والعالم للتشاور وتبادل الرأي مع السلطان قابوس بن سعيد وأن تحتضن جهودا عديدة، معلنة وكثير منها غير معلن، للعمل على تقريب المواقف وتجاوز الخلافات بين الأطراف المعنية بمشكلات عديدة، خليجية وعربية واقليمية ودولية، وهو ما حظي بتقدير كبير على مستويات عديدة.