هل سرقت هوية الابناء؟
بقلم / هشام صلاح
أتقدم ببلاغ للمسئولين حيث سرقت فى عقر دارى ، صبرا أيها القارىء الكريم !
إنها ليست سرقه بالمعنى الذى درجت عليه الكلمة —-
تبدأ القصة عندما جلست مع ابنى الاوسط نتجاذب أطراف الحديث والحقيقة أنه كان يتحدث إلى وهو مشغول بالعبث بهاتفه المحمول مما أثار حالة من الغضب عندى فطلبت منه هاتفه وكان حينها يكتب لاحد أصدقائه فراعنى ما قرأت حروف جمعت إلى جوار بهضها يتخللها رموز وأرقام حسابية فسألته – وانا أعرف الجواب – ما هذه الشفرة التى ترسلها فرد بقوله :
إنها كتابة بطريقة الفرانكو آراب
– فقلت له زدنى معرفة بها ؟ فرد قائلا :
إنها عبارة عن كتابة الكلمات العامِّيةِ عربيَّةِ الحروف بالحروف اللاتينية والأرقام”، وهى اللهجة اللغة المستخدمة بين الشباب وتعرف باسماء عدة منها:
(الفرانكو – الفرانكو آراب – العربيزي – الأنجلو عربي – الأرابيش(
وهنا تركت ابنى مهاب وقد أدركت أن لسانه وهويته و كل أبناء جيلة قد سرقت منهم فبدأت اسأل نفسى
– ما الذى أوصل شبابنا لهذه المرحلة ؟ – وما حجم الخطر الماثل فيما وصلوا إليه ؟
وهنا لم أملك إلا الجلوس إلى أوراقى وقلمى لبث إليهما شكواى
ولم استطع البدء إلا بإقرار حقيقة يعلمها الجميع ويتعمد نسيانها الجميع أيضا إلا وهى /
– أن الله اختار لسان العرب ليكون لسان دينه الخاتم
وأن الآلة والوسيلة الأُولى لفهم قرآننا وسنة نبينا هي العربية، وبغيرهما تَضِل الأفهام في أودية اللحن والهوى.
وبعد تامل تعجبت أشد العجب حيث ( لم أر شعوبا تفرط فى لغتها وهويتها مثلما يفرط بعض شبابنا العربى فى لغتهم فلم نر أو نسمع يوما عن شباب من أوروبا أو آسيا يستخدمون الحروف العربية فى كتاباتهم عن قصد بديلا عن حروفهم )
هنا أجل الله لى الحقيقة فتذكرت أن ما يحدث من شبابنا اليوم ما هى إلا إحدى صور الحرب على الهوية العربية الإسلامية، من خلال الحرب على اللغة العربية، متمثلة في الدعوة إلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية.
لانه لما كان من العسير جدًّا على أعداء المسلمين إبعاد شبابنا محو الانتماء لمصدرى العقيدة والتشريع عندهم ( القرآن والسنة ) من خلال التشكيك فيهما، كان لا بد من إيجاد بديل للإجهاز على هذا البنيان المرصوص تحت راية القرآن والسنة،
فكان الحل هو سلخهم عن آلة ووسيلة فهمهما، ألا وهي اللغة العربية الفصحى
ومع الاسف الشديد انساق مجتمعنا فى إحدى فتراته دونما فهم أو إدراك لهذه الحرب الخفية فمجدوا من حيث لا يعلمون دعاة هدم الهوية العربية وتميع اللسان العربى عند الشباب
فنجد مثالا لذلك إطلاق اسماءا لبعض شوارعنا لشخصيات حاولت طمس تلك الهوية العربية والقضاء على لغتنا القومية فهذا مثال الإنكليزي ( ويلكوكس ) الذى قال :
(( إن العامل الأكبر في فقد قوة الاختراع لدى المصريين هو استخدامهم اللغة العربية الفصحى في القراءة والكتابة )). فى محاولة منه لايهامنا أن سبب ضعفنا وتراجع مكانتنا يرجع لتمسكنا بلغتنا العربية
فكان من المستغرب أن نطلق اسمه على أحد الشوارع في حي (الزمالك) بالقاهرة شارع وليام ويلكوكس لكن والحمد لله تم استبدال الاسم فأطلق عليه شارع طه حسين .
كذلك لزاما علينا أن نذكر الجميع بما قام به زعيم الأمة سعد زغلول
فحينما تولى سعد وزارة المعارف في مصر كان التعليم في المراحل الأولى باللغة الإنكليزية ؛ وكان كتاب الحساب المقرر على الصف الابتدائي لمؤلف انجليزى هو (( مستر تويدي )) وكذلك سائر العلوم،
هنا كان إدراك زعيم الامة فألغى هذا كله، وأمر أن تدرس المقررات كلها باللغة العربية، وأن توضع مؤلفات جديدة باللغة القومية. وبذلك المسلك الناضج حفظ على مصر عروبتها. وهذا الصنيع دفع أحد المفكرين المصريين إلى القول :
(( إن سعداً أحسن إلى جيلنا كله بجعلنا عرباً ))
فكم سعداً نحتاج إليه ؟ وإلى كم سعد سوف سنضع تلك الأمانة !! أمانة الحفاظ على لغتنا من خلال الحفاظ على هوية ولسان شبابنا
للحديث تتمة —– فى مقال آخر بإذن الله