مهند أبو عريف
بالرسالة التي يؤديها الإعلام في المجتمع، أصدر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، مرسوماً يقضي بإنشاء مركز التدريب الإعلامي، ويأتي هذا المركز تجسيداً للاستراتيجية الإعلامية العُمانية، بما لها من أهمية كبيرة في إعداد أجيال من الإعلاميين ليكونوا مؤهلين لقيادة العمل الإعلامي في سلطنة عُمان، خاصة أن هذا المركز يعتبر الحاضنة لكل العاملين في المجال الإعلامي سواء في المؤسسات الصحفية الحكومية، أو الخاصة، أو الأكاديميين والدارسين في كليات الإعلام، أو منظمات المجتمع المدني، من أجل بناء وصياغة عقلية إعلامية تتوافق مع مقتضيات المرحلة الراهنة وبخطاب ومحتوى إعلامي واعي ورصين.
ومن شأن هذا المركز الإعلامي الذي يأتي ضمن استراتيجية وزارة الإعلام، أن يحدث نقلة حيوية في قدرات مختلف الإعلاميين في كل المجالات الإعلامية، باعتباره مشروعاً لبناء العقلية العُمانية تجمع ما بين المواطنة والدين والعروبة في تناغم وانسجام، وفق تدريب مستمر وممنهج يوازن بين الجوانب النظرية والتطبيقية ويرسخ أخلاقيات المهنة وأدبياتها.
كان السلطان قابوس سباقاً في إدراك أهمية المحتوى الإعلامي الرصين والبناء وأهمية الكلمة الصادقة في بناء الأوطان، فقد أكد غير مرة أهمية “توفّر الكلمة الصادقة، والخبر الصحيح في صورة مشرقة، بحيث تنقل ما يدور على أرض عمان، بما يعكس الأعمال الجسام والآمال الكبار للشعب العماني”.
وقال في خطابه بمناسبة العيد الوطني العشرين 18 / 11 /1990، “في الوقت الذي تتزايد أهمية دور الإعلام في الحياة المعاصرة للمجتمعات والشعوب، فإنه لمن الضروري العمل على تطوير الإعلام العماني ليؤدي رسالته في تنمية قدرات المواطن وتوعيته بدوره الأساسي في بناء وطنه، وليساهم كذلك في توطيد علاقات الصداقة والتعاون مع الأسرة الدولية.”
ووفقاً للمحللين الإعلاميين، فإن إنشاء مركز التدريب الإعلامي بمرسوم سلطاني يتوج الاهتمام الذي يوليه السلطان قابوس، لتأهيل الإعلاميين في السلطنة وفق منظومة تدريب وتأهيل علمية انطلقت قبل عدة سنوات وأسهمت بالفعل في تأهيل عدد من الصحفيين في العديد من المجالات داخل السلطنة وخارجها، وأتاحت المجال لهم للاطلاع على تجارب الدول الأخرى في العمل الإعلامي، وفتح آفاق واسعة لهم لتطوير قدراتهم من خلال الاحتكاك بتجارب متباينة بدول العالم.
ولا شك أن تطوير الأداء الإعلامي العُماني يعزز من مكانة سلطنة عُمان داخلياً وخارجياً من خلال تنظيم العمل الإعلامي والارتقاء بأداء الإعلاميين والالتزام بتقديم خدمات اعلامية ذات فعالية وكفاءة عالية.
كما أن إنشاء هذا المركز يتأسس على مفهوم التخطيط الاستراتيجي الذي تنتهجه سلطنة عُمان ممثلة في وزارة الإعلام، وهذا التخطيط الاستراتيجي يقوم على امتلاك القوة الاستراتيجية الإعلامية الواعية وتوفير السند المطلوب لتحقيق المصالح الوطنية الاستراتيجية بما يشمله ذلك من القدرة على التواصل الفاعل مع مواطني الدولة وكذا القدرة على إحداث تأثير أساسي في الجمهور العالمي وبلورة رأي عالمي.
يتم ذلك عبر بلورة أهداف استراتيجية واعية يتم من خلالها تحقيق بناء فكري أساسي أو إحداث تغييرات فكرية أساسية وذلك من خلال استيفاء عناصر أساسية هي: (تحديد المداخل الإعلامية المناسبة والتراكمات المعلوماتية المنظمة، الإرسال الاستراتيجي الذي يصل للجمهور المستهدف، بلغته، وبالجودة العالمية)، وذلك بغرض مواجهة التحديات على البيئة المحلية والإقليمية والعالمية، ويتضمن تحقيق القدرات التنافسية الإعلامية العالمية.
إن إيجاد مركز إعلامي متخصص بتأهيل الإعلاميين يشكل أحد الآليات المتواصلة والمتجددة لتطوير الإعلام العُماني ورفده بالكفاءات التي تسهم في الارتقاء برسالته الإعلامية المتوازنة في التعاطي مع الأحداث والاتزان في الطرح والموضوعية في المعالجات الإخبارية للأحداث والحيادية والشفافية والتجرد عن الذات في الأداء الإعلامي، وفق خطاب إعلامي رصين يؤسس للبناء والتنمية.
هذه الرسالة الإعلامية المتوازنة تعد رصيدا قويا للإعلامي العُماني وجعلته مميزا بين وسائل الإعلام العربية والدولية، ومن هنا فإنه وفق الرؤية الاستراتيجية الإعلامية بسلطنة عُمان، التي تعتبر الإعلام هو القاطرة الأساسية لكل مجالات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من مقتضيات المرحلة الراهنة وآفاق الرؤية المستقبلية، تدشين هذه المؤسسة الإعلامية.
وسيكون لهذه المؤسسة شأن كبير في رفد الإعلام العُماني بقدرات عالية من حيث التأهيل والتدريب تتماشى مع طبيعة الوسائل الإعلامية المتجددة، وفق خطاب إعلامي رصين يتناغم مع متطلبات ومقتضيات طبيعة المرحلة الراهنة بكل متغيراتها.