ياسر عبدالله
كتب عبدالله المعلمي المندوب الدائم للسعودية لدى الأمم المتحدة مقالاً للرأي نشرته صحيفىة نيويورك تايمز تحت عنوان “على المتمردين في اليمن إنهاء الحرب هناك”, قال فيه : ” إن الشهر الماضي قد شهد الذكرى الثالثة للحرب في اليمن في سبتمبر 2014، حين تخلت قوات المتمردين من جماعة الحوثيين اليمنية عن عملية سياسية انتقالية في اليمن برعاية مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة وقد بدأت الوساطة بعد أن أطاحت انتفاضة عام 2011 بالرئيس علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن بقبضة حديدية منذ اكثر من ثلاثة عقود. وبدلاً من مواصلة الحديث، اجتاح المتمردون عمران، وهي مدينة في شمال غرب اليمن، واحتلوا العاصمة صنعاء واحتجزوا الرهينة خليفة صالح، الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتولوا مهام الحكومة بشكل فعال.
وأضاف المعلمي أنه عندما تمكن الرئيس هادي من الفرار من أجل حياته، طارده المتمردون إلى عدن، وأجبروه في نهاية المطاف على التماس اللجوء والمساعدة من المملكة العربية السعودية. وبعد ستة أشهر، وفي مارس 2015، بدأ ائتلاف من الدول بقيادة المملكة العربية السعودية عمليات عسكرية بهدف استعادة الحكومة الشرعية اليمنية وإعادة استئناف مفاوضات السلام بين الحكومة والحوثيين.
وأشار إلى أنه بعد شهر، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2216 الذي يدعو إلى استعادة حكومة الرئيس هادي، وانسحاب القوات الحوثية من صنعاء وغيرها من المدن، وتسليم جميع الأسلحة الثقيلة إلى الجيش اليمني ودعا القرار أيضا إلى استئناف العملية السياسية الانتقالية
وأردف قائلاً إنه بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحالة في اليمن مروعة مثمثلة في الإدانة العالمية من خلال القرار 2216، ومع انتشار الكوليرا والمجاعة التي تسبب معاناة لا يمكن تصورها على الشعب اليمني، لا يزال الحوثيون وحلفاؤهم، الذين تزودهم إيران، في موقف تحدي ويصرون على الاحتفاظ بحقهم غير المشروع على السلطة
ونوه إلى أنه لا تزال الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد من أجل إحلال السلام واستئناف التطور السياسي السلمي الذي بدأ في عام 2011 متوقفة. ولا يزال المدنيون يتحملون وطأة الحرب. وبينما مارست قوات التحالف أقصى قدر من اليقظة في حملتها الجوية، لا بد من حدوث أضرار جانبية، مما يزيد من حدة المشاكل الناجمة عن المجاعة والكوليرا. وفي الوقت نفسه، يواصل الحوثيون قصفهم المتواصل للأهداف المدنية، وتجنيدهم الجنود الأطفال، وهجماتهم الصاروخية المتكررة على الأراضي السعودية.
وقال : في جميع أنحاء العالم، يتساءل الناس المعنيون والصادقون: ماذا لو سقطت البنادق صامتة في اليمن؟ ألا يسعدنا جميعا أن السلام قد ساد في هذه الأرض اليائسة؟ أتمنى أن أقول نعم، ولكن هذا السؤال يفترض أول مغالطة من بين ثلاث مغالطات عن اليمن.
وأكد على أنه إذا تم تنفيذ وقف إطلاق النار في اليمن، دون قيد أو شرط، وإلى أجل غير مسمى، فإنه سيعزز بشكل فعال التقسيم الفعلي لليمن. وسيكون لدينا نظام ثيوقراطي على غرار إيران في الشمال، مع ميليشيات من حزب الله تتولى زمام السلطة. كما أن هذا الجزء من اليمن سيكون معزولاً، على خلاف مع المملكة العربية السعودية، أكبر جار لها، ومن خارج المنطقة التي تدعي أنها تنتمي إليها. وفي جنوب اليمن، ستتولى حكومة ضعيفة السلطة، مما يعطي تنظيم القاعدة وداعش، فرصة للتوسع والتجذر. وسيحرم هذا الجزء من اليمن من الموارد الطبيعية والبشرية التي يقع معظمها في الشمال. وهذه ليست وصفة للسلام الدائم.
وأستطرد قائلاً : إن وقف إطلاق النار بدون التنفيذ الكامل للقرار 2216، الذي يهدف إلى إقامة الديمقراطية في اليمن الموحد اتحاديا، لن يكون إلا وقفة قبل اندلاع مرحلة أكثر عنفا من الصراع.
وتساءل المعلمي : “ماذا لو اجتمعت جميع الأطراف وجلسوا حول طاولة للتفاوض على خلافاتهم؟ لن يكون ذلك لطيفا؟ بالطبع سوف؛ ومع ذلك، فإن هذه المغالطة الثانية تتجاهل حقيقة أننا لم نعاني من نقص في المحادثات. لقد أجرينا محادثات مباشرة، وغير مباشرة، ومحادثات عامة، ومحادثات خاصة، وكذلك محادثات في اليمن، وفي السعودية، وفي عمان، وفي سويسرا، ولأكثر من 100 يوم في الكويت. لقد أجرينا الكثير من المحادثات وكان العنصر المفقود في كل هذه المحادثات هو الإرادة السياسية من جانب الحوثيين لتقاسم السلطة، وتسليم الأسلحة الثقيلة والانسحاب من العاصمة والمدن الرئيسية الأخرى.
وأوضح أن الحوثيين، للأسف، يسترشدون بالمعتقدات الصوفية بأن السلطة يجب أن تحتفظ بها سلالة معينة, وهو المعتقد نفسه الذي أدى إلى تركيز القوة في يد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران والتي جلبت الحوثيين للحرب ست مرات في العقد الماضي ضد الحكومة المركزية اليمنية.
وشدد على أن المغالطة الثالثة هي الافتراض بأن اليمن مصاب بالكوليرا ومهدد بالمجاعة. نعم، هناك الكوليرا، ونعم هناك ظروف تشبه المجاعة؛ لكنها تتركز في منطقة، لا يزيد عن 20 في المئة من الأراضي اليمنية، التي يسيطر عليها الحوثيون. والمشكلة في هذا المجال تنشأ نتيجة فشل الإدارة والتوزيع أكثر من أي نقص في المعونة والإمدادات الإنسانية المتاحة. ويرفض الحوثيون استخدام جميع الموانئ المتاحة هناك أو الطرق لنقل المساعدات بل إنهم توقفوا عن دفع مرتبات الأطباء والممرضات وموظفي الخدمة المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
كما يجب منح المساعدات الإنسانية سبيلاً غير مقيد إلى جميع أنحاء اليمن، كما ينبغي منح إمكانية الوصول لآلاف المتطوعين الذين هم على استعداد للمخاطرة بحياتهم لإنقاذ حياة الشعب اليمني الذي يعاني منذ أمد بعيد.
واختتم المعلمي بالقول : “إن الطريق إلى السلام في اليمن واضح. ويجب على الحوثيين الاختيار بين كونهم جماعة مسلحة خارجة عن القانون أو حزباً سياسياً مشروعاً. وإذا اختاروا الخيار الثاني، فسيكون لهم مكان على طاولة المفاوضات وفي الحكومة. ويمكنهم الاعتراض على الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة. ولكن في الوقت نفسه، سيتعين عليهم الانسحاب من صنعاء، وتسليم أسلحتهم الثقيلة إلى الجيش الوطني والمشاركة بجدية في المفاوضات التي تؤدي إلى الانتقال السلمي ومن ثم إلى حل سياسي ليمن موحد”.