أشرف أبو عريف
إذا كان الشباب يمثلون قوة الحاضر وأمل المستقبل، بحكم قدراتهم وطموحاتهم وطبيعة المرحلة العمرية، وبحكم ما يعلقه الوطن عليهم من آمال أيضا، فإن استقبال جامعة السلطان قابوس لطلاب الدفعة الثانية والثلاثين من الطلاب الجدد للعام الأكاديمي 2017 / 2018 يشكل علامة فارقة في مسيرة الوطن،
ليس فقط لأنه يعد إيذانا بالدخول والانتقال الى المرحلة الجامعية، وهي مرحلة تكوين وإنضاج تتجاوز الدراسة الأكاديمية، الى صقل وتنمية الشخصية الواعية والمتكاملة للشباب، ولكن أيضا لأنه يشكل بداية انطلاق علمي وعملي للطلاب، وبما يعدهم ليكونوا طاقة جديدة مضافة الى طاقات وقدرات المجتمع العُماني في مختلف المجالات.
فالرؤية المحورية لمسيرة البناء مثلت في مضمونها جوهر النهج الإنساني والحضاري الذي رسم السلطان قابوس، معالمه للتعاطي العماني مع قضايا التنمية وهموم البشرية، والقائم على أهمية التأكيد على دور الإنسان في إحداث النقلة اللازمة لتغيير واقعه نحو حياة أفضل وأسعد، تتكامل فيها مظاهر الاستقرار والرخاء والطمأنينة والعيش الكريم والتقدم والرقي، والرغبة في حصد المزيد من المكتسبات لصالح الإنسان والوطن.
لذلك كانت ـ ولا تزال ـ التنمية البشرية والاهتمام بالشباب العماني توجهاً عمانياً أصيلا، انطلاقاً من يقين السلطان قابوس، أن الشباب هم منطلق أي عمل تنموي، وهم حافزه الأول وأيضاً هم هدف أي برنامج تنمية أو تحديث؛ لذا ظل يدعو السلطان قابوس إلى استنهاض إمكانات الشباب وتأهيلهم وتثقيفهم والاهتمام بأحوالهم المعيشية والصحية حتى يكون مؤهلين للقيام بالدور المناط بهم.
وقد أولى السلطان قابوس أهمية خاصة لبناء المواطن العماني، والشباب خاصة، بالنظر إلى الأهمية التي يمثلها المواطن بوجه عام، والشباب بوجه خاص، بالنسبة لحاضر الدولة والمجتمع ومستقبلها، في جميع المجالات.
وقد أتت هذه الجهود المرتبطة بفكر واعي ورؤية حكيمة، ثمارها الطيبة، إذ أثبت أبناء وبنات عمان قدراتهم الكبيرة ليس فقط على التفوق العلمي، وعلى إحراز مراكز متقدمة، خليجيا وعربيا ودوليا، وتقديم مزيد من الابتكارات ذات الفائدة لحياة المواطن العماني، ولكن أيضا قدراتهم على القيام بمهامهم وواجباتهم، سواء في مواقع العمل التي يشغلونها بالفعل، أو في مرحلة إعدادهم وتدريبهم والارتقاء بكفاءاتهم من خلال البرامج المختلفة، تمهيدا لوضعهم في مجال القيادة والمسئولية.
وفي هذا الإطار، تشهد العديد من القطاعات في سلطنة عُمان تحركات مفادها أن العناية بالشباب العماني، وإعداده للقيام بدوره المنشود، في كل قطاعات الاقتصاد الوطني، هي بالتأكيد عناية متكاملة ومتعددة الجوانب في الوقت ذاته، وعلى نحو يتواكب مع مستويات العمل والأداء المتقدمة، استنادا إلى خبرات عمانية تكونت على مدى السنوات الماضية، وينبغي دعمها ورفدها بدفعات متتالية من أبناء عمان وبناتها المتميزين، تعليميًا وتدريبيًا والتزامًا أيضا بأولويات التنمية المستدامة وبرامجها المحددة.