سلايدر

“الدبلوماسى” يرصد 46 عاما من الإنجازات لــ “يوم النهضة” فى سلطنة عُمان

استمع الي المقالة

 

تقرير: أشرف أبو عريف

تقف السلطنة وطنا ومواطنا، دولة ومجتمعا خلال هذه الأيام باعتزاز فخورة بما تم إنجازه على امتداد الـ 46 عاما الماضية من مسيرتها المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم / حفظه الله ورعاه / الذي حشد كل طاقات الوطن، بشرية ومادية، تاريخية ومعاصرة لتصبح عمان كما أرادها جلالته واحة امن وأمان وبناء وتنمية يعيش ابناؤها سعداء وقد توفرت لهم سبل الحياة الكريمة.

ومع تباشير ذكرى يوم الثالث والعشرينَ من يوليو 1970 ” يوم النهضة المباركة ” الذي يشع ضياء ونورا على أرجاء عمان يجدد العمانيون في هذا اليوم المجيد ” الذي كان فاتحة عهد جديد لمستقبل عظيم للوطن والمواطن” العهد والولاء مقرونين بأنبل مشاعر التقدير والعرفان والوفاء لقيادة جلالة السلطان المعظم ـ اعزه الله ـ الحكيمة الرائدة التي أحيت أمجاد عمان التليدة وبنت مفاخرها ومنجزاتها الجديدة على قواعد راسخة البنيان تجلت فيما تشهده البلاد منذ إشراقة يوم النهضة المباركة من تطور ونماء وأمن واستقرار ورقي وازدهار في شتى مجالات الحياة .

وتأتي هذه المناسبة المجيدة والسلطنة في مرحلة مهمة في مسيرة العمل التنموي الذي يستهدف النهوض بالعديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية مستفيدة من الفرص والمقومات الاستثمارية المتنوعة لمختلف محافظات السلطنة والتي تحققت على مدى 46 عاما الماضية من مسيرة النهضة المباركة ، حيث تركز الحكومة في خططها المستقبلية كما وجه جلالة السلطان المعظم ـ أبقاه الله ذخرا وسنداـ على وضع التنمية الاجتماعية خاصة في جوانبها المتعلقة بمعيشة المواطن وبما يتيح المزيد من فرص العمل وبرامج التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة الانتاجية والتطوير العلمي والثقافي والمعرفي موضع التنفيذ ، اضافة الى التركيز على التنويع الاقتصادي وتشجيع الاستثمار في المشاريع الإنتاجية ذات النفع العام وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتنويع مصادر الدخل وللتعامل الفعال مع التطورات الاقتصادية التي يمر بها العالم.

وإلى جانب امتداد منجزات النهضة المباركة المتلاحقة ومكاسب التنمية في شتى المجالات لتشمل كافة محافظات السلطنة بدون استثناء مستهدفة تحقيق الرفاه للمجتمع، فان العدالة والتوازن كانا سمتين لازمتا مسيرة النهضة الظافرة طوال السنوات الماضية، فاستفاد المواطن من خدمات التعليم والصحة والطرق والكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من الخدمات الأساسية التي انتشرت في كل تجمع سكاني اينما وجد على هذه الارض الطيبة.

وأولى جلالته ـ ابقاه الله ـ وهو يتابع بنفسه وضع لبنات البناء والتنمية على كل شبر من ارض عمان عناية دائمة بتوفير فرص المشاركة الايجابية للإنسان العماني في مختلف الميادين وان يحظى كل مواطن اينما كان بثمار النهضة الحديثة وبتمكينه في الوقت ذاته من الإسهام بكل طاقاته وقدراته في مسيرة المجتمع نحو آفاق جديدة من التنمية والتطور والثقافة والحضارة والعلم والتقنية وتشييد صرح الدولة العصرية القادرة على تحقيق طموحاته ، وفي ذلك يقول جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ ” ان ما تحقق على هذه الارض الطيبة من منجزات حضارية في مجالات عديدة تهدف كلها الى تحقيق غاية نبيلة واحدة هي بناء الانسان العماني الحديث المؤمن بربه، المحافظ على اصالته، المواكب لعصره في تقنياته وعلومه وآدابه وفنونه، المستفيد من معطيات الحضارة الحديثة في بناء وطنه وتطوير مجتمعه”.

وأرسى جلالة السلطان المعظم / متعه الله بالصحة والعافية / منذ فجر اليوم الاول للنهضة المباركة ـ بحكمة ونفاذ بصيرة ورؤية، وبأبوة حانية استوعبت كل ابناء الوطن ـ اسس ودعائم الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية في شتى المجالات، وحرص جلالته على إعلاء صروح العدالة وترسيخ قيم العدل وتدعيم أركان دولة القانون والمؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل سيادة القانون. وجاء افتتاح مبنى المحكمة العليا في مايو الماضي الذي يحقق نقلة كبيرة على مستوى تمكين القضاء العماني من أداء مهمته في بيئة تتفوق على المعايير العالمية تأكيدا على علو شأن القضاء ورفعته وشموخه وعلى المساحة التي يشغلها في عهد جلالته الميمون، وما يمثله العدل كأساس للملك، وكدعامة أساسية للدولة.

وطوال السنوات الماضية من مسيرة النهضة المباركة شكلت الثقة السامية العميقة في قدرات المواطن العماني للاضطلاع بدوره في بناء حاضره وصياغة مستقبله ملمحا قويا ومميزا، حيث كانت عناية جلالته الدائمة بتوفير فرص المشاركة الايجابية للإنسان العماني في مختلف الميادين حتى يتمكن من الإسهام بكل طاقاته وقدراته في مسيرة المجتمع نحو آفاق جديدة من التنمية والتطور والثقافة والحضارة والعلم والتقنية، ووفر ـ ابقاه الله ـ كل السبل والامكانيات دعما له من اجل تحقيق اهداف المسيرة المباركة بقيادة جلالته.

وكانت جهود ابناء عمان الاوفياء بارزة وواضحة في كل ميادين العمل والبناء حيث اقترن الأمل بالعمل الجاد، والهمة العالية، والعزم الأكيد، مواجهين كل التحديات ومتجاوزين كل المصاعب، وكان التقدير السامي لتلك الجهود دافعا لمزيد من العطاء حيث يقول جلالته في هذا الصدد ” إذا كانت الأمور تقاس بنتائجها فإنه يمكن القول بأن ما تحقق خلال الحقبة الماضية، بعون منه تعالى، هو إنجاز كبير يشهد به التاريخ لكم أنتم جميعا يا أبناء عمان. لقد صبرتم وصابرتم، وواجهتم التحديات، وذللتم العقبات، فرعى الله مسيرتكم، وكتب لكم السداد والتوفيق”.

كما أكد جلالته أن “هذه المنجزات لم تكن لتظهر على أرض الواقع لولا الجهد الباذل، والعطاء المتواصل، والإرادة الطامحة، التي تستشرف المستقبل، وتعمل من أجل غد أفضل وأجمل. فطوبى ‏لكل يد عاملة تشارك في بناء نهضة عمان، في كل ميدان، ودعوة صادقة لبناة الحاضر ورواد المستقبل، للانطلاق نحو آفاق ابعد، وساحات أرحب، ومقاصد أسمى وأعلى”.

وجاء بناء الدولة العصرية من خلال خطوات مدروسة متدرجة ثابته تبني الحاضر وتمهد للمستقبل، وتم منذ عام 1976 تنفيذ خطط تنمية خمسية متتابعة لبناء الوطن والمواطن ” ضمن توازن دقيق بين المحافظة على الجيد من موروثنا الذي نعتز به ومقتضيات الحاضر التي تتطلب التلاؤم مع روح العصر والتجاوب مع حضارته وعلومه وتقنياته والاستفادة من مستجداته ومستحدثاته في شتى ميادين الحياة العامة والخاصة” وقد بدأت خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020م) اعتبارا من بداية هذا العام.

وتم خلال السنوات الماضية استغلال عائدات الثروة النفطية في تطوير الهياكل الاجتماعية وتسريع انشاء البنية الأساسية، المتمثلة في إنشاء شبكة واسعة من الطرق، والموانئ، والمطارات، والمناطق الصناعية والمناطق الحرة التي لا شك أنها تشكل قاعدة جيدة للانطلاق الاقتصادي خلال فترة الخطة التاسعة خاصة فيما يتعلق بالتنويع الاقتصادي، كما تم تحقيق تحسينات كبيرة في حجم ونوعية خدمات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى وذلك عبر خطوات متتابعة ومتواصلة ايضا.

واعتمد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم /حفظه الله ورعاه/ مطلع العام الحالي الخطة الخمسية التاسعة (2016 ـ2020م) التي تعتبر الحلقة الأخيرة من الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني (عمان ٢٠٢٠) وتمهد للرؤية المستقبلية (عمان 2040) حيث جاءت توجهاتها ومرتكزاتها للمحافظة على الانجازات التي تحققت على مدى السنوات الماضية من مسيرة النهضة المباركة والبناء عليها وفقا لما حددته الرؤية المستقبلية (عمان 2020 من أهداف).

وتولي خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020م) أهمية للتنمية العمرانية بالاستغلال الأمثل للموارد والفرص الاستثمارية التي تتمتع بها محافظات السلطنة كما ستولي اهتماما خاصا بتنمية المحافظات بهدف تحقيق نمو وتوزيع متوازن لثمار التنمية على المواطنين في مختلف أرجاء البلاد ، كما تعتمد الخطة على سياسات تهدف إلى قيام القطاع الخاص بدور رائد في دفع معدلات نمو الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل، من خلال مواصلة تحسين بيئة الأعمال والإسراع في تنفيذ برنامج التخصيص وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، وتم اختيار قطاعات (الصناعة التحويلية، النقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين) لتكون قطاعات اقتصادية واعدة سيتم التركيز عليها خلال الخطة تساهم في عملية التنويع الاقتصادي بجانب القطاعات الأخرى الداعمة لهذه القطاعات الخمسة كالتعليم والصحة، وبيئة الأعمال، والشباب، والبيئة، ورفع أداء الجهاز الحكومي، والاتصالات، وتقنية المعلومات.

وتأكيدا لثوابت مسيرة الشورى في السلطنة وحرص الرؤية الحكيمة واهتمامها بقيم الشراكة وتعدد الآراء ، وفي إطار الاهتمام المتواصل لجلالة السلطان المعظم بأهمية استمرار اللقاءات بين مجلس الوزراء ومجلس عمان الذي يضم مجلسي الدولة والشورى وصولا إلى بلورة الرؤى المشتركة بين مؤسسات الدولة باعتبارها من الركائز الأساسية في مسار العمل الوطني البناء لتتضافر الجهود في هذه المرحلة الهامة من مسيرة النهضة المباركة عقد مجلس الوزراء اجتماعات مع كل من مكتب مجلس الدولة ، ومكتب مجلس الشورى ـ كل على حدة ـ لتعزيز التنسيق بين مجلس الوزراء ومجلس عمان بشأن كل ما يهم المجتمع ، كما عقدت جلسة مشتركة بين مجلس الدولة ومجلس الشورى في يونيو الماضي تم خلالها اقرار المواد موضع التباين بين المجلسين في مشروع قانون الجزاء العماني ، وتم رفعها إلى المقام السامي.

وفي 19 يونيو الماضي أصدر مجلس الوزراء بيانا بشأن نتائج اجتماعاته التي تدارس فيها موضوعات عديدة تساهم في الحفاظ على معدلات النمو في البلاد والجوانب الحياتية المختلفة للمواطنين ومن ابرزها دعم التعليم والابقاء على عدد المقاعد الدراسية المخصصة لخريجي دبلوم التعليم العام للعام الأكاديمي القادم في مختلف مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة داخل السلطنة والبعثات الخارجية دون تغيير وتحسين جودة التعليم العالي وتعزيز منظومة الامن الغذائي ، ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني ، واشاد المجلس بتفهم المواطنين ومشاركتهم لتحقيق الأهداف المتوخاة للخطة الحالية وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني للتعاون والتكامل لصالح الوطن والمواطن.

ومن جانب آخر ستجرى في نهاية العام الجاري 2016 انتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية (2017 ـ 2020)، حيث اعلنت وزارة الداخلية عن بدء القيد في السجل الانتخابي لانتخابات أعضاء تلك المجالس بالمحافظات وذلك اعتبارا من 12 من يونيو الماضي، ودعت الوزارة المواطنين الذين لم يسبق لهم القيد في السجل الانتخابي إلى التقدم بطلب القيد إلى مكاتب أصحاب السعادة الولاة في الولاية التي يرغب كل مواطن الانتخاب بها، وذلك لكي يتسنى لهم ممارسة حقهم في التصويت يوم الانتخاب.

وفي الوقت الذي تمضي فيه مسيرة التنمية الشاملة في البلاد قُدمًا لتنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على عائدات النفط وتقليل سلبيات انخفاض اسعاره في الاسواق العالمية والعمل لتحويل السلطنة الى مركز لوجستي اقليمي متطور تمكنت السلطنة خلال السنوات الماضية من بناء علاقات وثيقة متنامية ومتطورة مع كافة الدول والشعوب في العالم ومدت جسور الاخوة والصداقة وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع تلك الدول وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام علاقات حسن الجوار ، وتتعاون السلطنة مع كافة الجهود الاقليمية والدولية الرامية لحل القضايا التي تشهدها المنطقة بالحوار لما فيه إحلال السلام والأمن والاستقرار لمصلحة كافة شعوبها ، وبينما تبذل السلطنة مساعيها الطيبة لحل الازمة اليمنية سلميا ودعم مفاوضات الكويت بين الاطراف اليمنية ، والعمل على حل الازمة السورية سلميا ، فقد اختتمت بمدينة صلالة في السادس من ابريل الماضي أعمال اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي بمشاركة 32 عضواً وعضوة من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الذي استضافته السلطنة برعاية الأمم المتحدة ، وقد توجت تلك المشاورات التي استمرت ثلاثة أسابيع بمدينة صلالة ببيان ختامي أعلن من خلاله توافق الأعضاء الليبيين المتشاورين بنسبة كبيرة على مسودة لمشروع الدستور الليبي كخطوة اساسية للدفع بالأوضاع في ليبيا نحو الاستقرار. .

وتقديرا لمنطق العقل والحكمة الذي تنتهجه القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – واعترافا بدور السلطنة في ترسيخ مبادئ السلم والأمن الدوليين حيث أصبحت عاملاً من عوامل الاستقرار في المنطقة العربية ، وتثميناً لجهوده الدبلوماسية والسياسية لمعالجة القضايا في المنطقة بالطرق السلمية تسلم معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في يناير الماضي جائزة سانت جورج للسلام في إطار مهرجان سيمبر أوبرا بال 2016 السنوي وذلك بمدينة درسدن بولاية سكسونيا الألمانية.

لقد أبدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم / حفظه الله ورعاه / ارتياحه لما حققته مسيرة التنمية الشاملة في البلاد ، واكد جلالته ـ اعزه الله ـ خلال ترؤسه في ابريل الماضي اجتماع مجلس الوزراء على ضرورة المحافظة على ما تحقق من إنجازات ومواصلة تطوير القدرات وتأهيل الكوادر العمانية لتحقيق انطلاقة إنتاجية في كافة القطاعات من خلال الاستفادة المثلى من الموقع الجغرافي الفريد للسلطنة والعمل على تشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية للمشاريع الانتاجية ذات النفع العام التي توفر المزيد من فرص العمل للمواطنين وتحقق مردودا مجزيا على الاقتصاد ، موضحا جلالته أن كافة خطط التنمية تضع في مقدمة الأولويات الاهتمام بالمواطن وتوفير الخدمات الضرورية له.

إن عمان باسرها تكن لعاهل البلاد المفدى / متعه الله بالصحة والعافية / وقائد مسيرتها المباركة كل المحبة والتقدير واصدق العرفان والولاء والوفاء، وتدعو لجلالته / ايده الله بنصره / بالعمر المديد وبأن يمتعه الله سبحانه وتعالى بموفور الصحة والسعادة وبأن تتحقق على يديه الكريمتين في الحاضر والمستقبل منجزات أكثر وأكبر ترقى بها عمان إلى آفاق من المجد أجل وأعلى بمشيئة الله وتوفيقه، وتعاهده على الالتزام بتوجيهاته السديدة والعمل الجاد المخلص من أجل رفعة شأن عمان المجد والسؤدد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى