أثبتت محكمة العدل الأوروبية يوم الثلاثاء 14 آذار/مارس الجاري في قضيتين تتعلقان بموضوع منع ارتداء الحجاب أثناء العمل بعد تساؤلات طرحتها السلطات القضائية الفرنسية والبلجيكية حول قضيتين منفصلتين رفعت إحداهما في فرنسا والأخرى في بلجيكا، وتتعلق القضية بمبادئ العلمانية والحياد من ناحية، وموضوع التمييز في العمل والحرية الدينية من ناحية أخرى.
تنظر محكمة العدل الأوروبية الثلاثاء في قضية حساسة جدا تتعلق بمعرفة ما إذا كان ممكنا حظر ارتداء الحجاب خلال العمل بعد رفع قضيتين منفصلتين في فرنسا وبلجيكا.
وتوصل المدعون العامون المسؤولون عن الملفين إلى نتيجتين متناقضتين: الأول يشير بوضوح إلى تمييز غير قانوني في حين يترك الثاني الباب مفتوحا أمام فرض قيود مبررة تتعلق بـ”سياسة الحياد” التي تطبقها الشركة.
وقررت محكمة العدل الأوروبية، ومقرها لوكسمبورغ، البت في كلتا الحالتين في اليوم ذاته.
وبشكل منفصل، كانت أعلى السلطات القضائية الفرنسية والبلجيكية التي لديها تساؤلات تتعلق بتفسير القانون حول التمييز في العمل طلبت من المحكمة النظر في الأمر.
ومسألة الحجاب حساسة للغاية، وقد أشار المدعون العامون إليها في استنتاجاتهم. كونها تخضع لآراء وممارسات مختلفة جدا داخل الاتحاد الأوروبي.
كما أنها تطرح نفسها في فرنسا وبلجيكا البلدين اللذين يتمسكان بشكل خاص بمبادئ العلمانية الصارمة والحياد.
وفي الحالة البلجيكية، تتعلق القضية بالشابة المسلمة سميرة اشبيطة التي لم تكن ترتدي حجابا عندما تم قبولها كموظفة استقبال العام 2003 لدى مجموعة “جي فور إس” التي تقدم خدمات في مجالي المراقبة والأمن.
لكن بعد ثلاث سنوات، أبلغت سميرة رب العمل قرارها ارتداء الحجاب، رغم سياسة الحياد المعلنة شفويا وكتابيا من الشركة التي تحظر مظاهر سياسية أو فلسفية أو دينية.
أما الحالة الثانية في فرنسا، فإنها تتعلق بطرد مسلمة تعمل مهندسة دراسات لدى شركة “ميكروبول”. وكانت ترتدي الحجاب عند توظيفها العام 2008.
ولكن خلال موعد مع أحد الزبائن، اشتكى هذا الأخير طالبا بعدم وجود “حجاب في المرة القادمة”.
وقد أحالت الشركة هذا الطلب إلى الموظفة التي رفضت، فتقرر طردها في حزيران/يونيو 2009.
“متطلبات مهنية”
هناك نوعان من التمييز في التوظيف، بشكل مباشر أو غير مباشر. وينبغي على القضاء أن يأخذ بعين الاعتبار حريتين متعارضتين: تلك التي تتمسك بالديانة وتعبر عن ذلك، والأخرى هي حرية المؤسسة.
ويتعلق التمييز المباشر بالمساواة في المعاملة، ولا يمكن أن يكون هناك استثناء إلا بـ”تحديد متطلبات مهنية حاسمة”، مع “هدف مشروع ومتناسب”، مثل حظر ارتداء الرموز الدينية في قضايا الأمن.
أما التمييز غير المباشر فيمكن أن يعتمد على سياسة “الحياد” التي تعلنها الشركة، ويجب أن يستجيب لمبدأ التناسب في تطبيق الاستثناءات.
وفي حالة “ميكروبول” ترى المدعية العامة إليانور شاربستون أن فرض عدم ارتداء الحجاب للحصول على موعد مع أحد الزبائن يعتبر تمييزا واضحا لأن حجابها لا يمنعها في أي حال من القيام بعملها كمهندسة دراسات.
وفي الحالة البلجيكية، تقول المدعية العامة جوليان كوكوت إن ممارسة العمل كموظفة استقبال تتطلب الالتزام بإطار من الملابس تحدده الشركة التي اختارت شكلا صارما للحياد، الأمر الذي يلبي متطلبات المعايير المهنية.
في حالة التمييز غير المباشر، فإنه يعود إلى المحاكم الوطنية الحكم على التناسب في تطبيق الاستثناءات، وفقا لما ذكرته كوكوت.
وختمت قائلة إنه يتعين على المحكمة تقديم معايير واضحة لتحكم في الأمر.