رأىسلايدر

ثمن صدام السلطة مع أبو تريكة

استمع الي المقالة

جمال سلطان

ما هى الجريمة التى ارتكبها محمد أبو تريكة، حتى تصادر أمواله، ثم يصنف كـ”إرهابي”؟! لا أحد يعرف! أبو تريكة لم يحمل السلاح، ولم يهاجم نقاط الأمن، ولا أقسام الشرطة، ولم يشارك حتى في مظاهرة.. ولا يتكلم في السياسة.. ولم يصدر منه ما يسيء لنظام الحكم الحالي.. فلم كل هذا الإمعان في تدميره ماليًا وتصفيته معنويًا ووطنيًا؟! يوجد سر.. لم يطلع عليه أحد، يقف وراء هذا الإصرار فى التنكيل به!.. التجربة لم تترك لنا فرصة لنحسن الظن فى نوايا هذه المطاردات الرسمية الدءوبة والقاسية التى يتعرض لها أبو تريكة.. فمن يمكن أن يحسن الظن فى القرار السيادى بطرد ابنة المستشار هشام جنينة من وظيفتها بالنيابة الإدارية؟! من بوسعه أن يصدق سلامة نية السلطة، بعد أن فصلت قانونًا على مقاس جنينة، تنكيلاً وعقابًا له على كشفه وقائع فساد مروعة فى مؤسسات الدولة، خاصة تلك التى تعتبر نفسها مؤسسات مقدسة.. وتتعالى على الرقابة الرسمية على أدائها المالي والإداري؟! من بوسعه أن يحسن الظن فى نظام سياسى بالكامل، بعد أن أدانته أرفع محكمة مصرية، وفى حكم نهائى وبات بأنه تنازل عن السيادة الوطنية لصالح دولة أخرى؟! اللافت ـ هنا ـ أن السياسيين الجدد، تصرفوا مع أبو تريكة بذات المنطق والعقل الذى مورس مع جزيرتى تيران وصنافير الاندفاع نحو صناعة قرارات صادمة وغير منطقية على افتراض أن مصر دولة صغيرة وغضة ولا توجد بها بنية أساسية من المؤسسات العتيقة والخبرات القانونية والسياسية المتوارثة منذ عقود طويلة.. السياسيون الجدد يفترضون أنهم وحدهم فقط وسط فراغ مؤسسى وسكانى وقانونى وتاريخي، يتوقعون ألا يتصدى لهم أحد، حال مدوا أرجلهم فى وجه الدولة والشعب واسترخوا واثقين من النتيجة فى النهاية. الحكومات التى تعاقبت على حكم مصر، منذ تأسيس الجمهورية الأولى، كانت تعمل حسابا لشرعية النادى الأهلى وجماهيريته الكبيرة.. حتى أن بعض المراقبين كانوا يعتبرونه أهم حزب سياسى مؤثر، ظهر فى مصر، منذ انهيار حزب الوفد، على يد التحالف الملكى ـ الإخواني.. والذى مهد لتصفية الحياة الحزبية والسياسية فى مصر لاحقا.. على حركة الجيش فى يوليو 1952.. وما بعدها ونسدد فاتورته حتى الآن. بل إن كثيرا من القادة السياسيين، كانوا يتصرفون معه بوصفه أهم مؤسسة سيادية.. وهو منطق يتسق مع علم الاجتماع السياسي، الذى يفهم ويقدر قيمة الحواضن الشعبية والجماهيرية، وتأثيرها على صناعة المسارات السياسية الداخلية. علاقة سلطة ما بعد 30 يونيو، مع أبو تريكة، تقدم دلالة على ارتجالية وعشوائية السياسيين المبتدئين، وما يوفره من تهديد حقيقى على مستقبلهم السياسى الذى بالتأكيد سيترك آثاره السلبية والمتفاوتة في كارثيتها على الوضع الداخلي. أبو تريكة نجم النادى الأهلى.. ثم أنه نجم المنتخب الوطني.. ويحظى بجماهيرية واسعة تفوق جماهيرية كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم مصر.. والصدام معه له ثمن سياسي.. خاصة إذا كان ثمة انطباع جماهيرى عام، بأنه شخصية وديعة وخلوقة.. وأنه مظلوم وضحية صراعات قوى متنفذة لا علاقة لها بالمصالح الوطنية العليا.

* نقلا عن المصريون..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى