“تيران-صنافير”.. وحكاية بن جوريون..؟!
أشرف أبو عريف
على ما يبدو أن التراجع الإقليمى للدور السعودى والكويتى والإماراتى فى الشرق الأوسط أمام الثورة الإيرانية منذ قيامها أخر السبعينيات والفشل المتلاحق للقضاء على الثورة يقف ورء حكاية “تيران-صنافير” بحثا عن إلهوية التى فقدت ظلها فى لبنان والعراق وسوريا واليمن الآن.
المسألة لم تعد “إسلام ومسلمين أو سُسنَّة وشيعة”، بل العصبية القبلية والفشل الذريع للأسر الحاكمة فى الخليج وعلى رأسها آل سعود وطبعا باستثناء سلطنة “عُمان”.. وليس غريبا أن نجد الهرولة حبوا وزحفا وبرقاََ طبقا لمتغيرات الطقس نحو رضا الدولة الصهيونية، ليس إلا لضرب إيران والقضاء عليها باعتبارها باتت وأمست وأضحت الرعب الحاضر والمستقبل للصهاينة والمتصهينين.
ولأن “تيران-صنافير” مازالت حديث الشارع المصرى منذ زيارة الملك سلمان لمصر، تبعها مظاهرات وصدامات بين المعارضين والأجهزة التنفيذية.. وكانت الإعتقالات إلى الآن، وأخيرا تأييد محكمة “مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة” في عابدين، الاستمرار باتفاق نقل تبعية الجزيرتين من مصر إلى المملكة العربية السعودية، إذ قضت بوقف تنفيذ حكم “مصرية تيران وصنافير” الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري في يونيو/ حزيران الماضي، وقضى ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.
فالسعودية ومن خلفها إسرائيل يخططان للهيمنة على الجزيرتين فى إطار المصالح المتبادلة بغذ النظر عن السيادة المصرية والخطر الذى يحدق بقناة السويس حال تنفيذ المخطط الصهيوعودى لانشاء قناة تربط البحرين الاحمر والمتوسط لتكون منافسة لقناة السويس، لان المسافة بين ميناء ايلات والبحر المتوسط ليست بعيدة وتشبه تماماً المسافة التي اخذتها قناة السويس لوصل البحر الاحمر مع البحر الابيض المتوسط.
وستقوم اسرائيل اذا شقت القناة من ايلات على البحر الاحمر الى البحر الابيض المتوسط، بخفض المسافة التي تجتازها السفن في قناة السويس، الى البحر الابيض المتوسط، ثم ان اسرائيل ستقيم قناة ليست على قاعدة قناة السويس، حيث في قناة السويس يستعمل اسلوب يوم تمر فيه السفن من اتجاه الى اتجاه، وفي اليوم الثاني يتم استعمال الاتجاه المعاكس للسفن الذاهبة الى هذا الاتجاه.
وستحفر اسرائيل قناتين مستقلتين، واحدة من البحر الاحمر الى المتوسط، والثانية من المتوسط الى البحر الاحمر، وهكذا لا تتأخر اي سفينة في حين تمضي السفن في قناة السويس اسبوعين كي تجتاز قناة السويس. وتنوي اسرائيل اقامة فنادق ومطاعم ونوادي سهر ليلية على القناة التي ستشقّها، وستسمّيها قناة ‘بن غوريون’.
ومن قبل اعترضت مصر بشدة على هذا الامر، مهددة بقطع العلاقة مع اسرائيل، فلم تكترث اسرائيل، معتبرة ان العلاقات الديبلوماسية مع مصر شبه مقطوعة. كذلك لم تكترث اسرائيل للتهديد العسكري، لان قوة طيرانها وسلاحها قادر على ردع الجيش المصري حسبما يرى المحللون العسكريون، والاردن لن يتدخل في هذا الموضوع، لانه خارج اراضيه.
وستكون القناة بعمق 50 متراً، اي زيادة عن قناة السويس 10 أمتار، وستستطيع سفينة بطول 300 متر وعرض 110 أمتار، وهي أكبر قياس السفن في العالم من العبور في القناة التي ستبنيها اسرائيل.
اما مدة البناء فستكون 3 سنوات وسيعمل في المشروع 150 ألف عامل، يأتون من كوريا ومن دول آسيوية، ومن دول عربية للعمل في هذه القناة ، وستكلف القناة اسرائيل حوالى 14 ملياراً، وتعتقد اسرائيل ان مدخولها سيكون 4 مليارات في السنة وما فوق. هذا اضافة الى ان اسرائيل سيصبح لها اكبر شريان يجمع البحر المتوسط مع البحر الاحمر.
وستحاول اسرائيل إقامة مدن على طول القناة تشبه المدن القديمة والبيوت القديمة على مسافة ضخمة حول القناة، لان ايلات باتجاه المتوسط هي شبه صحراء. واذا نفذت اسرائيل هذا المشروع سينخفض مدخول مصر من 8 مليارات الى 4 مليارات دولار، حيث ستنال اسرائيل 4 مليارات واكثر ، وبالتالي، قررت اسرائيل التخلي عن مصر حتى لو الغت مصر كامب ديفيد، لان اسرائيل واثقة انه اذا قررت مصر الغاء كامب ديفيد فلن تستطيع استعادة سيناء لان القوة العسكرية الاسرائيلية قادرة على ضرب الجيش المصري في حال تجاوزه قناة السويس.
كما ستسعى اسرائيل إلي إقناع الأردن بجرّ مياه من هذه القناة الى البحر الميت، الذي تتناقص مياهه سنوياً، فاذا وافق الأردن فان أنابيب ضخمة ستصبّ من قناة بن غوريون الى البحر الميّت، مقابل أن تقدم للأردن تسهيلات لإقامة فنادق ومنتجعات أردنية على البحر الميّت ، وتشرك الاردن في سياحة اسرائيلية ـ اردنية مشتركة في منطقة البحر الميّت، وتساعد الأردن في إرسال سيّاح الى منطقة بترا، لان الاقتصاد الأردني المصاب بتناقص سلبي، وهو بأمسّ الحاجة الى دعم مالي.
اما على صعيد امن القناة، فستضع اسرائيل اجهزة تجسس في عمق القناة، وستضع في قلب القناة اجهزة مراقبة، كذلك ستقيم اكبر حاجز يكشف الاسلحة ويصوّر بطريقة الاشعة اللايزر كل السفينة التي تقطع القناة ذهاباً أو اياباً. فيما قناة السويس لا تحوي على ذلك.
وستتفق اسرائيل مع 3 مصارف امريكية لاقراضها الـ 14 مليار بفائدة 1 في المئة على ان تردّها على مدى 30 سنة. وهكذا تكون اسرائيل قد بنت القناة من قروض امريكية بفائدة بسيطة بينما هي تستفيد بقيمة 4 مليارات واكثر في السنة.
من هنا نحذر من الخطر الداهم لـ “بن جوريون”.. لذا، لزم التنويه!