بقلم:سليمان الحكيم
فى فيتنام كانت بداية العصر الأمريكى. وفى سوريا كانت نهايته. انتهت أسطورة «أنا ما أقدرش أحارب أمريكا». التى أطلقها السادات مبررا خروجه من حرب أكتوبر «بما قسم لنا» وإيقافها فى منتصف الطريق دون تحرير كامل الأرض.
وفى سوريا أيضا انتهت أسطورة «إسرائيل التى لا تقهر»، وفى سوريا كذلك نجحوا فى إفشال مؤامرة إعادة تقسيم البلاد العربية إلى «كانتونات» تأخذ شكل شبه الدولة. سوريا بلد صغير بإمكانياته، ولكنه كبير بعزيمة شعبه وإرادته. فاستطاعت قوة الإرادة أن تهزم ضعف الإمكانيات.. إنه درس قاس لكل أصحاب تبرير الهزيمة والتخاذل. خمس سنوات من الحرب الطاحنة بين مقاومة تخلى عنها الكثير من أفراد الجيش السورى منضمين إلى معسكر الأعداء. فالجيش السورى كان يحارب نفسه. كما يحارب فيالق الأعداء الذين تكالبوا عليه من كل صوب وحدب. فانتصر الجيش السورى على نفسه، كما انتصر على جميع من حاربوه. سورية انتصرت على نفسها قبل أن تنتصر على الآخرين. لم يكن السوريون يحاربون دفاعا عن بشار. بل كانوا يدافعون عن سوريا دولة واحدة وشعبا واحدا. رافضين إسقاط الدولة وليس فقط إسقاط بشار.
رغم أن بعضهم- وأنا أعلم- أنهم كانوا يسعون قبلها إلى إسقاط بشار. ولكنهم انضموا إليه حين أدركوا حقيقة المؤامرة التى يراد تنفيذها، رافضين شعار إسقاط الأسد، بينما الحقيقة كانت هى إسقاط سورية. وإخراجها من المعادلة العربية. بل إخراجها من التاريخ والجغرافيا. بعد أن استعصت على التركيع والرضوخ أمام الشيطان الصهيوأمريكى. خمس سنوات من الحرب الضروس التى خاضها السوريون، ولم نجدها تعانى من أزمة فى الخبز أو السكر أو الأدوية. لم نسمع فيها من يتعلل بوجود أزمة فى الشارع السورى لأنهم يحاربون الإرهاب.
لقد تكفلت سورية وحدها- دون بقية العرب- بإسقاط مشروع الدويلة الطائفية التى كان يخطط لها أصحاب المؤامرة. وعادت سوريا موحدة بفضل شعبها البطل. مدركين أن وحدة الأرض من وحدة الشعب. لم يكن بشار الأسد يحارب هؤلاء جميعا بطائفته العلوية. أو دفاعا عنها. ولو كان ذلك صحيحا كما يزعم الأعداء ما استمر فى الميدان خمس سنوات كاملة دون أن تلين له قناة. أما ما يقوله هؤلاء المرجفون من أن سورية قد انتصرت بروسيا وإيران وحزب الله. ففى ذلك محاولة للتهوين من الدور البطولى للشعب السورى وقادته. فلم تكن الحرب فى سورية حربا أهلية بين فريق سورى وآخر، بل كانت حربا عالمية تورطت فيها أطراف دولية لتحقيق أهدافها، فخاضها السوريون بدعم من حلفاء لم يخذلوها. فأمريكا- بجلالة قدرها- لم تدخل حربا فى تاريخها منفردة، بل ضمن تحالف دولى. فكيف تطلبون من سوريا أن تخوضها وحيدة بصدر عار دون غطاء حليف؟!
لم تكن سوريا تخوض حربا تدور رحاها على أرضها دفاعا عن سوريا وحدها. بل دفاعا عن أمة عربية أريد لها التقسيم والتشرذم. وأثبت الشعب السورى البطل أن دولة واحدة مجردة إلا من القليل يمكن أن تنتصر- إذا أرادت- على قوى الشر من شذاذ الآفاق. فما بالنا بأمة عربية تخوض حربها موحدة؟! لم تكن سوريا تواجه تحالفا دوليا بل كانت- للأسف- تواجه تحالفا عربيا طعنها فى الظهر، بدلا من أن يحميه. فانهزم الجمع وولى الدبر. سيقف التاريخ طويلا أمام الحرب فى سوريا، ليعطى المزيد من الدروس لكل المنبطحين!.