سلايدرسياسة

مجلس عُمان … تجسيد حقيقي للخيار الديمقراطي والحكم الرشيد

استمع الي المقالة

%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%88%d8%b1%d9%89-1

أشرف أبو عريف

يعكس مجلس عُمان، الذي يمثل المؤسسة البرلمانية بالسلطنة من خلال مجلسين هما مجلس الدولة ومجلس الشورى، قناعة القيادة العُمانية بأهمية الولوج، باتجاه الخيار الديمقراطي وتكريسه في الواقع الوطني، وفق مقتضياته وخصوصياته وتطلعات المواطنين، وفى الوقت ذاته التفاعل مع متطلبات التطور الديمقراطي سواء في الإقليم أو في العالم.

وقد تم بلوغ هذه المرحلة – مجلس عمان – الذي تأسس في العام 1997، بعد 27 عاما من بدء حركة البناء والتنمية في عام 1970، ما يؤشر الى أنه جاء بعد حراك ومراحل وتفاعلات مؤسسية سبقته، ليمثل تطورا طبيعيا في المسار الديمقراطي الذي شكل خيارا استراتيجيا في المشهد العماني، متضمناً أشكالاً وممارسات ذات طابع يتسق مع الخصوصية العمانية.

هذا الاتجاه تجلى في تشكيل المجلس الاستشاري للدولة في عام 1981، فقد سعت القيادة العمانية إلى تعميق مفهوم الشورى وتأطيره وتطويره كأسلوب للممارسة البرلمانية، ووضع أسس الممارسة الديمقراطية السليمة والفاعلة بين القيادة والشعب، وكان في صدارتها هذا التواصل المباشر بينها وبين المواطنين، عبر الجولات السنوية للسلطان قابوس التي تتم سنويا وتشمل مختلف أنحاء السلطنة، وصولاً إلى تشكيل مجلس عمان الذي بات يمثل النسق المؤسسي الذي يمارس فيه مجلسا الدولة والشورى وظائف برلمانية حسب القواعد التي حددها النظام الأساسي للدولة.

وفي مرسوم تأسيسه كان الهدف من مجلس عمان توسيع قاعدة المشاركة في الرأي، بما يؤدي إلى الاستفادة من خبرات أهل العلم وذوي الاختصاص ويسهم في تنفيذ استراتيجية التنمية الشاملة، وخدمة الصالح العام، غير أن نقلة نوعية تبلورت في عام 2011، مع توسيع صلاحياته ومسئولياته التشريعية والرقابية، ضمن التعديل الذي ادخله السلطان قابوس على النظام الأساسي للدولة في ذلك العام، الذي تجاوب مع رغبات شعبية لتحقيق تحولات باتجاه الخيار الديمقراطي.

ومع إجراء انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى العام الماضي، تكرست هذه الصلاحيات، وباتت ملمحا واضحا في التجربة الديمقراطية العمانية، والتي يمكن القول أنها أضحت لها ملامحها وخصوصيتها، القائمة على الممارسة الهادئة، ، معتمدة لغة الحوار والتفاهمات بين مؤسسات الدولة المختلفة، وفى الوقت نفسه تتجاوب مع الطروحات الشعبية، بالقدر الذي يحافظ على الاستقرار، وبناء نسق سياسي يجنب الوطن هزات ظهرت سلبياتها في غير دولة في المنطقة العربية.

ويمكن القول أن التجربة الشورية بسلطنة عُمان، قد شهدت تطورات متوالية في كل مرحلة من مراحلها، توسعًا وتطورًا في الصلاحيات والممارسة البرلمانية وفي عدد الأعضاء ومستوى المشاركة الشعبية في الانتخابات وفي حق مشاركة المرأة ناخبة ومنتخبة،

وبدا ذلك جلياً من خلال الصلاحيات الممنوحة للمجلس والتي كفلها له النظام الأساسي للدولة، إضافة إلى الأدوات البرلمانية التي منحت للمجلس ومنها البيان العاجل وطلب الإحاطة، وإبداء الرغبة، والسؤال البرلماني وطلب المناقشة، ومناقشة البيانات الوزارية وتشكيل لجان تقصي حقائق والاستجواب، كما أن بعض مواد اللائحة الداخلية للمجلس أوضحت بأن للمجلس الحق في استحداث أدوات برلمانية جديدة باقتراح مكتبه أو عشرة أعضاء.

ويبقى التأكيد على أن ما تشهده سلطنة عُمان من تفاعلات على صعيد المؤسسة البرلمانية الممثلة في مجلس عمان وباقي مؤسساتها يعكس مقاربة مع مفهوم الحكم الرشيد الذي حظي في الآونة الأخيرة باهتمام واسع كونه مرتبط بشكل مباشر ووثيق بالتنمية المستدامة، والأنظمة الملتزمة بقوانين غير قابلة للتأويل ومدى فعالية أجهزة الدول التنفيذية في تطبيق هذه القوانين،

وقدرة المجتمعات على التطور وإحداث التغيير، ومدى فعالية مشاركة الأفراد والمؤسسات الخاصة. وهذا ما طبقته سلطنة عُمان على امتداد الستة والأربعين عاماً الماضية، إذ حرصت على ترسيخ مبدأ الحكم الرشيد بكافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع التركيز على الإنسان العماني باعتباره محور النهضة وهدفه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى