إنقلاب تركيا.. سقوط الأقنعة وعودة الروح
أشرف أبو عريف
ما تراه خير، قد يكون شر.. والعكس صحيح! ما يُحسب للرئيس التركي أردوغان هو إنتقاءه للمقادير السوية لكل طبخة مع الوضع في الإعتبار ملامح المكان والزمان بدءاً من توليه رئاسة الوزراء حتي صار رئيسا للبلاد..
وبالرغم من محاولاته الدؤبة علي وضع الجمهورية التركية عند نقطة المنتصف من كل القُويَ، خاصة قطبي العالم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتوابعهم، إلا أن إختلال ميزان الطبيعة الجغرافية وبخاصة ظواهر الطقس المتردية وهذا ما تجلي واضحا في حدوتة “الربيع العربي”.. وتوريط تركيا في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن ومن قبل العراق بالطبع، إذ مالت الكفة بشكل ملفت ناحية الأطلنطي وتحريض أردوغان علي ضرب المقاتلات الروسية طمعا في جنة الإنضمام للإتحاد الأوربي.. غير أن الأخير وبالتنسيق مع أمريكا أرادوا الخلاص من رجب طيب أردوغان وبالتالي سقوط الإسلام السياسى وعودة تركيا للعلمانية وتراجعها سياسيا وإقتصاديا وثقافيا واجتماعيا..
إلا أن قدرة حزب العدالة والتنمية علي تخصيب الشعب التركي بنكهات العيش والحرية والعدالة الإجتماعية علي مدار ما يقرب من ستة عشر عاما كانت جديرة بكسر أنف أمريكا وملحقاتها داخل وخارج تركيا. ورأينا بشكل غير مألوف إستسلام العسكر التركي للقوة الحديدية (الإرادة الشعبية) الصلبة والتي لقنت توابع الغرب درساً قاسيا.. وهنا كان السقوط الأكبر للأقنعة الفوضوية الخلاقة لحلف الأطلسي وعودة الروح..
أنا أختلف مع بعض الأصدقاء الكُتَّاب الذين أتخذوا من إنقلاب تركيا الفاشل إلي حد ما “الشماتة والنقد المبرح”، والنيل من شخص أردوغان لمبادرته الفورية لتصحيح أخطاءه في سوريا عبر البوابة الروسية وبالتالي الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعي لتكوين حلف بزعامة روسية لكسر شوكة الأمريكان وحرافيش المنطقة!
ليس عيباً أن تدرك في لحظة أنك كنت تسير عكس الإتجاه، لكن العيب هي أن تأتي لحظة التصويب ولم تصحح.. وهذا بالطبع لا يعني الإنكسار أو التذلل، وهذا يعنينا كمسلمين وعرب في المقام الأول نُصرة الإسلام وعزة المسلمين بعيدا عن التناحر والقبلية المجنونة والإساءة للإسلام الحنيف الذي يقرب ولا يفرق مهما اختلفت الألوان والألسنة سواء إزاء المسلمين أو غير المسلمين.
فتحية وألف تحية للرئيس التركي علي إيمانه بضرورة إعادة رسم خارطة الطريق والعودة الحميدة للمثلث الروسي الإيراني التركي.. وبالتالي ليس هؤلاء القُويَ الثلاث المستفيدة، بل العالم أجمع حتي الطامعين في الشرق الأوسط من بني الأصفر والأحمر.
وكم أتمني أن يستيقظ أهلنا في الضفة الغربية للخليج ويسيروا علي ضرب التصحيح الذي بدأه أردوغان ومابين العفو والاعتذار عل صعيد ضفتي الخليج تتوقف الحروب المستعرة في العراق وسوريا وليبيا واليمن وبدلا من ضياع بلايين الدولارات منذ قيام ونجاح الثورة الإيرانية وحتي اليوم، يمكننا أن نستثمرها في شى الميادين.
ما يجب فعله الآن هو الإسهام فى تقريب وجهات النظر وليس التباكى والعتاب على ما قد سلف.. لماذا دائما نحن حريصون على الإلتفات إلى الوراء المطلوب أحيانا هو أن نتناسى الماضى وننطلق إلى المستقبل عبر بوابة الحاضر من أجل أمة كثيراََ ما سخرت منها الأمم.