رئيس التحرير
وداعاََ للتخلف.. “الشرقاوى والجندى” رفعا علم مصر فى طهران !
أشرف أبو عريف
ما أضاع وأسقط الأمة الإسلامية فى غياهب الجهل والتخلف والرجعية إلا وهن بعض مسؤلى الأزهر وحماقة تجار الدين.. ولا شك أن سواء هذا أو ذاك، فكلاهما يتحمل ما آلت إليه أمة الإسلام وبُعدها تماما عن ركب التقدم والرُقى والتحضُر وتناسينا أمجاد الرسول وصاحابته الكرام فى مطلع الدين الإسلامى الحنيف..
بصراحة مطلقة، أنا ضد “الحزبية” تماما.. أيا كان مسماها سواء “سُنَّة.. أو شيعة” أو التحزُّب داخل هذه أو تلك لأن كون هناك جماعات تختلف مع بعضها البعض أو حتى داخل الفصيل الواحد .. سُنَّة أو شيعة، لدليل كافى على عدم أهلية هذا أو ذاك بتمثيل الإسلام. وهذا ما يؤكد البُعد الفعلى لنظرية “نتفق فيما أتفقنا عليه.. ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه”. وهذا لم يكن فى عهد الرسول الأعظم محمد (ص) ومن هنا كانت الفتوحات الإسلامية لبلاد العالم شرقا وغربا حتى باتت الأمة الإسلامية التى لا تغيب عنها الشمس. فهذا بلا شك نتيجة فاعلة للوحدة وليس التحزب الأعمى.
إعتراض ما يُسمى فصيل ما، ولا يشرفنى ذكر إسمه أصلاََ، على زيارة قُراء ومشايخ مصر الشيوخ ” محمد يحيى الشرقاوى، ومحمد الشحات ” إلى إيران، هذا إن دل.. فيدل على براءة الإسلام من هذا الفصيل تماما. وبأى حق هؤلاء يعترضوا؟! ومن خوَّل لهم إصلاََ التدخل فى حرية ورأى الغير؟! وأين وزير الأوقاف وشيخ الأزهر من هذه المهازل والمسخرة؟! اليست إيران دولة إسلامية .. وحتى لو غير إسلامية، اليس فرض عين على كل من يدَّعى الإسلام نشره وإحياءه بين المسلمين وغير المسلمين؟! أليست مؤسسة الأزهر منوطة بالتصدى لذوى الفكر الضال والمنحرف ووقف قتل المسلمين للمسلمين فى اليمن وسوريا والعراق وليبيا بسبب حماقات البعض؟!
الزميل سعيد الشحات تناول الأمر بهدوء وروية.. وهذا ما استفزنى لأن الكيل طفح مرات ومرات والله أعلم بالقادم، وأُجزم أنه الأسوأ والأسوأ والأسوأ بسسب صبية أبو جهل.. ومن المؤسف أن تجد عناصر رسمية تشجع وتحرض هذه الحناجر وألسنة الزقوم فى إطار لعبة المصالح القذرة!
فى رمضان الماضى، أفزعنا بسلامته وزير الأوقاف بقراره منع إيفاد القُراء والمشايخ المصريين إلى إيران وقطر وتركيا، متوهما أن بهذا القرار سار بطلا مغوارا ! ووقتها أنتقدت وزير الأوقاف بشدة خاصة أنه لم يتصرف بحنكة وإبداع كوزير الشباب عندما قرر مشاركة مصر فى البطولة الدولية المقامة فى قطر.. ( https://www.aldiplomasy.com/?p=17227 ).. رغم موقف مصر من قطر، وهذا يؤكد سماحة الرئيس السيسى نحو قرار وزير الشباب.
أنا هنا قبل أن ألوم من يدَّعوا حُماة الإسلام ومن نصبَّوا أنفسهم بالألوهية، ألوم وأنتقد بشدة المؤسسة الرسمية الممثلة فى الأزهر، سواء موقفها المتخاذل وعدم تصديها للفكر المتطرف أو عدم جرأتها على إتخاذ خطوات حثيثة للتقريب بين “السُّنة والشيعة”.. إيه المشكلة لما يقوم شيخ الأزهر أو المفتى أو وزير الأوقاف شخصياََ لزيارة طهران أو أنقرة او الدوحة أو حتى القدس والإسهام فى سد الفجوات الفكرية والسياسية وخلافه بين مصر وسائر العالم لأن هذا مكانة مصر وبهذا “تحيا مصر”.. أليس كذلك؟!
ولن أخوض فى مسالة الشيوخ “الشرقاوى والجندى” – الذين رفعا علم مصر فى طهران وشكرا لوسائل الإعلام الإيرانية على حفاوتهم بالمقرئين – التى تناولها الزميل الشحات فى صحيفة اليوم السابع على النحو التالى:
الهجوم على سفر المقرئين يدخلنا فى معارك وهمية سافر المقرئان محمد يحيى الشرقاوى، ومحمد الشحات إلى إيران، وقرءا القرآن هناك، واحتفت بهما وسائل الإعلام الإيرانية، غير أن ما يسمى بائتلاف «خير أمة» السلفى لم يعجبه ما حدث، فطالب مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف ونقابة القراء بالتحقيق معهما. الخبر على هذا النحو والمنشور فى الزميلة «المصرى اليوم» فى عددها الصادر أمس الأول، يزيد من الجراح فى قضية العلاقة بين السنة والشيعة، فبالرغم من كل الخسائر التى يتكبدها الطرفان، إلا أن هناك من يصر على تأجيجها، فيؤسس كيانات تنصب نفسها كحامية للإسلام، وباسم هذا الوهم تنفخ فى النار حتى تزيدها اشتعالا. لا أعرف ما هو الخطأ الذى ارتكبه المقرئان، «الشرقاوى» و«الجندى» بسفرهما إلى إيران، فالشيخان ذهبا لقراءة القرآن الكريم، وبدلا من أن نرى فى هذا الأمر تكريما وتقديرا للمدرسة المصرية الرائدة فى تلاوة القرآن الكريم برموزها العظام، محمد رفعت، مصطفى إسماعيل، محمود الحصرى، عبدالباسط عبدالصمد، محمد صديق المنشاوى، أبوالعينين شعيشع، محمود البنا، طه الفشنى، وغيرهم، وجدنا من ينظر إلى الموضوع بسطحية تتمثل فى كونها «استسلاما للشيعة»، وأن «وسائل الإعلام الإيرانية روجت لإقدام مشايخ السنة والأزهر على الزيارة»، وإذا كان هذا الترويج قد حدث، فما العيب فيه؟ ولماذا لا نعتبره خطوة فى اتجاه التقريب بدلا من التفريق؟ ولماذا لا نراه تعبيرا وتقديرا من الغير بقيمة الأزهر العظيمة فى العالم الإسلامى؟ ينتمى الهجوم على سفر المقرئين إلى عبث الكلام الذى يستهدف إدخالنا إلى معارك وهمية تزكى العنف والفرقة، وتقدم الخدمات الجليلة لكل من يتربص بالمنطقة ؟، وهنا يأتى السؤال، ما الذى قدمه هؤلاء إلى المسلمين ليعنيهم على التقدم والتطور، بدلا من معاركهم التى تجعلنا أضحوكة بين الأمم؟. مضى علينا زمن قريب حكمتنا فيه جماعة الإخوان، ومعها قويت شوكة السلفيين، فكان خطاب تقسيم المسلمين بين سنة وشيعة يتصاعد بإفراط، وصل إلى حد أن محمد مرسى الذى أصبح رئيسا للجمهورية فى غفلة من الزمن، قال فى وعد للسفليين للحصول على أصواتهم إن «الشيعة أخطر على المسلمين من اليهود»، وكان هذا دالا على الطريق المستقيم الذى يصل بنا إلى «داعش» والجماعات التكفيرية الأخرى. بالطبع من المفيد التذكير بمحطات تاريخية لمحاولات عظيمة قام بها شيوخ عظام، من أجل التقريب بين الشيعة والسنة، ورائد هذا الاتجاه هو الشيخ محمود شلتوت الذى شغل منصب شيخ الأزهر يوم 13 أكتوبر 1958، فهو الذى أفتى بجواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة والمعروفة والمتبعة، ومنها مذهب الشيعة الإمامية الجعفرية، وقال نصا فى مجلة «رسالة الإسلام» الصادرة عن «دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة»: «إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية «الاثنا عشرية» مذهب يجوز التعبد به شرعا، كسائر مذاهب أهل السنة، فينبغى للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة». هذا هو الشيخ شلتوت، الرمز الإسلامى الحقيقى الذى يبحث عما يعين المسلمين على تقدمهم، وهذا هو الأزهر الحقيقى المستنير الذى نريده، بدلا من هؤلاء الذين أغرقونا فى التخلف والجهل بجوهر الإسلام، فهيئوا الملعب لكل من هب ودب ليصدر فتاوى تحرم ما أحله الله،فى المحطات التاريخية الأخرى المضيئة فى قراءة مقرئينا العظام للقرآن الكريم فى إيران، يتذكر الشيخ أبوالعينين شعيشع نقيب المقرئين الراحل فى حوار له مع صحيفة الشرق الأوسط يوم 22 يوليو 2006: «وجدت فى إيران شابا يقلدنى، وعندما استمعت إليه اعتقدت أننى أقرأ وأنا فى سنه، ولم أجد فرقا بين صوته وصوتى فى تلك السن، وإيران فيها قراء مستواهم جيد، لأن الإيرانيين يستمعون إلى القرآن بطريقة جيدة، ولأنهم يفهمون المقامات الموسيقية، وهذه المقامات ظهرت فى بلادهم فى فى الأصل».
إلى هنا ينتهى مقال الزميل الشحات.. وتبقى لى كلمة : متى تستفيق أمة ضحكت من جهلها الأمم.. وإلى متى علماء الأزهر الكرام الأوتاد أنتم صامتون؟! أعتقد اننا فى حاجة ماسة للإيمان بثقافة الرأى والرأى الآخر وتفعيل دبلوماسية الحوار وقطع الألسُن السامة.