ليس “أستاذ” وليس “رئيس قسم” ..أليس الجميع “متطرف” ؟!
أشرف أبو عريف
عندما نفتقر للقدرة على قبول الآخر.. ليبرالى لدينى.. دينى لليبرالى.. علمانى لدينى.. دينى لعلمانى.. حتى على مستوى الفصيل الواحد، فمن المؤكد أن هناك عدو متربص بالجميع. ومن المؤكد أن هذا العدو أستطاع إقتلاع القيم السمحة بما فيها المقدرة على سماع وورؤية الآخر بعقلية متفتحة مفادها بالفعل “مصر اولاََ” وليس التغنى بها شكلا والتربص بها مضمونا لتحقيق مكاسب الأنا السياسية والإقتصادية الإجتماعية والثقافية ومن ثم توريثها للأبناء والأحفاد بحكم نظرية العزبة القبلية والعزبة البحرية!
وكسة عالمنا العربى بما فيها المحروسة أن الدراما عمقت وجسمت نظرية “الأنا” على مدار ما يزيد على السبعة قرون، وهذا بالطبع عبر بوابة جحيم رفض الآخر للآخر حتى فى محيط الزوج والزوجة والأب والإبن والعم والخال.. إلخ.
أنا لن أتطرق لقضية حكاية سرقة قصة مسلسل “أستاذ ورئيس قسم” المنظورة أمام القضاء حاليا، ولكن تناول قضايا الإختلاف من منظور “الأنا” وتقزيم الآخر للآخر حتى يسود هو أو هى متوهما أنه أو أنها الملاك وما دونه أو دونها شياطين وخزعبلات.. فهذا مؤداه تمزيق وتفتيت وتقطيع أواصر المجتمع حتى أضحى الجميع يسير عكس مسار الجميع ونمت بيننا أمراض الحقد والحسد والكراهية وهبش ونبش ومُراءاة الأخ لأخيه ورفض سما الآخر للآخر وهُلمَ جرة..
المسلسل محل الجدل يتحيز لفكرة “اليسار” ويقذف بالتيار الإسلامى قذفا متناولا سلبيات بعض العناصر وتعميمها على كل التيار وهذا بالشىء الخطير لأن ما يعنينى هو تصليط الضوء على السلبيات وصبها فى قالب تربوى. وكما كنت ضد لعب الثوار بما فيهم الإخوان على وتر “فلول” أيضا أنا ضد اللعب على وتر “إخوانى/ليبرالى/علمانى/إلخ”. وكنت أتمنى أن يتناول المسلسل القضية من منطلق التقريب مع تصويب الخطأ وأنه على مؤسسة الأزهر أن تستعيد دورها عبر عناصرها الثقال.
الدراما المصرية تتحمل كل نكبات المحروسة لسبب توريث العناصر الغير موهوبة للعب الأدوار ذات المقاسات المختلفة لأجسام وعقول هؤلاء. وباتت الدراما تعمل وفق مزاج وهوى من يدفع أكثر، وعليه أُصيبَ المُشاهدْ العربى عموما والمصرى خصوصا بمرض العشى الليلى والعتَهْ العقلى والعاطفية الساذجة وإلتواءات وإنكسارات البدن وبات يفتقر للقدرة على النقد والتحليل.
أتصور أن دور الدراما هو تقريب المسافات بين الفرقاء بعد تلطيفها وترطيبها فى إطار “المصداقية.. الإستقلالية.. الموضوعية” باعتبارها مُصلح إجتماعى وقاضى محكمة الشعب لضمان جودة الغرس وسلامة النماء وعذوبة مذاق الحصاد اليانع وليس الحصاد المُر أو الأسود. من هنا الجميع رابح وعلى رأس الرابحين النظام الحاكم أياََ كان الزمان أو المكان حتى لا نقول “عفواََ.. بضاعتكم رُدت إليكم” سواء كانت داعشية أو قاعدية أو أو ..إلخ.
إعادة هيكلة الأجهزة المعنية بالدراما وعلى رأسها “الرقابة الفنية” لتصدير ما هو صالح للمجتمع بكامل فئاته ومنع ما هو نتن باعتبار المسألة ليست قضية بل قضايا أمن قومى.. وبالتالى يمكن الإتكاء على الجهات المعنية للمجتمع كل فيما يخصه لسبب بسيط أن أفراده أضحوا لديهم القدرة على حُسن التصرف وتحمل المسؤلية..
فياكرام.. وياسادة “ألم يئن الآوان لخلع الزائدة الدودية لكل منا ويقبل كل منا الآخر لأن الجميع مُلاك لهذا الوطن وليس فصيل بعينه.. “لا.. لا. لا” لتصنيفات فلول أو إخوانى أو ليبرالى أو علمانى أو مسلم أو مسيحى بل ” أنا مصرى ” لأن الكل يرتوى بماء النيل، إذن الكل “بكَّار”.. اليس كذلك؟!