
أشرف أبو عريف
تحت عنوان “دور الإعلام في الأمن والسلام”، سلطت ندوة عقدت في العاصمة القاهرة الضوء على عمق العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة قطر، وذلك بمشاركة سعادة السيد طارق علي فرج الأنصاري، سفير دولة قطر لدى مصر المندوب الدائم للدولة لدى جامعة الدول العربية، كضيف شرف، إلى جانب نخبة من الدبلوماسيين والإعلاميين والفنانين.
وعقدت هذه الندوة مؤسسة الأهرام الصحفية، كما نظمت معرضا تحت عنوان “قطر في عيون الإعلام”، لإبراز الحضور القطري اللافت في الصحافة المصرية خلال القرنين الحالي والماضي، وذلك من خلال عرض مجموعة من المقالات والتقارير الصحفية التي سلطت الضوء على دور دولة قطر في مختلف المجالات، لا سيما على صعيد تعزيز التعاون الثنائي مع مصر، ودفع العمل العربي المشترك للدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وفي كلمته خلال الندوة، أشار سعادة السيد طارق علي فرج الأنصاري، سفير دولة قطر لدى مصر المندوب الدائم للدولة لدى جامعة الدول العربية، إلى أن انعقاد هذه الندوة يأتي بالتزامن مع احتفال مؤسسة الأهرام الصحفية العريقة بمرور 150 عاما على تأسيسها، لافتا إلى أن الندوة تركز على مسألة مهمة تتعلق بدور الإعلام في تحقيق الأمن والسلام، وهي تتجسد بشكل كبير في رؤية قطر الوطنية 2030، والتي تهدف إلى نشر الإعلام البناء والصورة السليمة.
وأضاف سعادته أنه لن تكون هناك تنمية دون أمن وسلام، منوها بالتزام دولة قطر بالأهداف والاستراتيجيات والمواثيق الدولية التي تؤكد على صون دور الإعلام وأهميته في تصحيح الأفكار المغلوطة في هذا الشأن، وكذلك بالدور المهم الذي تقوم به دولة قطر كعضو فاعل ومسؤول في منظمات الأمم المتحدة المعنية، فضلا عن الالتزام بالمواثيق العربية ذات الصلة، ومن بينها ميثاق الشرف الإعلامي العربي الذي يتطرق إلى أهمية أن يكون الإعلام مسؤولا وهادفا، ويساعد في تقريب الشعوب مع بعضها البعض من خلال توجيه رسالة سلام بين كل الفئات والأعمار المختلفة، وكذلك بين الدول التي هي في إقليم واحد مثل الدول العربية.
وفي هذا السياق، قال سعادة السفير طارق علي فرج الأنصاري: إن التحديات الجديدة والناشئة التي تمر بها المنطقة العربية أبرزت الحاجة الملحة لدور إعلامي عربي فاعل لتسليط الضوء على أهمية وحدة الموقف العربي، والجهود المبذولة في هذا الشأن، والتي انعكست بشكل واضح في الدور المهم الذي قامت به دولة قطر وجمهورية مصر العربية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال تسخير الدولتين الشقيقتين العوامل المشتركة بينهما من أجل الانخراط في المفاوضات التي قادت لهذا الاتفاق، والعمل بشكل دؤوب لتنفيذه وتثبيت الهدنة.
وأوضح سعادته أن نجاح الجهود المشتركة للبلدين الشقيقين يعود بالأساس إلى ما تتمتع به مصر من ثقل سياسي وعسكري، وكونها دولة جوار جغرافي لفلسطين، وكذلك ما تمتلكه دولة قطر من دبلوماسية رشيقة لها دور في التفاوض لحل النزاعات، لافتا في هذا الصدد إلى حرص دولة قطر تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على الحفاظ دوما على العلاقات مع مصر، حيث تربط البلدين علاقات عميقة ليست وليدة اللحظة وإنما تمتد لعقود طويلة، وهو ما جسده المعرض المقام في إطار هذه الفعالية تحت عنوان “قطر في عيون الإعلام”، حيث ضم مجموعة من الموضوعات الصحفية التاريخية التي تدلل على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين.
وفي السياق ذاته، نوه السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، بانخراط مصر ودولة قطر خلال العامين الماضي والحالي في عملية تفاوض ووساطة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث تكللت تلك الجهود بالنجاح، لافتا إلى أن استخدام مصطلح “الدبلوماسية الرشيقة” لوصف دبلوماسية دولة قطر يعبر بجلاء عن نوعية الدبلوماسية التي تقوم بها، والأدوار المتعددة التي قامت بها ليس عربيا فقط، وإنما على الصعيد الدولي.
وفيما يتعلق بدور الإعلام في تحقيق الأمن والسلام، قال العرابي إن دور الإعلام بشكل عام يؤكد على ترسيخ دعائم الأمن والسلم، وإن من أهم الأدوار التي قام بها الإعلام مؤخرا نقل مشاهد عملية عودة الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى ديارهم في الشمال، معتبرا أن هذه الصورة الإعلامية بالغة الأهمية لوضع إطار سياسي لما هو قادم، حيث أثبتت وبرهنت على أن الشعب الفلسطيني قال كلمته الأخيرة رغم كل ما يقال على عمليات التهجير، حيث قرر العودة إلى دياره المنكوبة رغم الدمار الذي لحق بها.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد فايز فرحات رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية: إن انعقاد هذه الندوة يأتي في لحظة اختبار مهم للعلاقات العربية، حيث تبرز تجارب مهمة للتنسيق على الصعيد العربي في هذا الشأن، ممثلة في العلاقات بين مصر ودولة قطر، مشيرا إلى أن التنسيق بين البلدين الشقيقين نجح في مواجهة لحظة من أشد اللحظات خطورة في المنطقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأوضح أن مصر وقطر استطاعتا التعامل مع موقف معقد جدا في الوقت الراهن، وأصبح اسم الدولتين يذكر دائما بالثناء على جهودهما المشتركة التي بذلت على مدار شهور طويلة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتذليل العقبات التي تواجه تنفيذه، وهو ما يعد نموذجا يحتذى به للتعامل مع ملفات أخرى في المنطقة، مشددا على أهمية دور الإعلام في إبراز رسالة تعزز الأمن والسلام وترسخ القيم والأخلاق في المجتمعات.
ومن جانبه، لفت السفير المصري خالد شمعة إلى أن العلاقات بين مصر وقطر ممتدة منذ عقود، مشيرا إلى أنه لمس لدى دولة قطر اهتماما كبيرا بتنويع مجالات التعاون مع مصر، من خلال الأفكار والمبادرات التي يطرحها سعادة السيد طارق علي فرج الأنصاري سفير دولة قطر لدى مصر المندوب الدائم للدولة لدى جامعة الدول العربية.
كما لفت إلى أهمية زيادة التعاون الإعلامي بين البلدين، لا سيما من خلال مؤسسة الأهرام العريقة، التي تمتلك ثقلا على مستوى الشرق الأوسط، مضيفا أن الإعلام يمكن أن يلعب دورا مهما في زيادة التعاون البناء بين الدول.
وفي الإطار ذاته، أكد الكاتب القطري جاسم فخرو أن العلاقات بين مصر ودولة قطر تتمتع بخصوصية كبيرة على المستوى الشعبي كما على المستوى الرسمي، لافتا إلى وجود حرص كبير لدى الجانبين على تعزيزها على كافة المستويات.
وأشار إلى التفاعل الإيجابي لدى الشعبين المصري والقطري حيال تعزيز هذه العلاقات، وهو ما ينعكس في الرسالة الإعلامية لدى البلدين، وكذلك من خلال التواصل والتفاعل الثري على مواقع التواصل الاجتماعي، منوها كذلك بقصيدة كتبها للتعبير عن هذه المودة التي تجمع البلدين الشقيقين من خلال وشائج قوية، مضيفا أنه يعتبر دائما أن مصر لها نصيب من كل دولة عربية ومن كل بيت عربي.
بدورها، أشارت السيدة سوسن عز العرب، رئيس تحرير مجلة البيت ونصف الدنيا، إلى أن الندوة شهدت حوارا مثمرا حول العلاقات بين مصر ودولة قطر على ضوء عمق وتاريخ هذه العلاقات، وما شهدته من نقلة نوعية كبيرة خلال السنوات الماضية، معربة عن التطلع إلى تعزيز التعاون بين البلدين، لا سيما فيما يخص الملفات الاقتصادية وزيادة حجم الاستثمارات.
وحول دور الإعلام في تعزيز الأمن والسلام بالمجتمعات العربية، قال السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية: إن من أبرز الأدوار التي يقوم بها الإعلام هو استتباب السلم والأمن في المجتمعات العربية، مشيرا إلى أن دور الإعلام أساسي في إشاعة قيم السلام ومحاربة التطرف، وترسيخ دعائم دولة القانون والحكم الرشيد، مضيفا أنه لا يمكن تصور أمن أو سلم مجتمعي دون تصور هذه المعطيات والتحديات الأساسية التي تعد دعائم دولة القانون وحقوق الإنسان، وتمكين المواطن من المشاركة السياسية.